الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الرجال قوّامون على النساء... "فهمتوها غلط"

المصدر: "النهار"
رشا جابر
الرجال قوّامون على النساء... "فهمتوها غلط"
الرجال قوّامون على النساء... "فهمتوها غلط"
A+ A-

جريمة شنيعة هزّت المناطق اللبنانية منذ أيام معدودة. جريمة ليست فريدة من نوعها، فقتلت السيدة اللبنانية سارة الأمين في منزلها الزوجي، أمام فلذات كبدها، على يد زوجها الذي لم يتوقف عن تعذيبها طوال فترة زواجهما كالعشرات من النساء والأمهات المضطهدات اللواتي رحلن ضحيات العنف المنزلي والأسري، ويؤسفني القول ان الآتي أعظم في دولة ما زالت حتى اليوم قاصرة أمام معاقبة العنف، علماً بأنها ظاهرة عالمية لا تقتصر على بلد دون غيره، إلا أن مجتمعات أخرى تعمل على القضاء عليها أكثر من غيرها.


"لماذا قتلت سارة الأمين؟ أو "ما الذي قد دفع فلان إلى قتل زوجته؟"، السؤال الأول الذي يحيّر ويشغل تفكير الجميع كلما وقعت جريمة مروعة مثل هذه، لاسيما بعض الاعلاميين الذين يستغلون فشل بعض الناس في حياتهم الاجتماعية والانسانية، لانجاح حياتهم المهنية.


"لمَ لم تجرؤ المغدور بها، خلال كل تلك السنين على طلب الطلاق"؟، وكذلك المئات من النساء في العالم العربي.
ما الذي يولّد الخوف داخلهن، ليجدن العذاب ألطف؟
هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح من عقلاء يبحثون عن حلول.
سجلت بعض الدراسات والاستطلاعات نسبة عالية (او أعلى نسبة) للطلاق في أوروبا، مع العلم أن ذلك لا يتوافق مع مبادئ الدين المسيحي ومع ما ورد في الانجيل المقدس. و لم يذكر اسم اي دولة عربية ضمن الدول الـ15 الأعلى نسبة للطلاق في العالم. هذا الاختلاف بالنسب، لا يعني أن مشاكلهم الاجتماعية تفوق مشاكلنا، بل ان قلة الحيلة في ارواح نسائنا قد تجاوزت الحدود.
ما سأقوله، لا أشمل به كل النساء اللبنانيات والعربيات، فمن الملحوظ انهن أصبحن يتمتعن بقدر معيّن من الحرية أكثر من أي وقت مضى. انا أعني بكلامي، النساء المستضعفات منهن فقط.
"أولادي كاسرينلي ضهري" من اكثر العبارات التي نسمعها من اي أم لبنانية/عربية معذبة حيث يشكل وجود الأولاد، سبباً من أهم الاسباب التي ترعب المرأة العربية من فكرة الطلاق.
وهذا لا يعني أن المرأة العربية متمسكة بأطفالها أكثر من المرأة الاجنبية، بل إن المرأة الأجنبية لا تعاني حرمان المساواة في قانون الاحوال الشخصية في بلادها مما يجعلها أقوى في اتخاذ مثل هذه القرارات، ضامنة حقها بالاحتفاظ باولادها وحضانتهم، بخلاف المرأة في مجتمعنا، التي لا تضمن لنفسها أمام أفضلية الرجل واستعلائه عليها شيئاً.
"أهلي مش دايمينلي وما عندي بهالدني سند".هذا لا يعني، أن عائلة المرأة الأجنبية "بسبعة أرواح" وانهما لن يفارقا الحياة وسيبقيان لعمرها سنداً، بل يعني أنهما عملا معاً على تأسيس حياتها بطريقة سليمة وساعداها بقدر الامكان في تحقيق ذاتها، من طريق العلم والتركيز على أهميته في حياة الفرد والمرأة بخاصة، فتتعلم الأخيرة لتحصل على عمل تؤمن به مستقبلها الفردي قبل التفكير بالزواج، مما يجعلها أهلاً للعيش باستقلالية تامة، دون الحاجة إلى اهل أو رجل، حاملة شهادتها سلاحاً، تقف به أكثر ثباتاً على الارض، جاهزة لخوض أي معركة بمفردها.
على عكس المرأة العربية غير المنتجة، (وأذكّر مجدداً، المستضعفة فقط) التي لم تكمل تعليمها كما يستحسن، لم تؤهّل اجتماعياً من اهلها واسرتها كما يجب، والتي تتكل على ابيها واخيها الكبير منذ صغرها و يتحكم بها الاثنان، ليتعزز اتكالها فيصبح على زوجها، حيث تترعرع فكرة "الرجل هو السند" في عمق ذهنها، فغالباً ما تفضل البقاء مع زوجها الذي يسيء إليها حينما تجد نفسها فاقدة للسند، وغير مستعدة مادياً ولا معنوياً لأخذ قرار صعب وحاسم كهذا، فتقرر أن تدفن نفسها في الحياة.
ومن أبرز الأسباب أيضاً، هناك تأثير العادات والتقاليد على أغلب العائلات العربية المحافظة التي لا تشجع على الطلاق اطلاقاً، مما قد يشعر المرأة بالذنب فتتردد.
وهنا تأتي الأجوبة عن الاسئلة أعلاه، وهذه هي الأسباب التي تدفع المرأة إلى تنازلات مجحفة غير عادلة.
وليست هذه الأسباب الوحيدة التي تقف عائقاً أمام المرأة المستضعفة، لكنها الأهم... وهنا ينطبق المثل اللبناني الشهير "ما جبرك عالمرّ، إلا اللي أمرّ منو".
ان كل الاديان تحمي المرأة وتساويها بالرجل وتدعو الى احترامها، فاذا تحركت الدولة ومعها المجتمع بمكوناته وجميع اطيافه وعمل الجميع على تشريع واقرار قوانين جدية تحمي المرأة وتعاقب الرجل بل وتقوده الى المحاكمة، عندها سيكون الحل قريباً ومنصفاً للمرأة وهذا من شأنه ردع اي رجل عن تعنيف زوجته او ابنته او اخته...إلخ. كما يجب على كل أسرة ان تقوم باعداد الفتيات منذ الصغر ليتعرفن إلى حقوقهن ويثقن بقدراتهن لتصبح كل فتاة منهن كائناً مستقلاً بذاته.
فلنقتل كل ما يولد الخوف داخل كل امرأة منكوبة أولاً، قبل أن تصل يد أطول فتقتل روحها.
سارة و رفيقاتها أصبحن في دار الحق ولا تكرهوا موتهن لعلّ الحق على أجسادهن ساهر ليحميهن من ثقافة "الرجولة المزيفة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم