الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رمضان في لبنان: "تركي عَ مكسيكي عَ انتصارات"!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
رمضان في لبنان: "تركي عَ مكسيكي عَ انتصارات"!
رمضان في لبنان: "تركي عَ مكسيكي عَ انتصارات"!
A+ A-

نُكوِّن صورة أوضح عن مسلسلات رمضان هذه السنة، ونجدها في معظمها عديمة الأثر، هابطة على المُشاهد من فضاءٍ ما. تتغذّى المسلسلات العربية بروح الأتراك، وتسعى، بما تيسّر من أفكار، إلى التقليد والسير على الخُطى. يُلاحَظ أنّ التطويل يبلغ مداه، والجميع- تقريباً- في مأزق: مَن يملك أحداثاً لحلقاتٍ لا تتجاوز العشر وعليه فلشها على ثلاثين حلقة، ومَن يقرّر مَدَّ المسلسل على أجزاء عملاً بالموضة الدارجة. كلاهما يغرق في ضجر التفاصيل واستنفاد الصبر. كيف الحال والمسلسلات المعروضة السنة تدور حول الفكرة الواحدة دورات عدّة في الدقيقة؟


لا ألمعيات ولا أفكار خلّاقة. لم يأتِ مسلسلٌ ليقول للمُشاهد إنّنا على حالٍ واحدة وما يصادفك في يومياتك قد يصادف هذا الممثل. يطفو الجوّ التركي على أعمال السنة: "العراب" بنسختيه عبر "أل بي سي آي" و"الجديد" مثلاً، وحتى "تشيللو" عبر "المستقبل". يحتدم صراعٌ بين آدم (يوسف الخال) وياسمين (نادين نسيب نجيم) من النوع المألوف في دراما الآخرين: الجنين في أحشاء الزوجة، مَن والده؟ صراعٌ على طريقة المسلسلات المدبلجة المُكدَّسة في الذاكرة. لا شَبَه يُذكر بينه وبين المُشاهد. ندرك واقعية الخيانة وقدرتها على هدم أُسر، لكنّ "تشيللو" لا يبحث عن الهَدم في البيوت العادية، كما لا يبحث "العراب" بنسختيه عن الانهيار العائلي في منازل نجد لنا زوايا فيها. بورجوازيات سطحية وثراء يُسخِّف المشهد جاعلاً من أبطاله آلات متحرّكة.


وفي رمضان أيضاً جَوٌّ مكسيكي. لسنا نذكر نجاة مسلسلات المكسيك من واقعين: عددُ حلقاتٍ يتجاوز المئة، وفقدان الذاكرة (أو فقدان النطق أو النظر. المهم أنّ ثمة فقداناً ما). في "24 قيراط" ("أم تي في") دراما مكسيكية مُعرَّبة لبنانياً. عابد فهد يفقد الذاكرة وزوجته ماغي بو غصن تفقد أعصابها. نهوى التسلية، ولم تجعل منا المسلسلات سوى مخلوقات تقتل الوقت. تنكبّ المحطات المحلية على شراء انتاجاتٍ أبطالُها خارج حسابات الشارع. كأنّ أغلبهم لم تَدُس قدماه الأرض. خدمٌ وحشمٌ والبطلة على أكمل طِراز مهما عصف الدهر. وإن عاد إليها زوجها، أبت أن تحضّر له الطعام بأنفاسها ويديها، وفضّلت مهارات الشيف. إلى هذا الحدّ، تبتعد الدراما أشواطاً عنا. إما "بأمرك ابن عمي" ومسلسلات غَسْل الأدمغة، وإما القصور والمافيا والجنين المجهول الأب. وإن قرَّر مسلسلٌ مداواة الواقع، غرق في كليشيهاته. "أحمد وكريستينا" ("الجديد") واقعيةٌ كلاسيكية مُنمَّطة، ذروة حوادثه قَتْل الأبونا ووقوع الفتنة الإسلامية- المسيحية. فيه أحقادٌ مجتمعية يستحيل نُكرانها وفويبا المذاهب وأكذوبة التعايش الوطني. وفيه القرى التي تُحرّكها غرائز ناسها وسطوة ألسنتهم. يشبه فورة المجتمع اللبناني في سطحية طَرْح المسائل وتحكُّم العصبية، وإن خرَّب الجوهرَ إكثارُ الوعظ واعتبار المُشاهد مجرّد "سكولائي".


لكنّ بعض الدراما يطرح الواقع على مزاجيته: "درب الياسمين" و"عين الجوزة" ("المنار"). الزمن يعود الى الماضي، والرسالة من صُلب اليوم. للسياسة وجوهٌ، منها الحضّ "فنياً" على استمرار النهج. دراما تُشبه البيئة المستهدَفة وخطابها، منطقها الوحيد: النصر. سورياً، لا شيء يُشبه الأرض التي كانت. نُبعِد "غداً نلتقي" ("أل بي سي آي") عن الجوّ الدرامي المأخوذ إلى امتداداتٍ تركية- مكسيكية، أو جوّ البطولات التي لا تدركها الهزائم. شأنٌ آخر ومقاربة أخرى أوجاع الإنسان، نُبقيها على مسافة من مطوّلات الأحداث التي بالكاد تتحرّك. إن كان "قلبي دَق" ("أل بي سي آي") معشوق الجماهير، فإنّ "بنت الشهبندر" ("المستقبل") حبٌ لا يُنافِس، و"ألف ليلة وليلة" ("أم تي في") حلم نيكول سابا بترك بصمة السلطانات.


[email protected]


Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم