السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مطلوب دولة رشيقة وعدم انحراف الحراك وبكركي ترى الرئيس أولاً والبقية تأتي

حبيب شلوق
مطلوب دولة رشيقة وعدم انحراف الحراك وبكركي ترى الرئيس أولاً والبقية تأتي
مطلوب دولة رشيقة وعدم انحراف الحراك وبكركي ترى الرئيس أولاً والبقية تأتي
A+ A-

للشيخ بيار الجميل، رحمه الله، عبارة شهيرة كان يرددها عندما كان يطلب البعض من المسيحيين ان لا يخافوا، في وقت كانت لصلاح خلف ("ابو اياد") نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وهو في عز "نشوة" السيطرة على الارض اللبنانية و"الجيوب" العربية، مقولة شهيرة تقول "إن طريق القدس تمر من جونية"، وهذه العبارة هي "لا يمكن ان تقول للإنسان لا تخف إنما عليك ان تجعله لا يشعر بالخوف".


هذه العبارة للشيخ بيار ترددت في لقاء ضم مجموعة سياسيين مسيحيين الأسبوع الفائت في معرض الحديث عن تركيز البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على طلب انتخاب رئيس للجمهورية، وبلغ في مطالبته حد اعتباره النواب ولاسيما منهم المقاطعين مسؤولين عن انهيار الدولة، لمجرد عدم انتخاب رئيس يعيد الحياة الى الدولة والكيان اللبنانيين.
وتعزو هذه المجموعة القلق البطريركي الى تجارب مر بها المسيحيون خصوصا منذ اتفاق الطائف الى اليوم، من تقليص لدورهم الى انتقاص من مناصبهم الإدارية، الى عدم احترام المشاركة في الحكم والمناصفة في الوظائف. ومن هنا ربما كان تفهم البطريركية المارونية لحراك المجتمع المدني ضد الفساد والذي يعبرفي نظر الكثيرين خصوصا عن ٣ أشياء هي:
أ - الغضب الذي يعم الناس من الوضع الذي يعيشونه.
ب - يأس الناس من الزعامات التقليدية واعتبار انها فشلت ولم تعد قادرة على الإصلاح.
ج - ابتعاد الناس ولو نسبيا عن اصطفافاتهم التقليدية، وهذا يزيد الهوة بين التقليد السياسي وبين الأجيال الطالعة.
ولكن في المقابل تبدو مشكلة هذه الأجيال المعترضة انها تفتقر الى ثقافة سياسية حقيقية ويخشى من انحراف حراكها نحو الغوغائية، اذ مهما كانت المطالب محقة، فإن التحرك يجب أن يرافقه إطار سياسي كما لو كان عودة الى الفكر الاشتراكي وإعطاء الدولة إدارة كل الشؤون واعتبار القطاع الخاص في لبنان الذي هو أساس اقتصاده كما لو انه قطاع مصاصي دماء، وهذا الانحراف يؤدي بدل جعل الدولة دولة رعاية (تأمين ضمان الشيخوخة والتعليم والطبابة والاستشفاء والثقافة وغيرها)، دولة تنفيعات على حساب المال العام.
والمطلوب في رأي هذه المجموعة وفي هذا الوقت بالذات إبراز قيادات حقيقية تضبط هذا الحراك في اتجاه إقامة دولة عصرية ودولة حداثة وليس الاكتفاء بشعارات تبقى مجرد شعارات.
صحيح في رأي كثر ان هذا الحراك مبارك من أوساط شعبية عدة نظراً الى سوء إدارة الدولة والمحاصصة منذ اتفاق الطائف الى اليوم، والى الفساد المعشش في كل الأوساط والادارات، وصحيح ان الحراك طريق الى مجتمع مدني ضابط للشطط في الدولة، إنما ثمة خوف من انحرافه عن وجهته الصحيحة واستغلاله من الفكر الغوغائي الذي يقضي عليه، بمعنى انه - من وجهة نظر المجموعة نفسها - لا يجوز أن يصل الى المطالبة بـ"التأميم" وهو نظام سقط مع البيريسترويكا.
من هنا تَرَى قيادات ومثقفون ما تراه بكركي ان مهمة الدولة هي ضبط إيقاع الاقتصاد ومنع السرقات وليس الحلول محل القطاع الخاص في بلد ليست له موارد أساسية. وتذكر أن الفساد غير محصور في النفايات والمحاسيب والدوائر الرسمية، انما تشير إلى أن قطاع الكهرباء في لبنان كان قبل عام 1960 أفضل من أي دولة في المنطقة وكان يؤمن للدولة مدخولاً واضحاً، الا انه بدأ يخسر نحو ملياري دولار سنوياً عندما تسلمه القطاع العام، أضف الى ذلك نحو مليارين آخرين من بدلات اشتراكات المولدات وتدني نسبة الإنتاج بسبب انقطاع التيار، أي ما مجموعه اربعة مليارات دولار سنوياً يخسرها الإقتصاد الوطني، فضلاً عن عدم تعيين مجلس إدارة لمؤسسة الكهرباء منذ 2010 ورئيس مجلس إدارة جديد منذ 1998.
وفي اختصار ان بكركي تريد دولة رشيقة، وتريد رعاية اجتماعية تمر بتأمين نهاية خدمة لجميع الناس، وتريد شبكة أمان اجتماعي وطبابة وتعليماً ولا تريد كما كثيرين انفلاش الادارة وتنفيعاتها.
والمطلوب دولة وليس سياسيين يعتبرون الدولة ملكاً لهم، والمطلوب مواطنة ودولة حديثة وثواب وعقاب وليس سماسرة ومكاتب خدمات، وقبل كل هذا مطلوب ضابط إيقاع يؤمن التوازن ويقود الدولة وينطق باسمها ويمثلها لدى كل المحافل ويكون حكما وممثلا للجميع، مطلوب انتخاب رئيس للجمهورية والبقية تأتي.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم