الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عاجنُ الضَّوء بالألوان... علي طليس "سفيرُ" المتوحدين الى العالم

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
عاجنُ الضَّوء بالألوان... علي طليس "سفيرُ" المتوحدين الى العالم
عاجنُ الضَّوء بالألوان... علي طليس "سفيرُ" المتوحدين الى العالم
A+ A-

المرج اخضر. مرج علي. كان منكبًّا على تشذيبه، عندما حصلت المفاجأة. "هذا ما اريده بالضبط. مرج اخضر تماما كالذي صنعته، على خلفية بيضاء"، قال له رجل غريب كان يمر من هناك. وبأقل من 3 ساعات، باع علي اولى اللوحات التي كان يرسمها مباشرة تحت انظار جمع من الناس، على مقربة من لوحات لرسامين كبار ومحترفين. وكان مبتسماً.


في حدائق من كل الالوان، "يعيش" علي طليس، الرسام المتوحد. تلك هي عجائبه، ويوزعها بكرم: مروج وبحار وامواج وسموات وحقول مزهرة وورود ووجوه ليست ككل الوجوه، يتخيّلها، ينقطها بالاحمر والاصفر والاخضر والازرق والبني، يعجنها بالالوان، "يفلشها" على فسح بيضاء، حلما جميلا من نسجه وحده. "سأبدأ بالشجر الاخضر. اليوم، سارسم ايضا ورودا حمر"، قال وهو جالس على كرسيه، برداء الشغل الابيض. و"شرقط" ضوء بين الاصابع ... حتى آخر ضربة ريشة.



 


مع معلمته في "الجمعية اللبنانية للتوحد" رولا راشد.


و"شرقط" الضوء
في تلك الساعة، كان علي سعيدا. ما يؤجج فعلا سعادته هو الرسم. وان يكن متوحدا، فان موهبته تفيض في الارجاء. "انا علي طليس، تلميذ في الجمعية اللبنانية للتوحد. وعمري 24 عاما"، يعرّف عن نفسه بعفوية. "احب كثيرا رسم الطبيعة، وايضا الشجر. وحلمي ان اكمل الرسم"، يقول لـ"النهار". من اقصى جناح "الجمعية اللبنانية للتوحد" الى اقصاه في "بيروت آرت فاير" في "بيال"، ترامت حقول علي وحدائقه الجميلة على الجدران. "سفير" الجمعية يعتمد في لوحاته "تقنية التنقيط، وايضا البوب آرت. كذلك استخدم الوان الاكليريك، اي الاحمر، الاصفر، الاخضر، الابيض، الازرق، وايضا البني".


هذه المرة، حمل معرض طليس عنوان: "Flowery Autism Happening". وكانت مفاجأة كبيرة: رسمٌ مباشر أمام الحضور طوال ساعات عدة. انه معرضه السادس في مسيرته الفنية، والرابع ضمن معرض بيروت للفن، والذي اقامته شركة "ألفا"، بإدارة "أوراسكوم للإتصالات"، برعاية وزير الاتصالات بطرس حرب، في اطار برنامجها للمسؤولية المجتمعية "ألفا من أجل الحياة". ورسمه المباشر يُعتبر احدى ثمار "تدريبه المستمر ضمن "العلاج عبر الفن" الذي تقدمه اليه "ألفا"، وتشرف عليه نقيبة محترفي #الفنون التخطيطية والرسوم التعبيرية ريتا مكرزل".



منكبًا على الرسم، تحت انظار رئيسة الجمعية اروى الامين حلاوي.


"مدام" مكرزل، كما يسميها علي، من الاشخاص الذين طبعوا مسيرته الفنية. وهناك ايضا "الماما، البابا، اخوتي، و"مِس" رولا (راشد) التي احبها كثيرا". "لقد شجعوني جميعا. واشكرهم"، يقول. وممن يشملهم ايضا بالشكر والامتنان، "استاذ مروان حايك (المدير العام لـ"الفا") والين كرم (المديرة التنفيذية للشؤون الإعلامية والعلاقات العامة في الشركة)، و"مدام" اروى (الامين حلاوي) رئيسة الجمعية".


في معرض "بيال"، كاد النصاب يكتمل: هنا افراد من العائلة لازموه طوال ساعات، هناك "مدام" اروى و"مِس" رولا. وعلى مقربة، مملثون لشركة "الفا". على احد الجدارن، لوحتان اخريان له: "بورتريه" لأروى، وآخر لرولا. البابا سبق ان رسمه. ورسم ايضا النقيبة ريتا... ونفسه. كرسام محترف، يستعد كل مرة لتقديم جديده: "من 25 الى 35 لوحة في كل معرض، ابتداء من العام 2008"، تقول راشد. والمدة التي يتطلبها انجاز الواحدة منها يراوح من "5 او 10 ايام"، على قوله. حتى اليوم، حققت لوحاته مبيعا جيدا، "واخرى في طور البيع". والعمل مستمر.



 من اعماله: "بورتريه" لحلاوي.



افضل "سفير"
من البدايات، رافقته راشد في الجمعية. "علي يتمتع بمهارات كثيرة، وبقدرة استيعاب قوية"، على قولها. وكان الرسم من المهارات التي "لاحظناها لديه في الجمعية. فعمدنا الى تنميته من خلال برنامج خاص. وقد ساعدته كثيرا في الصف، الى ان وجدنا فيه رساما فنانا، صاحب موهبة قوية، وبلغنا مرحلة اقامة معارض له. وما امكن تحقيق ذلك من دون مساعدة "الفا" ومكرزل".


"التكاتف بين المجتمع المدني والشركات الخاصة" من الامور التي تشدد على اهميتها حلاوي، لاسيما في تحقيق البرامج وتطويرها. "هذا الدعم من "الفا"، ولاسيما مكرزل، ساعد كثيرا علي. لو كنا نعمل وحدنا، كجمعية، لما امكن تطوير مهاراته". طوال اعوام، شاهدت حلاوي علي يتقدم ويتطوّر، "بما اثلج قلوبنا. لقد تطوّر كثيرا. اشعر بسعادة، لاننا حققنا ونحقق معه نتائج جيدة ومثمرة".



احدى لوحاته.


الشعور نفسه يعتري اهل علي. "العائلة فخورة جدا به، لانه فنان مرهف الاحساس"، يقول عمه. "صحيح اننا تعبنا عليه، لكننا لقينا جزاء هذا التعب. لقد بذل شقيقي جهودا كبيرة مع ابنه، واصرّ على المثابرة بصبر، وحاول الكثير من اجل تعليمه، حتى اوصله الى ما هو عليه اليوم. علي انسان منتج، وفنان مثله كاي شخص عادي". كل مرة يمسك علي بالريشة، يكون الشعور "رائعا". "العائلة وقفت دوما الى جانبه. ومن المهم جدا ان يقبل الاهل حالة ولدهم ويساعدوه. لذلك، تابع شقيقي ابنه في شكل وثيق، كي يحقق معه نتيجة. وهو يواصل العمل معه، كي يكون فاعلا، ويتكل اكثر على نفسه في المستقبل".


والمستقبل واعد لعلي الذي يحب ايضا التمثيل والغناء، وهو ضابط ايقاع على الطبلة. في الطموح الذي يأمل في تحقيقه، اقامة معرض في فرنسا السنة المقبلة. "سأكون سعيدا بالذهاب الى فرنسا، وبان تنتشر لوحاتي في ارجاء العالم"، يقول. الوصول الى فرنسا يعني ايضا للجمعية اللبنانية للتوحد" امرا مهما: "نريد ان نبيّن ان المتوحد هو كغيره من ابناء المجتمع. وقد يكون موهوبا، ورساما، وصاحب وظيفة ايضا"، تقول راشد. وعلي افضل "سفير".


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم