خطة شهيّب سقطت كالشهب على مناطق المطامر...فهل تستوعب أزمة الوطن؟

بدل المطمر مطمران، وبدل المكبّ مكبّان، هو مضمون خطة الوزير أكرم شهيب السحرية، التي سقطت كالشُهب على المناطق "المستهدفة"، خطة متعدّدة البنود تطال عكار، السلسلة الشرقية، صيدا، برج حمود ورأس العين، من دون أن تستثني مطمر الناعمة الذي كان له منها نصيب إعادة فتحه أسبوعًا. مجلس الوزراء أقرّ الخطة ويبقى التنفيذ. لكن هل استشير المعنيون في المناطق التي كان لها نصيب استقبال نفايات الجميع، وفي حال رفضهم للحل المستدام كيف سيحولون دون تطبيقه؟

الشروط المطلوبة

مجلس الوزارء أقرّ "مسار حلّ بيئي مرحلي ومستدام، وأمن بقراره الخروج من أزمة النفايات إلى الإدارة المتكاملة والأنسب للملف البيئي ". لكن وبحسب شهيب "هذه الخطة تحتاج إلى التزام سياسي واضح من كل القوى السياسية في تحمل مسؤولياتها أمام المواطنين، كما أنها تحتاج إلى تفهم من كل المواطنين خصوصًا أبناء المناطق التي لُحِظت في الاقتراحات لإقامة مواقع معالجة وطمر تستوفي الشروط الصحية والبيئية والعلمية المطلوبة لمدة لن تتجاوز 18 شهراً من تاريخ البدء بالحلّ المتكامل". فهل تتفهّم المناطق التي سقط عليها "شُهب" الوزير شهيب خطته؟

شملت الخطة مناطق عدة وقع عليها الاختيار لتكون الصدر الرحب الذي يتقبل "أوساخ" الغير، حيث نصّ البند الثاني لمقرارات مجلس الوزراء "الموافقة على اعتماد مطمرين صحيين يتم تحضيرهما وفق المعايير البيئية في منطقة سرار في عكار، ومنطقة المصنع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، بعد استطلاع رأي اتحادات البلديات واستخدام معمل معالجة #النفايات في صيدا لاستقبال جزء من الكميات خلال المرحلة الانتقالية واستكمال دراسة استخدام مكبّ برج حمود في المرحلة المقبلة في اطار خطة تأهيله بما يخدم انماء المنطقة وفق الدراسات التي تعدّ لهذه الغاية مع البلدية والجهات المعنية وتكليف مجلس الانماء والاعمار إعداد الدراسات اللازمة مع وزارة البيئة لتأهيل مكبّ رأس العين والمباشرة بتلزيمه".

"حاضرون بشروط"
ارسال نفايات العاصمة وجبل لبنان لم يكن جديداً على مسامع العكاريين، وردًّا عليه جاءت حملة "عكار منا مزبلة"، لكن هناك اختلافاً في النظرة الى الموضوع، فالنائب معين المرعبي رأى عبر "النهار" أن "الشيء الوحيد الذي لم يكن موفّقًا في خطة الوزير هو ربط النفايات بالإنماء، فلا علاقة للأموال التي هي حقّ مكتسب لنا من توزيع 503 مليون دولار على كل المناطق اللبنانية تطبيقًا للقرار 99 تاريخ ايار 2014 حيث استثنيت حينها عكار، ثانيا، عند تأمين هذه الاموال، يجب مراعاة الشروط البيئية والصحية في مطمر سرار، نحن حاضرون لنكون جزءًا من الحل شرط ألا تكون الاموال منّة من احد او مرتبطة بموضوع النفايات".

وفيما اذا تمت مناقشة المعنيين بعكار قبل وضع الخطة، أجاب "التقينا بالوزيرين شهيب ونهاد المشنوق وحدّدنا الامور بالشراكة، ورفضنا ان تتحمل عكار كافة مشاكل بيروت وجبل لبنان. لذلك تمّ شمل برج حمود والسلسلة الشرقية وصيدا، واليوم ما يحصل هو تنفيذ مطالبنا لتبقى العبرة بتنفيذ الشروط البيئة والصحية وإنشاء لجنة اهلية للاشراف على العمل والتأكد من اتباع التدابير الصحية والبيئية لعدم الاضرار بالمواطنين".

"منّا مزبلة"
لكن مختار بلدة سرار احمد نجدي ردّ بغضب حين سئل عن رأيه "من قال إن عكار مزبلة، المسؤولون نائمون لا يوجد غير الشعب يتحرّك"، كما علّق احد ناشطي حملة "#عكار_منا_مزبلة"، غيث حمود قائلاً: " يريدون طمرنا بالنفايات، نحن نقدّم كل شيء للدولة، وهي تذكّرتنا بارسال النفايات إلينا. لن نقبل بذلك، واليوم سيكون لنا تجمع في ساحة العبدة للوقوف في وجه قرار الحكومة الجائر دون الأخذ في الاعتبار الأخطار البيئية المترتبة على ذلك، وسنستمر في تحركنا حتى التراجع عن هذه الخطة".

رفض مطلق
الغضب الأكبر يتملّك رئيس بلدية #مجدل_عنجر يوسف العجمي الذي قال "لن نقبل بنقل النفايات الى اي منطقة في البقاع ، لم نطلّع على الخطة قبل اقرارها، ولا نعلم الدافع وراء اختيار منطقة أثرية، ولديها مياه جوفية لتكون مطمرًا، عدا عن الاضرار البيئية التي ستلحق بنا ومن يحاول ان ينقل النفايات بالقوة سندفنه بدلا منها". وكذلك كان حال المختار احمد العجمي "الوضع غير مقبول ولم يكن لدينا علم بذلك، تفاجأنا بالخطة مباشرة على الاعلام وعلى ما أعتقد يقصدون مكبّ النفايات الذي يبعد ثلاثة كلم عن المصنع".

"لن يفتح أبوابه"
نص البند الثالث من الخطة انه "بالتزامن مع تنفيذ البند السابق، الموافقة على نقل النفايات المتراكمة في منطقة بيروت وجبل لبنان التي لم تطمر بين 17-7-2015 وتاريخه الى #مطمر_الناعمة، الذي يفتح لهذه الغاية لمدة سبعة ايام، على ان تبدأ بعدها فوراً اعمال التتريب والتغليف والتخضير وإنتاج الطاقة الكهربائية، لتوزّع مجانا على القرى المجاورة". لكن رئيس بلدية الناعمة أمين فخر الدين أكّد لـ"النهار" الرفض المطلق لإعادة فتح المطمر، مؤكداً "انه لم تتِمّ استشارته قبل وضع الخطة وإقرارها".

وأصدرت البلدية بياناً جاء فيه انه "وإنسجاما مع قرارات ومواقف المجلس البلدي السابقة، أكد المجتمعون بالاجماع عدم الموافقة على إعادة فتح المطمر حتى ولو لساعة واحدة".
كما أكد الناشط في حملة اقفال مطمر الناعمة الدكتور اجود عياش لـ"النهار" أن "كلام الوزير مرفوض، والحديث عن اقتصار فتح المطمر لأسبوع كلام لا نصدّقه، بعد ان فقدنا الثقة بهم وبوعودهم وضماناتهم، نعلم ان هناك حاجة للمطمر بعد تكديس ما بين 70 الى 100 الف طن من النفايات في شوارع لبنان، لكن كيف سيتم فتحه بعد ان تمكّنا من اغلاقه قبل حوالي 53 يوماً؟ القرى المحيطة بالمطمر تغلي لكن لم يتبلور اي قرار حتى الساعة عن كيفية الرد".

الى ذلك، جدّدت فاعليات وهيئات سياسية وحزبية وبلدية في صيدا رفضها التام، لاستقبال اي كمية من النفايات في صيدا من خارج المنطقة.
وقال رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، تعليقاً على خطة شهيب، بأن مدينة صيدا لن تستقبل كميات إضافية من النفايات من خارج نطاق اتحاد صيدا والزهراني وعين الحلوة قبل تأمين مطمر للعوادم.
واضاف: "هذا هو قرار فاعليات المدينة بالإجماع، التي أكدت استعدادها لتكون صيدا جزءاً من الحل البيئي الشامل في لبنان، حيث إن المعمل بإمكانه تقنيا معالجة لغاية 200 طن إضافية من النفايات يوميا، إلا أننا لن نستطيع استقبال هذه النفايات إلا بعد تحقيق شرط تأمين المطمر للعوادم، وسبق أن قدمّنا مكانًا ليكون مطمرًا ونحن بانتظار الموافقة عليه، ودون تحقيق هذا الشرط لن نستقبل أيّة نفايات جديدة".