الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

استقالة الرقم الأصعب في الحكومة اليونانيّة

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
استقالة الرقم الأصعب في الحكومة اليونانيّة
استقالة الرقم الأصعب في الحكومة اليونانيّة
A+ A-

بعدما صدح، داخل أروقة الاتحاد الاوروبي، صدى أل "لا" الكبرى التي أعطاها الشعب اليوناني في استفتاء يوم أمس على خطة الانقاذ المالي بنسبة قاربت الاثنتين والستّين في المئة، لم يقدّر لرئيس الحكومة اليونانية أليكسيس تسيبراس أن يكون هو من يخطف الاضواء كما كان متوقعاً من النتيجة. فالحدث الأبرز الذي ضجت به وسائل الاعلام كانت الاستقالة المفاجئة لوزير الماليّة يانيس فاروفاكيس من الحكومة اليسارية اليونانيّة.


الوزارة ... انتهت، بهذه التغريدة السريعة على "تويتر" أعلن الوزير الذي يصف نفسه بالماركسي غير التقليدي ، انتهاء مهمّته كوزير للمال واستقالته من منصبه بعد تشاوره مع رئيس حكومته أليكسيس تسيبراس الذي دفعه في اتجاه هذا الفعل، بعدما رأى أنّ هذه الاستقالة تخدم المفاوضات الجارية بين اليونان ودائنيها.
كان الوزير المستقيل يعدّ من صقور حكومة تسيبراس ذات النهج اليساري التي تعتمده الحكومة الحاليّة تجاه القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة داخل البلاد. وتظهر تصريحاته نوعاً من التشدّد حيال أزمة المديونية اليونانية وطريقة الدائنين في التعاطي معها. فهو قد دعا الشعب اليوناني قبل الاستفتاء الى التصويت ضد الاجراءات وألصق صفة "الارهاب" بالدائنين في الرابع من تمّوز الحالي. وكتب على مدوّنته أنّ اليونانيّين لقّنوا الاوروبيين "درساً في الديموقراطيّة".
الوزير لم يكن يتعاطى مع نظرائه الاوروبيين بالاسلوب السياسي بل كانوا ينزعجون من صراحته المطلقة كما من نظريّاته الاقتصاديّة غير المترابطة ومن نبراته "التعليميّة" ومن "موزّع الدروس الذي لا يقدر احد على تحمّله". وزير المال الفرنسي وصفه بأنّه رجل يتمتع الحماسة كما يملك الايمان لكنّ هذا الامر "لم يمرّ بطريقة حسنة".
تصاريح فاروفاكيس كانت دائماً مثيرة للجدل. ففي مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أوضح أنّ طريقة إدارة الامور المال داخل الاتحاد الاوروبي هي "مهزلة"، كما أنّ مجموعة دول الاورو "ليست مكانا منساباً لإجراء مفاوضات".


تلقّى فاروفاكيس علمه في بريطانيا العظمى، حيث أصبح مدرّساً جامعيّاً في ما بعد. وانتقل للعيش لاحقاً في اوستراليا التي عاد منها الى اليونان حيث اصبح مستشاراً للاشتراكي جورج باباندريو قبل ان تعود حكومته وتتقدّم بالاستدانة من دول الاتحاد الاوروبي والمصرف الاوروبي المركزي وصندوق النقد الدولي.


فاروفاكيس أعلن أنّ التنمية لا تعني" زيادة عدد سيارات البورش على الطرق اليونانيّة الضيّقة أو زيادة النفايات على شواطئ اليونان أو ضخّ نسب كبيرة من ثاني اوكسيد الكربون في الاجواء". وفي سياق التصريحات المثيرة للجدل التي كان يطلقها، لم يتوان الوزير المستقيل عن إظهار ثقته بأنّ خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي لا يدخل في حساباته لأنّ الاتحاد "قصر من ورق"، ف"إذا تمّ انتزاع ورقة اليونان، انهار الاتحاد بكامله". قال ذلك في الثامن من شباط الماضي لتلفيزيون "راي" الايطالي. بعدها بأسبوعين تقريباً هدّد نظراءه باّنهم "لا يستطيعون ضرب حكومته التقدّميّة" وإلاّ فعليهم "انتظار الاسوأ" كما صرّح لمجلّة "شارلي ايبدو" الفرنسية. وقد أيّد بعد يومين فقط ما وصفه ب"الغموض البنّاء" لمشروع الالتزام بالاصلاحات المقدّم من اليونان لمجموعة الدائنين.
صحيح انّ فاروفاكيس وتسيبراس تشاورا مع بعضهما اقبل ايجاد مخرج-تسوية لوزير المال عبر السماح له باعلان استقالته بطريقة تحفظ ماء وجهه، إلاَ أنّ رئيس الوزراء اليوناني كان يعلم انّه لا يستطيع إكمال المفاوضات مع الدائنين بوجود فاروفاكيس إلى جانبه. فالعديد من اعضاء المجموعة الاوروبية كانوا يرفضون استكمال الحديث في برنامج مستقبلي لإعادة هيكلة الديون في وجود هذا الرجل.
الأمر الذي كان يعلمه هذا الاخير جيّداً فكتب يقول اليوم الاثنين على صفحته بعد استقالته:"سأحمل اشمئزاز الدائنين منّي بفخر"

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم