الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في لبنان...غُدر به داخل سيارة أجرة!

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
في لبنان...غُدر به داخل سيارة أجرة!
في لبنان...غُدر به داخل سيارة أجرة!
A+ A-

في تمام الساعة السابعة والنصف عصراً وبعدما أنهى دوام عمله انتظر جهاد سيارة أجرة لتقلَّه من مكان عمله في منطقة سن الفيل إلى السبتية. توقف قربه سائق أجرة، وطلب "سرفيسين" ليوصله إلى منزله، فاتفقا نهائياً على مبلغ "ثلاثة آلاف" ليرة لبنانية. صعد جهاد إلى داخل السيارة، دار حديث مطوَّل بينهما. ولدى الوصول إلى منطقة السبتية أعطى جهاد السائق مبلغ 20 دولاراً أميركياً، فقام الأخير بإرجاع البقية وهي عبارة عن 7 آلاف ليرة لبنانية، وورقتي 10 آلاف. نزل جهاد من السيارة، وتوجه إلى منزله، وبعد دخوله حمل المال ليتفقده، فتبيَّن له أنَّ ورقتي الـ 10 آلاف مزورتان وخاليتان من رمز "الأرزة" وهو الحريص دوماً على مثل هذه الأمور إلا أنَّ حظه كان عسيراً هذه المرَّة. اتصل جهاد فوراً بالقوى الأمنية، مبلغاً بما حصل معه، فكان السؤال: "هل استطعت الحصول على رقم السيارة". أجاب جهاد "كلا، لم أتمكن من ذلك، ولكني أعرف مواصفات السائق، ومواصفات السيارة بالتفصيل". فكان الرد التالي: "لا نستطيع مساعدتك".


النظر، الثني واللمس


هذه الحادثة تسلط الضوء على مسألة تزوير العملات ومدى انتشارها في لبنان، وكيف ساهم المصرف المركزي في مكافحته، من هنا، التقت "النهار" المدير التنفيذي للعمليات النقدية في مصرف لبنان المركزي السيد مازن حمدان الذي شرح دور المصرف المركزي في مكافحة تزوير العملة، ومفسراً أنَّ "المصرف هو مُصدِرُ العملة، ويكمن عمله في وضع خصائص أمان على العملة الورقية لحمايتها من التزوير كبقية المصارف المركزية حول العالم والرغبة في الاستثمار في هذا الأمر جراء التهديد الحقيقي الذي تواجهه العملة المحلية. في لبنان، الأوراق الصادرة من مصرف لبنان تعتبر من أكثر الأوراق أماناً في العالم، لأن المصرف المركزي قرر منذ العام 2011 إعادة تعديل علامات الأمان الموجودة على العملات النقدية، فباتت أكثر حداثة. وعلامات الأمان تتغيَّر بين 8 إلى 12 سنة إذ يقوم البنك المركزي بإعادة إصدار سلة جديدة من العملات المحلية بحلَّة جديدة، وهذا ما قام به مصرف لبنان عام 2011، حيث تتوزع علامات أمان على أربعة مستويات:


- المستوى الأول لعامة الناس، الذي يضمُّ ثلاثة نقاط: النظر إلى الورقة، ثني الورقة، ولمس الورقة.


- المستوى الثاني الذي يعتمده الصيارفة وأمناء الصناديق عبر استخدام آلات كشف بسيطة.


- المستوى الثالث علامات أمان تقرأ من آلات فرز متطورة.


- المستوى الرابع خاص بالبنك المركزي هو بمثابة الحمض النووي للورقة.


هذه النقاط يجب أن يتمَّ التنبه إليها، فمن يزور العملة يهدف إلى غش المواطن العادي وليس المصرف المركزي وغيره".


 


العملات المزوَّرة بالأرقام!


"أما العُرف العالمي لمعرفة عدد العملات المزورة وكيفية قياسها"، بحسب حمدان، فيتم بقياس كمية ضبط العملات المزورة من بين كل مليون ورقة مُصدرة، ويبدأ المصرف بالإنزعاج إذا تجاوز العدد الخمسين ورقة من أصل مليون مُصدرة. ويبدأ الخطر إذا وصل الرقم إلى 400 ورقة مزورة من أصل مليون، ما يشكِّل تهديداً فعلياً ويستدعي تالياً تغيير العملة. في لبنان، تشير الأرقام إلى أنه من بين كل مليون ورقة صادرة، هناك أقل من 3 أوراق مزورة، ما يعني أنَّ عمليات التزوير في لبنان لا تُذكر، وإن وُجدت فهي تتمُّ بأساليب غير احترافية".



إذا استلمت عملة مزورة، ماذا يجب عليك أن تفعل؟


"لا يمكن المصرف المركزي أن يعوض عن العملة المزورة لأن في ذلك تشجيعاً على التزوير"، هذا ما يؤكده حمدان، ناصحاً من تصل إلى يديه عملة مزوَّرة، "التوجه إلى مصرف لبنان حيث يتمُّ مصادرة هذه العملة، وملء نموذج ينص على رقم العملة وفي أي منطقة استلمها. نتمنى أن تقف الخسارة عند الشخص الذي وصلت إلى يديه، لا أن ينقلها إلى غيره بغية التخلص منها، إن في المحال أو في محطات تعبئة الوقود لأنَّه يساهم في شكل غير مباشر بعدم الحد من استخدام هذه الورقة بالتحديد. كما يمكنه التوجه إلى أقرب مصرف حيث يمكن أي موظف تعبئة النموذج الصادر من المصرف المركزي، نحن لسنا معنيين بهوية مُستلم الورقة المزورة، وصلاحياتنا لا تستدعي امتثاله أمام الأجهزة الأمنية. يهمنا فقط الاستحصال على الورقة لمعرفة كيفية تزويرها، وهل تشكل خطراً علينا كمُصدرين للعملات النقدية، وهل التزوير محترف أم لا. تهمنا الورقة أكثر مما يهمنا الجرم الذي هو من مسؤولية النيابة العامة المالية. بعد ذلك، نتلف هذه الأوراق، ولا بدَّ من الإشارة إلى أن المصرف المركزي يصادر في العام الواحد من 500 إلى 600 ورقة مزورة، يتمُّ ضبطها أكثر من تلك التي يجلبها الناس، فعلى الرغم من التوعية، يخاف المواطن الإقدام على هذه الخطوة كي لا يكون لها تبعات قانونية مؤذية".


العقوبة في القانون اللبناني


تشير المحامية في الاستئناف نانسي نحولي في حديث لـ"النهار" إلى أنَّ "القانون اللبناني يعاقب في المادة 445 منه بعقوبة الحبس والغرامة كل من يقوم بصنع أو عرض أو نقل بقصد الاتجار أو ترويج قطع معدنية مقلداً بها عملة متداولة شرعاً أو عرفاً في لبنان أو في بلاد أخرى أو أوراقاً مطبوعة قد يقع التباس بينها وبين الورق النقدي أو أوراق النقد المصرفية اللبنانية أو الأجنبية الصادرة بإذن الدولة. أما في ما يتعلق بالتداول بالعملات المزيفة، فإن المادة 446 من قانون العقوبات تنص على أن من يقوم بترويج عملة مزيفة سواء وطنية أو أجنبية وهو على علمٍ بأنها مزورة وإن كان قد قبضها عن حسن نية، يُعاقَب بغرامة لا تتجاوز مئتي ألف ليرة، وتُطبَّق العقوبة نفسها على من يقوم بالتعامل وهو عالم بالأمر بنقود بطل التعامل بها بحسب المادة 447 من القانون عينه. أما في ما يتعلق بالتصنيع فإن المادة 448 من قانون العقوبات تنص على أن من يقوم بتصنيع آلات أو أدوات معدة لتقليد أو تزييف أو تزوير العملة أو حصل عليها بقصد استعمالها على وجه غير مشروع عوقب بالأشغال الشاقة الموقتة، وبغرامة مئتي ألف ليرة على الأقل. أما من يقتني تلك الآلات أو الأدوات وهو على علمٍ بأمرها عوقب بالحبس سنة على الأقل. ويُعاقب بالعقوبات الجنائية نفسها كل من وُجد حائزاً آلات أو أدواتاً معدة لصنع العملة أو الورق النقدي أو أوراق النقد المصرفية اللبنانية بقصد استعمالها على وجه غير مشروع بحسب المادة 449 من القانون عينه".


على رغم أهمية دور مصرف لبنان المركزي في مكافحة تزوير العملات النقدية، يبقى من الضروري الوعي الجماعي لأهمية اكتشاف التزوير والضرر الناجم عنه على العملة المحلية.


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم