الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

يوم صرخت أرصون: "بدنا نتنفس صنوبر مش زبالة!"

المصدر: "النهار"
زينة حريز
يوم صرخت أرصون: "بدنا نتنفس صنوبر مش زبالة!"
يوم صرخت أرصون: "بدنا نتنفس صنوبر مش زبالة!"
A+ A-

في ظل صنوبرٍ رسم بريشة خالقهِ أودية المتن الاخضر، لا مكان اليوم، كما في الامس، لنفاياتٍ وروائح تشوّهُ من جمال بلدةٍ صغيرة، كبيرة بنفوس أهلها ورونقهم.


فمع تفاقم أزمة النفايات الصلبة، جاءت مبادرة فريدة من بلدية أرصون، وهي بلدة في قضاء بعبدا، كصرخةٍ سلمية، حية وجدية من مجلس البلدية، لتقول للمعنيين أجمع: "نرفض أن نلوّث بلدتنا الصغيرة... بدنا نتنفس صنوبر مش زبالة".
الخطة واضحة وبسيطة، تطلبُ تعاوناً جدياً من أهالي أرصون ورعاياها من الجنسية السورية. ففي اتصالٍ مع "النهار"، يوضح جبران صافي، رئيس بلدية أرصون، أن مبادرته جاءت "سريعة وبديهية"، إذ إن المجلس البلدي، وتماشياً مع الحرص الكبير لأهالي البلدة على نظافة البلدة، سارع لطرح وتطبيق "الحل الأنسب"، بنظر صافي، لتلك الازمة.
بالتالي، سيتم استبدال نظام تجميع النفايات المنزلية بنظام فرز النفايات من المصدر، وبناء عليه سوف تسحب البلدية مستوعبات "سوكلين" من الاحياء السكنية كافة وعن الطرقات العامة على أن يصار الى فرز النفايات في المنازل حيث توضع النفايات العضوية كبقايا المأكولات والورق والمحارم في كيس اسود، فضلاً عن استعمالها كعلف للحيوانات أو كأسمدة زراعية في حال طمرها. أما النفايات الغير عضوية، كالمواد البلاستيكية والزجاج والالمينيوم والمعادن الاخرى والخشب إلخ، سيتم وضعها في كيس ازرق بغية إعادة تدويرها لاحقاً، كما وأنه سيتم الاحتفاظ بالاكياس في المنازل الى أن تقوم البلدية بتجميعها مرة أو مرتين أسبوعياً، وذلك اعتباراً من تاريخ 24- 07-2015.
"أهالي أرصون اليوم تجاوبوا جميعاً (...) وحتى الاهل من الجنسية السورية لم يبدوا أي اعتراض على الخطة، بل على العكس تجابوا أيضاً"، كما يشرح لنا مختار الضيعة، عفيف حريز. فأغلب السوريين، وهم نحو 150 فردًا في أرصون، يعتبرون أنفسهم أبناء البلدة منذ أكثر من عشر سنوات، وهم يملكون بيوتاً فيها من دون تجاوز أية محاذير اجتماعية.


طالت الازمة، بطياتها النتنة، جميع أطراف بلداتنا اللبنانية، في موسمٍ ينتظرهُ الجميع لكي يتنفس هواءً نقيًّا، ويتمتع بزوايا بيروت، وهي "ست الدنيا" وستظل، وإن حُجب عنها هذا اللقب بسبب من اعتبروا نفسهم "أسيادًا" على عرش وطنٍ، مخنوق، مذلول بأوساخ أعمال من لا عقل ولا دين لهم. فـكما يقول المثل: "كلُ ديكٍ على مزبلتهِ صياح"... فهل اجتمعت "ديوك" الامة اليوم على حساب أنفاسنا؟ ألم يعد يروي كبريائكم دم شهيدٍ أو ضحية شارع فوضى وسراب أفراد؟
من الانسب، التوقف عن التذكير. التوقف عن التفكير لربما، والمحاسبة. من الاجدر اليوم، الإضاءة على ما بقي من أمل في نفوس هذا الشعب، الجبار في عشقهِ لأرضهِ وترابها. فإن تراب لبنان، من الجيّة الى مرتفعات الـ"Monte Verde" والاشرفية، وشارع الحمراء، وبيصور، وصولاً الى عكار، وإن لُطخ بنفايات العالم أجمع، فهو لا يتشربها...تراب لبنانا الغالي اعتاد فقط على امتصاص دم شهدائنا، اللذين منها واليها يعودون، شامخين دوماً، غير مذلولين.



أرصون اليوم، وهي أيضاً بلدتي التي أعتزُّ بها، وبجمال صنوبرها ورائحته، وطعمِ مياهها الجوفية، أضحت أمثولة حية، كبلدة بيصور أيضاً، لباقي البلدات اللبنانية، لتسارع بجهد بلدياتها لطرح وتطبيق مبادرات بديلة، على أمل أن تكون "موقتة" في ظلّ غياب الدولة.


[email protected]
@zeinah5

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم