الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سبع سنوات في أثينا: مسؤولية اليونان ومسؤولية أوروبا

جبران صوفان
سبع سنوات في أثينا: مسؤولية اليونان ومسؤولية أوروبا
سبع سنوات في أثينا: مسؤولية اليونان ومسؤولية أوروبا
A+ A-

لا أدري إذا كان شنق المحكوم عليه بحبلٍ من حرير او تكبيل يديه بأصفاد ذهبية، يخفف من معاناته ويوفّر له أحلاماً سعيدة، يرنو إليها، بين الحين والآخر، كل البشر مهما اختلفت مواقعهم. ولكنني في الحالة اليونانية، أشكك في إنصاف الحكم وفي قدرته على معالجة أزمة اليونان نهائياً بتطبيق شروط تزهق أرواح اليونانيين، دون أن يعني تقويمي للأمور إبراءهم من المسؤولية أو تجاهل الإنعكاسات المالية على جيوب سواهم من الدائنين والشركاء الأوروبيين.


إذا سلمنا بأن أشباه الحلول السائدة في العلاقات الدولية قائمة أساساً على موازين المصالح وليس على العدل، فإنني أعتقد بأن خطّة المساعدات الأخيرة بقيمة 86 مليار أورو هي أقلّ من حلّ ناجع لأكثر من مجرّد أزمة مالية، لأنّ المسائل العالقة في اليونان متنوّعة الوجوه، عميقة الجذور، ولا تقتصر فقط على الجانب المالي الذي كشف العلل. فالبلاد عانت من "أزمة قِيَم متلازمة مع الأزمة الاقتصادية والمالية"، كما شخّص بواقعية رئيس الحكومة الأسبق جورج باباندريو لدى تسلّمه السلطة في تشرين الأول 2009. وعلى هذا الأساس، واذا ستقام الوضع المالي، بناءً على الجرعة الأخيرة من الوصفات الأوروبية، فمعالجة أزمة القِيَم، في أيّ بلدٍ، ترتبط بأنماط العيش وبسلوك المواطن تجاه دولته واقرانه ونفسه، ممّا يتطلّب سنوات طويلة وتضحيات. وقد بدأت هذه المسيرة بالفعل في اليونان.
لقد اتاحت لي مهمتي الديبلوماسية كسفير للبنان في اليونان، والتي استغرقت سبع سنوات، معرفة هذا البلد عن كثب، ومشاركة اليونانيين أتراحهم قبل أفراحهم بحكم العيش المشترك وواجب التعاضد مع شعبها. وفي ضوء هذه التجربة أبدي بعض الملاحظات على تراكمات الماضي ومن ثم على خطة المساعدات الأخيرة.


أولاً – تراكمات الماضي
1 - وهن الأحزاب التقليدية وركاكة البنية الحزبية: يخطئ من يظن بأن الشعب اليوناني، باللجوء الى الإضرابات والتظاهرات، يكتفي فقط بالتعبير عن رفضه لتدابير التقشّف والضرائب التي أرهقت كاهله. فهذا الكمّ الهائل من الضرائب شكّل فرصة لرفض النهج السياسي القديم في البلد ومعه الممارسات السياسية التقليدية وأربابها منذ عقود. وقد أثبتت التجارب بأنه لم تكن لدى الحزبين التقليديين الاشتراكي المعدل "باسوك" و"الديموقراطية الجديدة" (يمين وسط)، اللذين تعاقبا على السلطة منذ تأسيسهما عام 1974، القدرة على الصمود في وجه الأحداث.
ونظراً إلى بنية الاحزاب اليونانية وطبيعتها الاقرب الى تحالفات مراكز قوى منها الى أحزاب عصرية، ونظراً إلى تأثير العامل الشخصي والعائلي فيها، عانى الحزبان الرئيسان من التفتت الذي جعل من الحزب الاشتراكي الخاسر الاول، إذ دفع رئيسه السابق جورج باباندريو الثمن غالياً بقبوله ببرنامج القروض والمساعدات الأوروبي بقيمة 110 مليار أورو والذي أقرّ بتاريخ 2/5/2010، بعد انسداد الخيارات الأخرى أمامه، ولا سيما الاستدانة من الأسواق العالمية. وفي جردة سريعة لنتائج أربعة إنتخابات نيابية منذ العام 2009 ولغاية كانون الثاني 2015، خسر الحزب الاشتراكي 147 نائباً، لينتهي بكتلة صغيرة مؤلّفة من 13 نائباً. أما الحزب التقليدي الآخر، المعروف بـ"الديموقراطية الجديدة"، أو حزب يمين الوسط، فقد بقي اكثر تماسكاً من الحزب الاشتراكي، وإنما اضطر رئيسه أنطوني ساماراس الى تشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب إثر انتخابات مبكرة في 17 حزيران 2012 لينتهي الحزب المحافظ بـ76 مقعداً عام 2015 اي بخسارة 53 مقعداً في مجلس النواب مقارنة مع عام 2012.


2 - العصيان في صفوف الاحزاب الناشئة:
الحزب اليساري سيرزا: يبدو أن العصيان والانشقاق لاعتبارات مبدئية أو لحسابات شخصية هما ظاهرة عامة في الأحزاب اليونانية. وقد اظهرت الأحداث بأن الأحزاب الناشئة تفتقر أيضاً الى التلاحم لأنها أقرب الى الكتل منها الى الاحزاب، وأكتفي بمثل واحد. خاض حزب اليسار سيرزا بزعامة رئيس الحكومة ألكسيس تسيبراس الانتخابات النيابية منذ تشرين الاول 2009 ولغاية كانون الثاني 2015 على أساس برنامج انتخابي رافض للخطط الأوروبية والتقشف المالي. وبعد قبول تسيبراس مكرهاً بالشروط الأوروبية الصارمة في تموز الماضي لقاء تمويل ثالث لليونان، تعرّض حزبه سيرزا للاهتزاز بعد عصيان 39 نائباً منه خلال التصويت على قوانين تقشف وإصلاح بتاريخ 16 تموز 2015.
3 - تأثير العائلات العريقة على مسيرة الحزبين التقليديين وردود الفعل الشعبية المطالبة بالتغيير: من المعلوم بأنّ قوى محلية وسياسية وازنة وعائلات تقليدية شكّلت العمود الفقري لهذا الحزب او ذاك. وقد خلق هذا الفرز ردّ فعل سلبياً لدى بعض الطبقات الشعبية، مما يفسر نتيجة الانتخابات النيابية خلال أربع دورات على التوالي، تزامنت مع الأزمة المالية. وبالرغم من النفور الشعبي، لا يمكن تعميم الانتقاد لمجرد النتساب الى هذا الحزب أو ذاك.
4 - مشكلة الشعارات والوعود الإنتخابية: كثرت الوعود خصوصاً خلال سنوات الأزمة وبعد ان ضاقت سبل العيش امام الكثيرين، وتصدّرت البرامج الانتخابية. كما انتقد البعض او جرّح، فصادف تأييداً شعبياً أوصله الى السلطة، وفي مرحلة لاحقة انتهج خطاً متعارضاً مع وعوده أو ما لبث ان عدّل فيها او تغاضى عن بعضها. ومثاله تعرّض السيد جورج باباندريو لانتقاد رئيس ونواب حزب المحافظين لقبوله بخطّة المساعدات الأوروبية الأولى وبشروطها. وبعد فوز حزب المحافظين في انتخابات حزيران 2012، تابع رئيسه النهج الأوروبي ذاته.
واخيراً ظاهرة حزب اليسار سيرزا، إذ خاض الانتخابات النيابية المتوالية على أساس برنامج مغاير للحزبين التقليديين ورافض للحلول الأوروبية والتقشفيّة، الى ان حلّ أولَّ في انتخابات كانون الأول 2015، ولكنّ رئيسه قبل مكرهاً بخطّة الإنقاذ الأوروبية الثالثة لأنها أفضل من "الكارثة المالية" كما قال، دون التمكّن من تلافي العصيان داخل صفوفه. وأدّى ذلك الى تصدّع داخل الحزب وتعالي أصوات، وزير الصحّة مثلاً، تطالب بانتخابات نيابية مبكرة، فمن البديهي ان يدعو رئيس الحكومة الى انتخابات جديدة مبكرة للحاجة الى وكالة متجدّدة من الشعب اليوناني بعد قبوله بخطّة المساعدات الأوروبية الثالثة.
5 – تزامن صعود اليسار المتجدّد واليمين المتطرّف: انّ الأزمة المالية الخانقة معطوفة على تراكمات الماضي، دفعت شريحة كبيرة وناقمة من الناخبين للبحث عن بدائل من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، خاصّة مع تدهور الأوضاع المالية الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة (28 في المئة عام 2013). في هذه التربة ينمو التطّرف، مثل سطوع نجم حزب "الفجر الذهبي"، المعروف بـ"الحزب النازي الجديد" او "الحزب الفاشي". وبالرغم من الإخلال بالقوانين وموجة العنف الملازمة لاسمه واعتقال ومحاكمة رئيسه وبعض أعضائه بجرم قتل مغنٍّ يوناني بتاريخ 18 أيلول 2013 وإنشاء تنظيم إرهابي، حافظ الحزب على مكاسبه الانتخابية منذ العام 2012، محققاً المرتبة الثالثة في الانتخابات النيابية مطلع 2015 بفوزه بـ17 مقعداً في مجلس النواب اليوناني. وقد تخوّف رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك من التطرّف في أوروبا ومن هذه الظاهرة بالذات "اكثر من العدوى المالية" لأنها قد تصبح برأيه "توطئة للثورات".
6 – تأخّر الإصلاحات القديمة: تأخّرت اليونان في استكمال إعادة النظر في بعض قوانينها وأنظمتها لتجاري قواعد الاتحاد الأوروبي ومنطقة الأورو، علماً بأنّ الإصلاحات المطلوبة أصبحت معروفة ومنشورة، دون ان يعني ذلك التغاضي عن الجهود التي بذلتها الحكومات اليونانية المتعاقبة خلال سنوات الأزمة، ومنها المحاولات الجادة لتحرير بعض المهن وتحديث الجامعات والمستشفيات والخصخصة. وإنما التراكمات بحدّ ذاتها تُفاقم الأزمة، فتغدو معها الحلول صعبة ومكلفة. ولا أدل على الأرث الثقيل من قول وزير يميني بارز لي: "التاريخ طاقتنا و الماضي مشكلتنا".


ثانياً – خطّة المساعدات الثالثة: حلّ ضروري ونتائج غير مضمونة
أفهم من خلال تجربتي في العمل الديبلوماسي بأنّه في العلاقات الدولية لا توجد، عملياً، ضمانات بل تطمينات. ولا يبدو بأنّ أحداً من أصحاب العلاقة يضمن نتائج برنامج القروض والمساعدات الثالث لليونان، وإن كانت إحدى نتائجه في الأمد المنظور تجنيب اليونان الإفلاس وإعادة اللحمة الى البيت الداخلي الأوروبي. فقيمة الدَّين العام بلغت حتى تموز 2015 حوالى 323 مليار أورو أي ما يقارب 177 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي. وحسب بعض المصادر، يصل المبلغ الى 356 مليار أورو، وقيمة الفائدة السنوية للدين المذكور حوالى 23 مليار أورو. فكيف يبدو الحل في ضوء البرنامج الثالث المعلن عنه في تموز 2015؟ وهل ان اليونان قادرة على تسديد الدَّين قبل سنوات طويلة، مع إيلاء الاهتمام اللازم بمسائل أخرى في البلد ذات انعكاس مالي؟ والجواب قطعاً لا ما لم يجرِ تعديله أو تقديم أولويات على أخرى فيه.
فبالرغم من ظهور بوادر التعافي، الا ان قيمة الدَّين العام والفوائد المرهقة تتجاوز قدرات اليونان وإمكاناتها المالية. والحلّ هو باتباع توصية صندوق النقد الدولي وإعفاء اليونان من بعض ديونها كي تتمكّن البلاد من تحمّل الدَّين والعمل على إيفائه. وهذا الطرح مستبعد صراحةً في البيان الصادر عن قمّة الرؤساء في مجموعة الأورو بتاريخ 12 تموز الماضي، مع ترك البدائل منه واردة مثل إعادة جدولة الديون وتأخير استحقاقها، علماً بأنّ المصارف الأجنبية الدائنة أعفت اليونان عام 2012 من حوالى 100 مليار أورو من قيمة سندات الخزينة بحوزتها.
في كل الأحوال، يشرّع البيان الباب أمام مرحلة جديدة من الروابط بين اليونان وشركائها الأوروبيين قد يكون عنوانها الأساسي بقاء اليونان في منطقة الأورو اإستجابةً لرغبة السواد الأعظم من اليونانيين والبالغة نسبتها 82 في المئة حسب رئيس المجلس الأوروبي. وعلى أمل توطيد الثقة بين الشركاء ونجاح البرنامج الثالث، الأكثر تشدداً ودقّة في الاتحاد الأوروبي كما جاء في "الفايننشال تايمز"، أبدي الملاحظات التالية:
1 – أخطأ اليونانيون بالإسراف في الإنفاق ويتحملون مسؤولية الأوضاع التي آلت اليها بلادهم. ولا أريد التطفّل بالحكم على الخفايا والنيات عند هذا الفريق أو ذاك. حسبي القول إن بعض الاتفاقات والقواعد الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي لم تخلُ من الثغرات. فالقواعد التي نصّت أصلاً على آلية الانضمام الى منطقة الأورو لم تحدد آنذاك أصول الخروج منها. ثمّ ان تلك القواعد ملزمة لجميع الدول الأعضاء فيما اقتصاداتها متفاوتة القدرة والمناعة. فمن الطبيعي، ان يكون تفاعل الاقتصادات مختلفاً. لذلك يبقى التوازن داخل منطقة الأورو، مع مقتضيات المساعدة اللازمة، حاجة بديهية، كي تبقى العملة المشتركة رمزاً لأوروبا متماسكة، تحول دون نبش القبور وعظائم الأمور... من هنا يندرج الدور الإيجابي والتوفيقي الذي لعبه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالتنسيق مع حكومة اليونان وبمؤازرة رئيس جمهوريتها بروكوبيس بافلوبولس، الفرانكوفوني الثقافة.
2 – ان الإكثار من الضرائب مثل الإكثار من استعمال المضادات الحيوية، لا ينفع ويؤدّي الى نتائج مضرّة. لذلك فنجاح برنامج المساعدات، يتوقّف برأيي على العناصر الجديدة فيه والمختلفة عمّا سبقها، وفي مقدمها إطلاق النموّ وتشجيع الاستثمارات وخلق البيئة اللازمة لها. أضف الى ذلك إيلاء الاهتمام اللازم بالجانب الإنساني من الأزمة اليونانية. كما ان تأخير تحقيق الفائض الأولي او حتى النهائي، مرحلياً او ريثما تلتقط البلاد أنفاسها، لن يضرّ، لصرف القيمة المتوقّعة للفائض او جزء منها على مشاريع مجدية للشعب ولخزينة الدولة. ولا بأس في هذا الصدد من التذكير بقول نابوليون "إن انعدام الصبر على تحقيق النصر يؤدّي الى الخسارة". ويفترض أيضاً استثناء القطاعات المنتجة من الضرائب الجديدة. ففي بلد، استقبل حوالى 17,5 مليون سائح عام 2013 كما قالت وزيرة السياحة للسفراء العرب عام 2014، وحوالى 22 مليون سائح في العام التالي حسب إحصاءات "بنك اليونان"، أخشى ان تتأثر الحركة السياحية بصورة سلبية من زيادة نسبة الضريبة على القيمة المضافة في الفنادق، كذلك الحال بشأن رفع الضريبة على تعرفة سيارات النقل السياحية. وهذه العوامل مجتمعةً ترتدّ على غلاء المعيشة في البلد. وآمل ان تتمكّن التفاصيل المتفق عليها بين الطرفين من تدارك العناوين الكبيرة الواردة في برنامج المساعدات. ولا شكّ في أنّ ما رشح بتاريخ 11 آب عن تلطيف موجبات اليونان بشأن تحقيق نسبة من الفائض الأولي خلال السنوات الثلاث المقبلة هو خطوة مشجعة.
3 - إن الاستثمارات الخارجية التي تحتاج اليها اليونان، مرتبطة بالإصلاح وفقاً لتشخيص رئيس مجموعة الأورو. هذا صحيح ولكن الاستثمارات تبحث دائماً عن البيئة الصالحة والحوافز، ونقيضها هو الضرائب. وقد سعيت باسم السفراء العرب، خلال مهمتي، الى تدارك زيادة الضرائب على شركات الاستثمار وشركات الـ"الأوف شور" اللبنانية والعربية، فتعاطى اليونانيون مع الموضوع بحكمة. وتعود المسألة الى الواجهة مجددا. وحيث إنه كثر الحديث في المدّة الأخيرة عن خروج اليونان من منطقة الأورو، أعتقد بأنه من المصلحة بمكان طيّ هذه الصفحة من التداول السياسي والإعلامي، لأنّ هذا المخرج، سيخلق شكوكاً لدى المستثمرين، ليست في مصلحة اليونان والدائنين.
4 – ان بيان مجموعة رؤساء الأورو الصادر بتاريخ 12 تموز 2015 يذكّر بالدساتير المكتوبة والمفصّلة، والتي يصعب مبدئيا تطبيقها بحذافيرها. وقد أتى البيان، لناحية الأسلوب، أشبه بمطالعة النيابة العامة. وأتساءل اذا كان البيان يعكس أيضاً صيغة "لا غالب ولا مغلوب"، كما تحدّث كبار مسؤولي منطقة اليورو صباح الاثنين 13 تموز 2015.
5 – ان حظوظ نجاح الخطة الثالثة ترتبط الى حدّ معيّن بالاستقرار السياسي وبالعناية الاجتماعية والأمنية اللذين توفرهما حكومة وفاق وطني طالما ان أكثرية الأحزاب ماضية في الخيار الأوروبي.
6 – أخيراً يتوّجب إكمال الجهود التي بدأها رؤساء الحكومات اليونانية السابقين منذ العام 2009 لتعزيز الاقتصاد التنافسي.
وحصيلة القول، إن أزمة الدَّين العام في اليونان تزامنت مع مجموعة تراكمات مختلفة الأحجام، لم تسلم أوروبا من تداعياتها، ولا القواعد الأوروبية المتوافرة في حينه استطاعت تلافي وقوعها او هي عرفت كيفية التعاطي مع اقتصادات متفاوتة القدرة. فكان التشريع والاجتهاد تبعاً للمستجدّات. لذلك يتقدّم، برأيي، دور أصحاب الرؤيا على أرباب المحاسبة للحفاظ على أوروبا متوازنة. وبالرغم من تشدّده وصرامته، يجسّد البرنامج الأوروبي الثالث، الإرادة المشتركة لمساعدة اليونان، الدولة المدينة والتي لا تزال دائنة للعالم بالحضارة. ويجب عدم فصل هذه الناحية عن هويتها. ومن المفيد التذكير بقول الرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي كما ورد في كتاب "الاستراحة" لوزيره فريديريك ميتران: "لن أترك أبداً اليونانيين يسقطون. لقد كانوا بالفعل فلاسفة عندما كنا لا نزال أكلَة لحوم البشر". ومع ذلك آمل ان يعي الأصدقاء اليونانيون بأنّ هذه الفرصة الأخيرة قد لا تتكرر.


سفير لبنان السابق لدى اليونان
(2007 - 2014)

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم