السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية - ثمن الاتفاق النووي الإيراني

عبد الكريم أبو النصر
A+ A-

لخص مسؤول غربي بارز شارك في المفاوضات النووية حقيقة الإتفاق النووي الإيراني - الأميركي - الدولي الموقع في فيينا إستناداً الى نصه الرسمي المؤلف من أكثر من 150 صفحة وبعيداً من القراءات الخاطئة والأوهام، فقال لنا في جلسة خاصة: "أنهت أميركا والدول الأخرى في مجموعة الست نزاعها النووي مع إيران بعدما فرضت عليها شروطها ومطالبها الأساسية إذ ان الإتفاق انتزع من الإيرانيين كل القدرات والإمكانات التكنولوجية المتطورة التي يمكن أن تسمح لهم بإنتاج السلاح النووي وألزمتهم تقديم تنازلات جوهرية كبيرة في مجالات حيوية عدة والتخلي عن الخطوط الحمر المعلنة والموافقة على تنفيذ إنقلاب حقيقي في تركيبة برنامجهم النووي الذي عملوا على بنائه طوال 12 سنة وبلغت نفقاته نحو 100 مليار دولار وتحملوا في سبيله خسائر تتجاوز 200 مليار دولار أو أكثر بسبب العقوبات القاسية التي فرضتها عليهم الدول الكبرى. ولو لم تكن إيران تسعى الى إنتاج السلاح النووي لكانت أنجزت إتفاقاً مع الدول الست منذ العام 2006 ولما تكبدت الخسائر الهائلة. والواقع ان أميركا والدول الكبرى الأخرى أنجزت مع إيران إتفاقاً على تسوية مشكلة محددة سلمياً هي مشكلة البرنامج النووي الإيراني المثير لقلق دول المنطقة والعالم، لكنها لم تعقد معها صفقة سياسية - استراتيجية شاملة تتناول مستقبل المنطقة ورفضت منحها أي دور خاص مميز فيها. فاتفاق فيينا ينجز سلاماً نووياً مشروطاً بين الدول الكبرى وإيران أساسه إنهاء طموح الجمهورية الإسلامية الى التحول قوة نووية مسلحة ، لكنه لم ينجز سلاماً سياسياً إذ ان الخلافات عميقة وكبيرة بين الغربيين والإيرانيين على النزاعات الإقليمية الرئيسية وستظل قائمة ما لم تبدل طهران سياساتها. وفي مقابل هذه التنازلات ستتمكن إيران من إستعادة جزء من خسائرها تدريجاً شرط أن تنفذ في إشراف دولي كل الالتزامات التي ينص عليها إتفاق فيينا".


وأوضح المسؤول الغربي ان أبرز التنازلات الإيرانية المقدمة الى الدول الست ثمناً لتوقيع اتفاق فيينا هي الآتية:
أولاً - ألزمت الدول الكبرى إيران التخلي عن كل المكونات والعناصر والمواد التي يمكن أن تسمح لها بامتلاك السلاح النووي وجعلتها توافق على تغيير تركيبة مفاعلي فوردو وآراك من أجل ضمان عدم إنتاج مواد قابلة للإستخدام العسكري.
ثانياً - يلزم الإتفاق إيران التخلي عن برنامج صناعي متطور لتخصيب الأورانيوم والإكتفاء ببرنامج محدود للتخصيب في مفاعل ناتانز يمنعها من إستخدامه للأغراض العسكرية.
ثالثاً - يفرض الإتفاق على إيران إخضاع برنامجها النووي كاملاً لنظـام تفتيش دولي صـــارم لمــدة تراوح بين 20 و 25 سنـة هـو الأشـــد صـرامــــة في التـــاريخ يسمـح لمفتشـي الوكالــة الدوليـة للطاقـــة الذريــــة بالعمـل يوميـــاً وزيارة وتفقد كل المنشآت والمواقـع النوويـــــة أو تلك المرتبطـــة بها من أجـــل ضمـان عـــدم وجود نشاطات ذات طابع عسكري.
رابعاً - تخلت إيران عن المطالبة برفع العقوبات فور توقيع الإتفاق ورضخت للشروط الدولية إذ ان هذه العقوبات سترفع تدريجاً وعلى مراحل بعدما تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسمياً ان الإيرانيين نفذوا مجموعة كبيرة من الإلتزامات التي تضمن سلمية البرنامج.
خامساً - إضطرت إيران الى تقديم تنازل كبير إذ وافقت على إعادة فرض العقوبات عليها إذا انتهكت الإتفاق. ويتحقق ذلك على أساس صيغة جديدة فريدة إقترحها الفرنسيون ووافقت عليها الدول الأخرى تقضي بتشكيل لجنة تضم الدول الست وإيران وممثلة الإتحاد الأوروبي تنظر في أي إنتهاك للإتفاق وتتخذ قراراتها بالغالبية وليس بالإجماع مما يمنع روسيا والصين من إستخدام حق النقض. وهذه القضية تشكل عقبة أمام عودة المستثمرين الأجانب على نطاق واسع الى إيران.
سادساً - التزمت إيران عوض الإتفاق رسمياً "عدم السعي الى تطويــــر وامتــــــلاك أي سلاح نووي تحت أي ظرف من الظروف" كما انهــا موقعــة معاهــــدة منع انتشار الأسلحة النوويـــة مما يعني ان أي مسعى لامتــلاك هـــذا الســـلاح يشكـل إنتهــاكـاً للاتــفــــــاق تكــــون لــه عواقب عـلى الإيرانيين.
سابعاً - في مقابل هذه التنازلات ستستعيد إيران تدريجاً أموالها المجمدة في الخارج والتي تبلغ أقل بكثير مما يشاع. فقد أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري في جلسة نقاش في الكونغرس ان الأموال التي ستستعيدها إيران في حال تنفيذ الإتفاق تبلغ فقط 55 مليار دولار، أما محافظ المصرف المركزي الإيراني فقال إن قيمة الأموال المجمدة في الخارج تبلغ 30 مليار دولار لا أكثر.
وخلص المسؤول الغربي الى القول: "يستطيع الإيرانيون الإفادة من اتفاق فيينا وإنجاز مكاسب حقيقية ملموسة إذا ركزوا جهودهم على البناء الداخلي وتحسين أوضاعهم ومعالجة مشكلاتهم الهائلة وتوقفوا عن تصدير الثورة الى الخارج والعمل على زعزعة الاستقرار في ساحات إقليمية عدة. وفي أي حال هذا هو فحوى الرسالة الأميركية الغربية الى القيادة الإيرانية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم