الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سينما - نهر الحبّ

محمود الزيباوي
سينما - نهر الحبّ
سينما - نهر الحبّ
A+ A-

في العام 1963، غادر عمر الشريف السينما المصرية، ليغرق في السينما الهوليوودية. صحيح أنه عاد في العام 1965 ليلعب أحد أدواره في مصر، لكن عودته تلك كانت أشبه بعودة من يحنّ إلى زمن مضى إلى غير رجوع. الآن، "يعود" عمر الشريف إلى فاتن حمامة، معبودته، وملهمته، التي سبقته قبل ستة أشهر إلى الرحيل. نهر الحبّ الذي جمعهما في الحياة والممات، سيظلّ ينشد أغنيته الرومنطيقية في هواجس الوجدان والزمان.


ظهر اسم عمر الشريف فجأةً في نهاية شهر ايلول 1953، يوم كتب المخرج الشاب يوسف شاهين في مجلة "الكواكب" مقالة عنوانها "البحث عن المتاعب والوجوه الجديدة"، تحدّث فيها عن لقائه بممثل جديد اكتشفه في مقهى "جروبي" في القاهرة، فقال في وصفه: "ذات مرة، رأيت فتى وسيماً، يصلح للسينما ويصلح للبطولة. كان أريستوقراطي الحركات، ولكنني قدرت أن في استطاعتي أن أترجم هذه الأريستوقراطية إلى شعبية بحسب مقتضيات الأدوار التي سأعهد بها لبطلي المرموق. وكان ينظر إليّ ولست أدري لماذا؟ كان ينظر إليّ ففكرتُ أنه يعرف أنني مخرج، وأدخل هذا الأمل إلى نفسي، لأن الذي يهتم بأن يعرف مخرجاً ثم يحدق في المخرج هكذا، لا شك يهتم أيضا بالسينما، ولا بد أن أحد أحلامه أن يكون بطلا. ونظرتُ إليه طويلا، فابتسم، فقمت لأصافحه، وقام ليصافحني، وتقابلنا في منتصف الطريق بين مائدتين".
واصل يوسف شاهين الكلام، وأضاف: "أنا أعرف أن الشيء الوحيد الذي يهابه الوجه الجديد، والذي يُفقده الثقة في نفسه وفي مقدرته، أن يدخل البلاتوه ولا يعرف أحداً من الأبطال الذين سيتعاون معهم، والذين سلكوا أعواماً طويلة أمام الكاميرا، فتكون النتيجة أن يرتجف ويتلعثم، ويضحك عليه الواقفون، ويفشل. ولهذا، ففي فترة وجيزة، قدّمتُ عمر إلى زكي رستم، وفاتن حمامة، وسائر الأبطال الذين سيعملون معه في الفيلم الذي اخترته له. وقبل هذا كنت قد تحقّقتُ من مقدرة عمر. أجريتُ له امتحانا، فكان رائعا فيه، وكان الوحيد الذي من بين العشرات لم أصلح له خطأً واحداً. ودرسنا معا الدور مدّة ستة أشهر، وأعددتُ الفيلم للعرض، ويوم رأيت وجه عمر الشريف على الشاشة باسماً، وغاضباً، ومنفعلاً، ومعبّراً عن كل شيء بقوة، تنفّستُ الصعداء وقلت: "قد انتهت قصة الوجه الجديد".
في تشرين الثاني، عادت المجلة وخصصت صفحتين من صفحاتها لستة "وجوه جديدة"، هم تباعاً عمر الشريف، الطفلة نيللي، محمد شرابي، نجاح سلام، عبد الحليم حافظ، ورجاء. جاء في التعريف بالوجه الأوّل: "من مواليد الإسكندرية عام 1931. تلقّى علومه في كلية فيكتوريا بالاسكندرية. أمنيته أن يسافر إلى لندن ليتلقى أصول التمثيل في الأكاديمية الملكية التي خرّجت كبار الممثلين الانكليز. يحب من الممثلين المصريين فريد شوقي وزكي رستم وفاتن حمامة وشادية، ويحب من الممثلين الأجانب بول موني وراي ميلاند. قابله المخرج الأستاذ يوسف شاهين في "جروبي" مصادفة، فأعجب بهه وتعرّف به، وقدّمه في فيلم "ثورة النيل". يهوى كرة القدم والقفز والتنس والسباحة". تغيّر اسم الفيلم، وتحوّل إلى اسم "صراع في الوادي"، ومعه دخل عمر الشريب باب السينما من الباب الواسع. في كانون الأول، كتبت مجلة "الفن": "تحدث الوجه الجديد عمر الشريف إلى "الفن" عن حياته ومبدأ هوايته الفنية حديثاً شائقاً ممتعاً يسرّنا أن نطلع عليه قراءنا ليرقبوا معنا مولد هذا النجم الجديد. فقد عاد المحرّر الذي تحدّث إليه مليئاً بالإعجاب به، برقته، بأدبه، بوضوحه في كل تصرفاته وأحاديثه، فضلا عن استعداده الجسماني".
قال عمر الشريف في هذا الحديث: "تخرجت في كلية فيكتوريا، بعدما كنت قد تشبّعت بهواية التمثيل، فقد درجت الكلية خلال سني دراستي على تقديم تمثيلية في ختام كل موسم دراسي، وكنت أشترك في هذه التمثيليات، ومن التمثيليات الانكليزية التي وفّقت فيها تمثيلية لا أزال أذكرها من تأليف تشيخوف هي "الدب"، وفي موسم آخر اشتركت بالتمثيل في كوميديا عربية مشهورة هي "حسن مرقص وكوهين"، ولم أمثّل في غير حدود المدرسة. وتغلبت عندي روح التمثيل، رغم أن والدي كان يعدّني للعمل بالتجارة عقب تخرجي، فكتبتُ إلى معهد لندن التمثيلي الذي أرسل إليَّ يطلبني للحضور إليه للاختبار، وأوشكتُ على السفر، إلى أن وضعتني الأقدار في طريق المخرج يوسف شاهين الذي تعرّف بي لأوّل مرة في "جروبي"، وصادقني لمدة شهرين من دون أن يفاتحني برغبته في تقديمي للسينما. وحين درسني الدراسة الكافية، فاتحني بالأمر وأجرى لي اختبار صوت واختبار صورة، كما طلب المنتج الاستاذ جبرائيل تلحمي اختباراً تمثيلياً انتهى بارتياحه، فقد حفظت قطعة تمثيلية في فيلم "صراع في الوادي"، وأدّيتها أمامه في المكتب، ورضي عن أدائي، فتعاقدنا". واصل عمر الشريف الكلام، وقال عن دوره في الفيلم: "أعجبني دوري تماماً، وأعتقد أن أدائي له سوف يظفر برضى النقاد والجماهير والفنيين. وهي فرصة طيبة رحبتُ بها. وآمل أن أوفّق في الاستمرار في هذا الميدان". ووجّه شكره إلى منتج الفيلم ومخرجه، وقال: "اني مدين لهما بالفضل الأول. الأستاذ تلحمي رجل طيب جدا، على خلق وديع كريم. وهو منتج قديم له أفضال قديمة على الكثيرين في الوسط السينمائي. أما المخرج يوسف شاهين، فله فضل الاكتشاف والتوجيه الأول. وهو فنان يعبد الكاميرا ويحب عمله، مرهف الحاسة الفنية، يتأثّر سريعاً ويظل وراء اللقطة، يعيدها ويعيدها حتى يصل بها إلى ما يقرب من الكمال، وهو من هذه الناحية دقيق كل الدقة وأعتقد أن هذا من أهم ما يلزم المخرج ليكون قريباً إلى النجاح".
في مطلع 1954، ظهر عمر الشريف عاري الصدر في صورة احتلت صفحة كاملة من مجلة "الفن"، مع تعليق يقول: "وجه الموسم الجديد، قوام رياضي، تعبير صادق، خلق ملائكة". وفي آب، قدّمت "الكواكب" النجم الصاعد من جديد، واستعادت قصة لقائه بيوسف شاهين، وقالت: "في هذه اللحظة بالذات بدأت حياة عمر الفنية. كان يحب الفن وينتظر فرصته، ولاحت الفرصة فجأة، فتشبّث بها. وقفز إلى المقدمة في فيلمه الأول، وذهبنا إلى بيت البطل الجديد لنقدّم للقراء صورة صادقة لحياته. إن عمر فنان مرهف الحس يحب الموسيقى ويستطيع أن يميّز أيّ لحن وينسبه لصاحبه. يحب الموسيقى العصرية، وعنده عشرات الاسطوانات منها، وفي كل شهر يضيف إليها الجديد. كما أن خزنة ملابسه تضمّ مجموعة كبرى من الملابس الغالية، والطابع الذي يغلب على منزل الفنان هو البساطة، البساطة في قالب من الذوق السليم".


القبلة الخالدة
أطلق يوسف شاهين الممثل الشاب بطلاً أمام فاتن حمامة في "صراع في الوادي"، ثم أداره أمام مريم فخر الدين في فيلم منسي من نوع أفلام المغامرات عنوانه "شيطان الصحراء"، وعُرض الفيلمان في العام 1954. بعدها، اجتمع عمر الشريف من جديد مع فاتن حمامة في فيلم "أيامنا الحلوة"، إخراج حلمي حليم، وشارك في بطولة الفيلم "المطرب الصاعد" عبد الحليم حافظ، و"الوجه الجديد" أحمد رمزي. قبل بدء عرض الفيلم في آذار، تزوّج عمر الشريف من فاتن حمامة في شباط، بعد طلاقها من زوجها ووالد طفلتها نادية، المخرج المخضرم عز الدين ذو الفقار. شغل هذا الزواج الصحافة، وبات حديث البلد. علّق كبار الكتّاب المصريين على هذا الحدث، ومنهم محمد التابعي، مصطفى أمين، عباس محمود العقاد، سلامة موسى، واحسان عبد القدوس. عاد محمد التابعي إلى صيف 1938، وقال إنه في تلك السنة دعي إلى عشاء حضره محمد عبد الوهاب ومحمد كريم وطفلة صغيرة قال عنها كريم يومها: "ستكون ممثلة كبيرة، وستتزوج على الأقل مرتين". أضاف التابعي معلّقاً: "ومرت الأعوام، وأصبحت الطفلة فاتن حمامة ممثلة، وممثلة كبيرة، وتزوجت مسلماً أول مرة، ومسيحياً أسلم من أجلها ثاني مرة، واجتمع بلح مصر مع تين الشام. ما أعجب الدنيا". في المقابل، قال مصطفى أمين: "فاتن حمامة لها كامل الحرية، وعمر الشريف له هذه الحرية، وكلنا أحرار، هكذا يقول ميثاق هيئة الأمم المتحدة. والآن وقد تمّ هذا الزواج أقول رأيي: إنني أؤيد فاتن حمامة في زواجها. أؤيدها وألعنها". وقال فكري أباظة: "عجايب. غريبة. مش معقول. مش مصدق. مبروك. ألف مبروك. أنا مؤيد. وأنا معارض. وأنا محايد. وأنا...". من جهته، اعتبر العقاد هذا الزواج "من بدع الماركسيين الذين يطلقون علينا كل يوم بدعة جديدة، وما أكثر البدع". ورأى فيه "ماركسية جديدة في صورة جديدة". على العكس، أيد سلامة موسى هذا الزواج، وقال معلّقاً: "إن مصر لن تنهض إلا إذا كانت علوية، علوية تنظر إلى علا. لا تحتية تنظر إلى تحت". في السياق نفسه، اكتفى إحسان عبد القدوس بالقول: "عز الدين ذو الفقار صديقي، وفاتن حمامة كانت زوجته ثم طلّقت وتزوجت، ومن حقها اليوم أن تبتسم وتقول: أنا حرة". بعد أكثر من عشر سنين، وبعد انفصال الزوجين، كتبت مجلة "الشبكة" في تشرين الأول 1966: "قبل أن تتزوج من عمر، طوّقت فاتن زواجها تطويقاً متشابكا مع العناصر الفعالة في الصحافة، فزارت جميع رؤساء التحرير المهيمنين على الصحافة المصرية وشرحت لهم حبها بطريقة هي أبرع دور مثلته في حياتها. هذا الدور لم يره الجمهور مع الأسف".
في كتاب "فاتن حمامة الأستاذة في الحب"، الصادر في العام 1956 ضمن سلسلة "حياة النجوم"، استعاد محمد السيد شوشة قصة الحب التي جمعت بين فاتن وعمر عند تصوير "صراع في الوادي". بحسب الراوي، تجلّى هذا الحبّ في "مشهد مثير كان حديث الجميع، يصوّر تمثيل قبلة بين فاتن وعمر". قال يومها الممثل شكري سرحان: "هل رأيت ذلك المشهد العاطفي المثير بين فاتن وعمر، الذي سمحت فيه بأن يقبّلها وتقبّله بعد أن كانت تحرم في كل أفلامها أن يقبّلها أحد؟ والغريب في هذا أن عمر ليس هو الذي يقبّل فاتن، بل هي التي تتهافت عليه لتقبّله. لقد مثلت أمامها دور الزوج في فيلم "أنا بنت ناس"، كما كان بيني وبينها عواطف من نار في فيلم "موعد مع الحياة"، وهو من انتاجها، وكان العمل يتطلّب فيها أكثر من قبلة ولكنها رفضت بشدة، فكيف تحرّم التقبيل في كل أفلامها ثم تتيحه لهذا العمر الشريف؟". من جهته، ردّ عمر الشريف وقال: "أبداً ليست هذه القبلة بالمعنى المفهوم، وإنما هي قبلة عطف من البطلة على ذلك الشاب المسكين الذي كان يموت بين يديها، كما أنها قبلة على الخد". في المقابل، ثارت فاتن حمامة، وقالت: "أرجو أن تقول لشكري سرحان ممثل السينما إنه لو كان يفهم السينما لما قال ذلك، فالقبلة التي يتكلم عنها هي قبلة عادية جداً، ولكن المخرج بحيله السينمائية، استطاع أن يبرزها ويخرجها في الإطار المثير الذي تلاعب فيه بمشاعر الجماهير، بينما لم يكن لي أو لعمر الشريف فضل في تمثيل القبلة، وإنما كان الفضل فيها لشطارة المخرج".
نقل محمد السيد شوشة هذه الأحاديث، وختم معلّقاً: "وهكذا استطاعت فاتن واستطاع عمر الشريف أن يمثلا عليّ وعليك وعلى الناس جميعاً انه ليست هناك أية علاقة بينهما، وليست هناك أية قصة حب، وأن فاتن لم تطلّق من أجل سواد عيني عمر الشريف، إلى درجة أن فاتن قالت لي في حديثها: يطلع مين الجدع اللي اسمه عمر الشريف ده، اللي انتم عاوزين تجوزوني منه؟ ونشرت هذا الرأي في مجلة "الجيل" وعلّق عمر على هذا الرأي قائلاً في تمثيل رائع كله مسكنة واستسلام: يا سيدي خلّيها تقول اللي يعجبها، الله يسامحها. وبعد شهور قلائل، تمّ الزواج بين فاتن والجدع اللي اسمه عمر الشريف بعد أن أشهر إسلامه، وقامر في سبيل حبّه لفاتن بميراثه الذي لا يدري إذا كان سيناله بعد أن خرج على دين أسرته. وأعقب ذلك بقليل زواج يوسف شاهين المخرج الذي مثل دور القدر في حياة فاتن، واكتشف لها هذا الوجه الجديد ليمثل معها دور الحب على الشاشة، فإذا التمثيل ينقلب إلى حقيقة فتحبّه في الحياة ويكون الرجل الثاني في حياتها".
جمع يوسف شاهين من جديد فاتن وعمر في فيلم "صراع في الميناء" في العام 1956. بعده لعب الزوجان معا تحت إدارة كمال الشيخ في العام 1957 في فيلم "ارض السلام"، كما اجتمعا في فيلم "لا أنام" الذي اخرجه صلاح أبو سيف عن قصة لإحسان عبد القدوس. واصل عمر الشريف صعوده في العام التالي، وشارك ماجدة بطولة "شاطئ الأسرار" للمخرج عاطف سالم، كما شارك شادية بطولة "غلطة حبيبي" للمخرج سيد بدير، واجتمع من جديد مع فاتن في "سيدة القصر" للمخرج كمال الشيخ. في 1959، ظهر عمر الشريف في سلسلة من الأفلام. أداره كمال الشيخ أمام ليلى فوزي في "من أجل امرأة"، وأداره عاطف سالم أمام سامية جمال في "موعد مع المجهول"، وأداره نيازي مصطفى في "فضيحة في الزمالك" مع مريم فخر الدين وبرلنتي عبد الحميد. كذلك عمل عمر الشريف تحت إدارة عاطف سالم في فيلمين، أولهما "احنا التلامذة"، قصة نجيب محفوظ وإخراج عاطف سالم، وثانيهما "صراع في النيل"، مع هند رستم ورشدي أباظة. كما شارك في أحلى كوميديا أخرجها للشاشة المصرية فطين عبد الوهاب، "إشاعة حب"، وفيها لعب دور المهندس المغرم بابنة عمه سعاد حسني.
في العام 1960، شارك عمر الشريف في بطولة أربعة أفلام يعرفها كل محبي السينما المصرية، وهي "لوعة الحب" لصلاح أبو سيف، مع شادية وأحمد مظهر، و"حبي الوحيد" لكمال الشيخ، مع نادية لطفي وكمال الشناوي، و"بداية ونهاية"، تحفة صلاح أبو سيف المأخوذة عن رواية نجيب محفوظ، و"نهر الحب" لعز الدين ذو الفقار، مع فاتن حمامة. من المفارقات الغريبة، أن عز الدين ذو الفقار عاد إلى إدارة زوجته السابقة في العام 1960 في فيلم بديع يستوحي حوادثه من رواية تولستوي الذائعة الصيت، "آنا كارنينا"، ولعب دور البطولة فيه زوج فاتن الثاني. جسّدت فاتن في هذا الفيلم دور نوال التي تزوّجت من باشا ثري يكبرها بعقود، وذلك لإنقاذ شقيقها من دخول السجن. تعيش الزوجة الشابة في جحيم مع رجل مسنّ لا يعرف للحب معنى، وتنجب منه ابناً، ثم تلتقي في طريقها إلى الصعيد بشاب يدعى خالد، وتغرم به. تطلب الطلاق من زوجها الباشا، فيطردها ويحرمها من ابنها ويبتزّها. يذهب خالد للقتال في فلسطين في العام 1948، ويستشهد هناك. تحاول نوال أن تعود إلى بيتها من أجل ابنها، فيطلّقها الباشا انتقاماً منها، ويحرمها من رؤية ولدها، فتذهب إلى الموت طوعاً. على عكس العادة، يقلب عز الدين المفهوم الأخلاقي التقليدي، ويدفع الجمهور إلى التعاطف مع زوجة خائنة تقع في حب رجل آخر وتترك من أجله ابنها الوحيد. إلى اليوم، يسحر الفيلم المشاهد برومنطيقيته النضرة، ويظل واحداً من أجمل أفلام ذلك العهد الذي يُعرف اليوم بـ"الزمن الجميل".


رقصة الحياة
بعد "نهر الحب"، في العام 1961، مثّل عمر الشريف أمام لبنى عبد العزيز وأحمد مظهر في "غرام الأسياد" لرمسيس نجيب، كما لعب دور ابرهيم حمدي في فيلم هنري بركات، "في بيتنا رجل"، المأخوذ عن قصة احسان عبد القدوس. في العام التالي، لعب عمر الشريف دور الأمير خالد في الفيلم الهوليوودي "لورنس العرب"، ومثّل هذا الفيلم بداية لمسيرة جديدة وصل فيها النجم العربي إلى العالمية، وبات مثالا لـ"العاشق الشرقي"، كما كان مرشيللو ماستروياني مثالاً لـ"العاشق اللاتيني". عاد عمر الشريف إلى مصر في العام 1965 ليشارك في فيلم "المماليك" للمخرج عاطف سالم، ثم واصل مشواره العالمي في الخارج، وانقطع عن الظهور في السينما المصرية حتى العام 1983 حيث شارك في بطولة فيلم "ايوب" لهنري لاشين. بين 1965 و1983، لعب "العاشق الشرقي" في أكثر من عشرين فيلماً عالمياً، منها الغثّ ومنها السمين، غير أنه بقي في الذاكرة العربية بطل "صراع في الوادي" و"نهر الحب". بعد ستة أشهر من وفاة فاتن حمامة، مات عمر الشريف وحيداً بعد إصابته بمرض الزهايمر، واستعاد الناس قوله لحبيبته آمال في رقصة فيلم "نهر الحب": "انتي إيزيس بس متنكرة في ملابس مودرن، وأنا أوزوريس، وده نهر الحب اللي عملته دموعك، ودلوقتي ايزيس حترقص مع أوزوريس رقصة الحياة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم