الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تداعيات الاتفاق النووي على لبنان والمنطقة

ريمون عبود
A+ A-

بوجود ما يسمى قيادات سياسية غارقة في مستنقعات الفساد والارتهان، والاستخفاف والاستهتار، والتعنت والهوس بالسلطة، وعدم المسؤولية في تأجيل الانتخابات النيابية، وتعطيل الانتخابات الرئاسية ومع شعب خنوع ومدجّن يمجد قيادات كهذه، يحق للمواطن اللبناني المتحرر من المذهبية والارتباطات الخارجية، والحريص على مستقبل بلده، أن ينتفض على هذا الواقع المزري ويعبّر عن غضبه بالنزول الى الشارع.
ومن حق اللبناني أن يقلق من توقيع الاتفاق النووي، فغاليا ما تكون الاتفاقات على حساب الدول الصغيرة. لم ينس اللبنانيون تداعيات اتفاقية "كمب ديفيد" التي على أثرها اندلعت الحرب اللبنانيةـ، لتتحول حربا عبثية. كذلك الصفقة الاميركية مع حافظ الاسد، واخضاعنا لوصاية سورية نهبت ثروات الوطن، ورعت الفساد واستبدلت الطقم السياسي القديم بأمراء الحرب وبعض الرعاع. ما يخشاه اللبنانيون صفقة اميركية – ايرانية، تقرّ بالنفوذ الايراني في العراق وسوريا ولبنان، فالسياسة الاميركية آخر اهتماماتها حقوق الانسان وتطلعات الشعوب، وما يدعو الى الريبة، تصريحات بعض المسؤولين الايرانيين: "ستعم الفرحة العراق ولبنان". اضافة الى تصريحات أحد وكلائها المعتمدين الذي يزمجر ويرعد ويهدد متوعدا: "ان ميزان القوى تغيّر، ما بعد الاتفاق غير ما قبله". إيران بلد يملك امكانات اقتصادية هائلة، تراوده أحلام وطموحات لاستعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية، مستغلا سقوط المشروع العربي التنويري والحضاري، الذي لم يبق منه سوى شعارات الناصرية والبعثية، والتي حولت الوحدة والاشتراكية والحرية، قمعا واغتيالا وتسلّطا. الحصار على ايران أدى الى انكماش اقتصادي وتدهور اجتماعي، مع اصرار على تصدير الثورة، مستغلة الوجود الشيعي في البلدان العربية، فتحول "حزب الله" رأس حربة في مشروعها التوسعي. الصراع بين منطق الدولة واستمرار الثورة عرفناه في التاريخ الحديث بين كاسترو وتشي غيفارا الذي رغب في نشر الثورة في القارة الاميركية، بين ستالين وتروتسكي الذي صُفّي بطريقة وحشية، ليتواطأ ستالين مع الغرب لاحباط الثورات في المانيا واسبانيا واليونان... رغم دعم الاتحاد السوفياتي بعض الانظمة الديكتاتورية، ساهم في مساعدة شعوب العالم الثالث، بتوفير المنح الدراسية، وكان للبنان نصيب وافر، فتخرج آلاف المهندسين والاطباء، لكن ويا للأسف ينطبق على بعضهم قول الامام علي: "اطلبوا الخير من نفوس شبعت ثمّ جاعت لأن الخير فيها باقٍ، ولا تطلبوا الخير من نفوس جاعت ثم شبعت لان الشحّ فيها باقٍ". نأمل ان يتقدم في ايران تيار الاصلاح والاعتدال والانفتاح، ويطرح شعار "ايران أولا" للتفرغ للوضع الداخلي المتدهور، ولتطوير البنى التحتية وتأمين الرفاهية للشعب الايراني، الذي بدأ يتململ من انفلاش بلده ولا سيما اذا وظفت الاموال المفرج عنها، في استمرار دعم نظام الاسد البائد، و"حزب الله" المتفلت من الضوابط، وتتصرف عناصره وسراياه كأنها فوق القانون. ما يأمله اللبنانيون، بعد أن تخلوا عن دورهم وأظهروا عجزهم عن ادارة أمورهم: تقارب ايراني – سعودي يوصل الى اتفاق على رئيس للجمهورية، واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنتهج ايران سياسة انفتاح على الدول العربية، لدرء الاخطار ووقف التمدد الارهابي والتكفيري. أم امام تراجعها في اليمن والعراق وسوريا، يزداد تصلبها في لبنان ليبقى رهينة؟ ولا بد من الاشارة الى أن بعض اللبنانيين بدأ العودة الى رشده وادراكه مخاطر الاندفاع وراء قيادات متهورة، جرته من هزيمة الى أخرى، والعودة الى المبادئ والقيم التي جسدها العميد ريمون اده في مسيرته السياسية، فمن استفاد من ارثه وتراثه وخطه الوطني كان أول من تنكر له، بعد افلاسهم يتسابقون الى تكريمه وهذا اعادة اعتبار لهم وليس لشخصه. هذا لا يسري على بلدية جبيل التي عودتنا على مبادراتها الكريمة في تكريم رجال الوطن وفي مقدمهم ضمير لبنان ريمون اده.

ريمون عبود

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم