السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"قندهار سوريا" في عين عاصفة "بركان الفرات"

"قندهار سوريا" في عين عاصفة "بركان الفرات"
"قندهار سوريا" في عين عاصفة "بركان الفرات"
A+ A-

بعد تل أبيض وقاعدة اللواء 93، يدق المقاتلون الاكراد وحلفاؤهم أبواب الرقة، فهل باتت عاصمة الخلافة وحصنها المنيع الهدف التالي لحملة الائتلاف الدولي ضد "الدولة الاسلامية"؟


بعد عشرة أيام على انتزاع "قوات حماية الشعب" الكردية السيطرة على تل أبيض وحرمان "الدولة الاسلامية" طريق امداد حيوي كان يستخدمها لنقل المقاتلين والسلع والسلاح، مكّنت غارات الائتلاف الدولي المقاتلين الاكراد وحلفاءهم من الفصائل المعارضة من التوغل جنوباً في اتجاه قلب محافظة الرقة، مع سيطرتهم الاثنين على مقر اللواء 93 الواقع على مسافة 56 كيلومترًا شمال مدينة الرقة، وهي قاعدة اساسية في المحافظة بقيت تحت سيطرة قوات النظام السوري، قبل ان يتمكن الجهاديون من السيطرة عليها صيف عام 2014.


وبعد هذه القاعدة، أفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان "أن المقاتلين الاكراد والفصائل المعارضة تمكنوا من السيطرة على مدينة عين عيسى المجاورة، علماً أن كلاًّ من قاعدة "اللواء 93 " وعين عيسى يكتسب أهمية استراتيجية كونه يقع على طريق رئيسي بالنسبة إلى الاكراد والجهاديين في آن معًا، اذ يربط مناطق سيطرة الاكراد في محافظتي حلب والحسكة بمناطق سيطرتهم في محافظة الرقة، كما يربط معقل الجهاديين في الرقة بمناطق سيطرتهم في محافظتي حلب والحسكة.


بهذا التقدم، صارت القوات الكردية مع حلفائها على مسافة 50 كيلومتراً من عاصمة الخلافة. وبما أن المنطقة الواقعة بين الرقة ومدينة عين عيسى هي عبارة عن سهول وضعيفة عسكرياً وتفتقر الى التحصينات، قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن خطوط دفاع تنظيم الدولة الاسلامية باتت على مشارف مدينة الرقة.


منذ سقوط تل أبيض في يد القوات الكردية في منتصف حزيران الجاري، باتت "وحدات حماية الشعب" وحلفاؤها في الموقع الامثل لتهديد معقل "داعش". فمذذاك، حدّدت القوات المشاركة في "غرفة عمليات بركان الفرات" التي تعد فصائل من "الجيش السوري الحر" ووحدات كردية، مدينة الرقة على أنها هدفها التالي، مؤكدة أن تل أبيض ليست إلا نهاية مرحلة.


وفي المقابل، يبدو أن "الدولة الاسلامية" اعتبرت التقدم الميداني للقوات المناهضة لها، تهديداً حقيقياً وبدأت الاستعداد لهجوم محتمل على الرقة. شبكة من الناشطين الميدانيين أطلقت على نفسها اسم "الرقة تذبح بصمت" توثق يومياً وبشكل سرّي الجرائم التي يرتكبها "داعش" في الرقة. ومنذ بدء التقدم الكردي في شمال سوريا، يقول الناشطون إن التنظيم يحفر خنادق شمال المدينة، وأن المشايخ يطلبون من السكان عبر مكبرات الصوت في المساجد تخزين المواد الغذائية والطحين، استعدادا للحصار.


"قندهار سوريا"


وكانت "الدولة الاسلامية" سيطرت على الرقة وريفها في 13 كانون الثاني 2014، بعد معارك خاضتها مع فصائل معارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد استمرت ثمانية أيام. ومع تفردها بحكم المحافظة في صيف السنة نفسها، بعد شهرين من اعلان الخلافة، حولت العاصمة نموذجًا لحكمها حتى باتت تلقب "قندهار سوريا". "دوار النعيم" الواقع في وسط المدينة، صار "دوار الجحيم"، بسبب العدد الهائل من الاعدامات التي ينفّذها، والتي جابت صورها اصقاع العالم الاربع.



ومنذ عزّزت قبضتها على المحافظة، بدأ "داعش" إنشاء مؤسساته ومكاتبه الخدمية الخاصة به، وإصدار البيانات والقوانين التشريعية، وتقييد الحريات وحظر النشاطات الإعلامية غير المسيطر عليها. التعليم فيها انحصر بأربع مواد بينها الشريعة، وأنشئ ديوان للحسبة وآخر للمظالم، وحظر التدخين وسفر النساء من دون محرم. وصار الجلد وفنون التعذيب الاخرى مشاهد شبه يومية. وبالتأكيد لن ينسى العالم بسهولة أبشع جرائم "داعش" في الرقة، بما فيها اضرام النار بالطيار الأردني معاذ الكساسبة العام الماضي، بعد أيام من أسره.


واستنادا الى حملة "الرقة تذبح بصمت" أنه بموجب قوانين "داعش"، يصرح السكان عن ممتلكاتهم ويدفعون الزكاة، والجزية. كما يجبر الاهالي الذين يملكون اكثر من منزل على الاحتفاظ بواحد وتقديم منازلهم الاخرى لمقاتلين اجانب.


ولا يكتفي التنظيم بالتنكيل بالسكان ونشر الخرب فحسب، وإنما يعمل على هدم الآثار وشواهد الحضارة الانسانية في المدينة. فقد دمرت معاول داعش الكنائس والفسيفساء البيزنطية التي تعود إلى القرن السادس على نهر الفرات.


منذ السادس من أيار، أعلنت "وحدات حماية الشعب" عملية "الشهيد روبار قامشلو" رداً على سقوط احد قادتها في المعارك مع "داعش"، ساعية الى وقف زخم التقدم الجهادي في شمال سوريا. وبدأت العملية في الحسكة مع اندفاع القوات الكردية من معبر راس العين على الحدود مع تركيا، وذلك بهدف تأمين قرى عدة هددتها "داعش"، بما فيها بلدة تل تامر الاشورية، اضافة الى سلسلة جبال عبدالعزيز غرب مدينة الحسكة.


ويقول "معهد دراسات الحرب" أن القوات الكردية أنجزت هذه العملية بمساعدة تشكيلات أشورية مسلحة.


وبعدما ضمنت المناطق على الضفة الغربية للحسكة، بدأت القوات الكردية تقدمها غرباً في اتجاه تل أبيض، وسيطرت على المبروكة جنوب غرب راس العين بعد حصولها على الضوء الاخضر من الائتلاف الدولي لتأمين الطريق الدولية من كوباني الى الحسكة على الحدود مع تركيا.


ومذذاك، خسر التنظيم اكثر من خمسين قرية وبلدة في الريف الشمالي لصالح الاكراد.


من الواضح أن "وحدات حماية الشعب" أثبتت أنها أكثر حليف يمكن لواشنطن التعويل عليه في حملتها التي تنفّذها في سوريا. فبالمعايير الاميركية، تعتبر هذه القوات معتدلة وغالبيتها علمانية تحرّكها حماسة ثورية واقتناع راسخ بقضيتها. وتدعم هذه الوحدات قبائل عربية اضافة الى مسلحين أشوريين وأعضاء من "بركان الفرات" الفصيل السوري المعارض.


يقول المحلل سيروان كجو لـ "وكالة الصحافة الفرنسية" إن مقاتلي "وحدات حماية الشعب برهنوا انهم "القوة الاكثر فاعلية التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا... وهم منظمون بشكل جيد ومنضبطون ويؤمنون بقضيتهم".


ولكن على رغم هذا التقدم للمقاتلين الاكراد وحلفائهم والتنسيق "الممتاز" بينهم وبين الائتلاف الدولي، ليس واضحا بعد ما اذا كانوا قادرين على مواصلة الدفع في اتجاه الرقة على المدى المنظور.


ويقول الناطق باسم القوات الكردية ريدور خليل ان معركة الرقة "ابعد بكثير فهي محصنة جيدا ونحتاج الى قوات ضخمة واسلحة".


[email protected]
Twitter:@momalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم