الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

3 آلاف لاجئ سوري إلى أوروبا يومياً و2500 قضوا غرقاً هذه السنة مفوضية الأمم المتحدة لـ"النهار": استراتيجية أوروبية موحّدة

3 آلاف لاجئ سوري إلى أوروبا يومياً و2500 قضوا غرقاً هذه السنة مفوضية الأمم المتحدة لـ"النهار": استراتيجية أوروبية موحّدة
3 آلاف لاجئ سوري إلى أوروبا يومياً و2500 قضوا غرقاً هذه السنة مفوضية الأمم المتحدة لـ"النهار": استراتيجية أوروبية موحّدة
A+ A-

صورة تلو الاخرى تسجل معاناة السوريين الهاربين من الموت الى الموت، ولعل من أكثرها إيلاما مشهد ذلك الطفل الهامد على وجهه على أحد شواطئ تركيا، وهو واحد من 12 شخصا قضوا بعد غرق قاربين أبحرا من جنوب تركيا في طريقهما الى جزيرة كوس اليونانية.


مأساة الطفل السوري ليست إلا تجسيدا لخيبة آلاف وآلاف من السوريين الآخرين الذين يقضون غرقا او اختناقا او ينتهون في سجون دول تعاملهم كأنهم غزاة يحاولون اجتياح أراضيها. مأساة هؤلاء لا تقلل حجم نكبة آخرين يعيشون من قلة الموت في مخيمات دول الجوار، إلا أن تفاقمها في الآونة الاخيرة أبرز فشلا جديدا للمجتمع الدولي في التعامل مع أسوأ مأساة انسانية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
الطفل السوري بقميصه الاحمر وسرواله الازرق يبدو كأنه نائم على شاطئ رملي في بودروم بتركيا. لكن الواقع غير ذلك. فالطفل لفظ أنفاسه بعدما غرق مع ثمانية آخرين كانوا مع 14 شخصا في قاربين انطلقا من منطقة أكبارلار في شبه جزيرة بودروم التركية. وبين القتلى خمسة أطفال وامرأة، فيما أنقذ سبعة اشخاص ووصل اثنان الى الشاطئ وهما يرتديان سترتي نجاة ولا يزال شخصان مفقودين.
وقد تزايدت كثيرا في الآونة الاخيرة حركة الانتقال من تركيا الى اليونان بحرا. ورصدت وكالات الاغاثة انتقال 2000 شخص يوميا في آب الماضي الى الجزر الشرقية لليونان في قوارب مطاط. والثلثاء، أعلنت الحكومة التركية انقاذ خفر السواحل أكثر من 42 ألف مهاجر في بحر إيجه منذ مطلع 2015 وأكثر من 2160 الاسبوع الماضي وحده.
الواضح أن اللاجئين، وغالبيتهم سوريون، الذين يدفع كل منهم الف دولار على الاقل للمهربين بدل هذه الرحلة الخطرة، يستفيدون من هدوء البحر خلال الصيف. ومع ذلك، ثمة رحلات كثيرة تغرق بعد أن تمتلئ القوارب المطاط بركاب يفوق عددهم قدرتها على الاستيعاب.


المفوضية السامية
وصرح مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين فراس كيال لـ"النهار" بأن نحو 2500 شخص لقوا حتفهم غرقاً هذه السنة لدى محاولتهم الوصول الى أوروبا مستخدمين قوارب لعبور البحر الابيض المتوسط في مقابل 3,500 شخص قضوا في المتوسط العام الماضي.
وتشير ارقام المفوضية الى تزايد اعداد اللاجئين السوريين الذين وصلوا الى اوروبا هذه السنة عنها في 2014، ذلك ان اكثر من 3 آلاف شخص، غالبيتهم من اللاجئين السوريين وطالبي اللجوء من جنسيات أخرى اضافة الى المهاجرين، وصلوا الى اوروبا في الاشهر الثمانية الاولى من 2015، بينهم 200 الف حطوا رحالهم في اليونان بعد رحلة شاقة في مقابل 110 آلاف وصلوا الى السواحل الايطالية.
وفي غياب افق الحلول السياسية للأزمات التي تعصف بسوريا، أفاد كيال أن المفوضية تتوقع استمرار وصول اللاجئين خلال الفترة المقبلة بمعدل ثلاثة آلاف شخص يوميا تقريبا".
ومع تزايد موجة اللجوء وتفاقم المأساة الانسانية الناجمة عنها، ما هي الخطوات التي تتخذها المفوضية في هذا المجال؟ أجاب كيال: "نحن على تواصل مستمر مع حكومات الدول الاوروبية من اجل اتخاذ التدابير اللازمة ومراجعة السياسات الاوروبية للجوء بما يسمح بمعاملة افضل للاجئين وفتح الحدود امامهم ليحصلوا على الحماية التي جاؤوا من اجلها.
اما تجار البشر "العديمو الاخلاق والذين يتاجرون بأرواح الابرياء "فيجب في رأيه محاسبتهم "وهؤلاء المهربون لا ينشطون فقط في البحر الابيض المتوسط وانما ايضا عبر الحدود داخل الدول الاوروبية"، في اشارة الى الحادث المأسوي الذي راح ضحيته اخيرا 71 شخصا قضوا اختناقا في شاحنة لدى تهريبهم عبر النمسا.
وتنسق المفوضية على نحو مستمر مع دول الاتحاد الأوروبي المعنية مباشرة بالأزمة، اضافة الى المفوضية الأوروبية. وفي هذا الشأن، استرعى الانتباه موقف المانيا التي اوقفت اعادة طالبي اللجوء من السوريين الى الدول التي دخلوا منها اراضي الاتحاد الأوروبي، معلقة عمليا تطبيق اتفاق دبلن الذي ينص على اعادتهم.


ألمانيا وأسوج
ولفت كيال الى الموقف "المميز والانساني" للحكومة الالمانية والمستشارة انغيلا ميركل خصوصا التي دعت الى معاملة اللاجئين في اوروبا معاملة حسنة والافساح في المجال للاجئين للبقاء قانونياً على ارضها، مضيفا ان اسوج أبدت تعاونا ممتازا لاستيعاب عدد غير محدد من اللاجئين، متمنيا على الدول الاوروبية الاخرى ان تحذو حذوهما في القريب العاجل اذ "لا بد في هذا الخصوص من استراتيجية اوروبية واضحة للتعامل مع هذه الأزمة تخلص الى استيعاب عادل للاجئين في عموم الدول الاوروبية بدل سياسات فردية لكل دولة على حدة".
شأن كل النزاعات التي تتسبب بموجات هجرة وتدفع الناس الى المجازفة بحياتهم هربا من الحروب، يبقى الحل النهائي لهذه الأزمة حلا سياسيا شاملا. ولكن الى حين تحقيق ذلك، شدد كيال على ان ثمة اجراءات عملية ينبغي اتخاذها سريعا، منها انشاء مراكز استقبال على حدود أوروبا الجنوبية تقدم فيها المساعدات الطارئة للاجئين وطالبي اللجوء مع مراعاة الحالات الخاصة للنساء والاطفال والعجزة. "هؤلاء بشر في نهاية المطاف ولا بد من أن يعاملوا بطريقة انسانية ومنظمة بدل أن يتركوا فريسة لعصابات التهريب وتجار البشر".
الى ذلك، رأى وجوب درس اوضاعهم وفقاً للمعايير الدولية و"من تنطبق عليهم معايير اللجوء، كالسوريين الهاربين من الحرب مثلاً، يجب توزيعهم داخل الدول الاوروبية وفقاً لنظام عادل وفعال كي لا تضطر دولة أو اثنتان في أوروبا الى استقبال غالبية هؤلاء اللاجئين بينما دول أخرى أوروبية لا تستقبل إلا عدداً ضئيلاً منهم".


دول الجوار
والأزمة في أوروبا خطفت الاضواء أخيراً، لكن الازمة في الدول المجاورة لسوريا الى تفاقم بدورها. وأقر كيال بأن اعداد اللاجئين الذين هم في حاجة الى مساعدة يزداد بشكل مطرد. ففي لبنان كل شخص من أصل أربعة هو لاجئ سوري. هذه الزيادة تأتي في ظل عجز كبير في قيمة التمويل المتوافر لدى المنظمات الدولية العاملة على اغاثة اللاجئين السوريين.
وأوضح أن ما وصل حتى الآن هو 37 في المئة فقط من المبلغ الذي طالبت به هذه المنظمات من خلال النداء الذي وجهته في كانون الأول الماضي. وهذا يعني ان ما يقارب 60 في المئة من برامج الاغاثة التي كانت هذه المنظمات تنوي تنفيذها في الدول المجاورة معلقة نتيجة نقص التمويل. لذلك، ناشد كل الدول المانحة تقاسم الاعباء من طريق التمويل مع دول الجوار التي تستضيف بكرم أكثر من أربعة ملايين لاجئ سوري منذ أكثر من أربع سنوات.


[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم