السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قررَ مغادرة دمشق في عزلة السجن... "لا للنظام ولا للنصرة"

المصدر: "النهار"
ديانا سكيني
ديانا سكيني
قررَ مغادرة دمشق في عزلة السجن... "لا للنظام ولا للنصرة"
قررَ مغادرة دمشق في عزلة السجن... "لا للنظام ولا للنصرة"
A+ A-

حين ركبَ الطائرة المدنية في الرحلة التي أقلته من دمشق الى القامشلي، ولحظة عبَرَ الطرق الحدودية الوعرة مع المهربين وصولاً الى مطار سافرَ منه الى مدريد، كان يدرك ان موعد العودة الى "الشام" تحدده استحالات بحجم نهاية الصراع السوري.


لم تولّدْ نتائج الحرب الكارثية في السنوات الماضية وعدم تبلور أفق لحل سياسي قناعة لدى رئيس "تيار بناء الدولة" لؤي حسين بضرورة ترك البلاد، الا حين وجد نفسه وراء قضبان سجن عدرا بعد ان ألقيَ القبض عليه في تشرين الثاني الماضي على الحدود اللبنانية-السورية، ومكث في "عزلة" السجن لنحو ثلاثة أشهر ونصف، هو الذي كان قد أدى عسكريته كمعارض سوري، فقضى في معتقلات حزب البعث سبع سنوات (1984-1991) بتهمة الانتماء الى "حزب العمل الشيوعي".


بقيَ حسين في دمشق منذ بداية الانتفاضة (2011) باحثاً عن حل سياسي مستحيل، لا انضم الى "هيئة تنسيق وطنية" ولا الى "ائتلاف وطني"، أُلبس عباءة المعارضين الذين لا يزعجون النظام، وكانت مواقفه تُنعت أحياناً بأن سقفها أقل مما كانت تبلغه مواقف "هيئة التنسيق". لم يتلقف، اليساري السابق ومؤسس التيار "الليبرالي" مع بدء الانتفاضة، ومنسق لقاء "سميراميس"، رسالة وصلته من شخصية لصيقة بالنظام مفادها أنك بدأت تتحرك في الدائرة المحظورة، وخصوصاً في ما يتعلق بالتعرض للرئيس بشار الأسد، كما يقول حسين لـ"النهار".
نحو 3 أشهر ونصف أمضاها في سجن عدرا، لم يزج به مع المعتقلين السياسيين، بل مع المجرمين، "لم أعذب ولم أتعرض للاهانة وكان ضباط الشرطة لائقين معي في معظم الأحيان". وحدها عزلة السجن هذه المرة جعلته يتخذ قرار الخروج من البلاد للالتحاق بعائلته في مدريد، فـ "لا أدري كيف للنظام ان يزج بشخصية وفاقية تعمل من أجل حل سياسي وحواري في السجن، الأمر أثبت لي ان النظام بات ميليشيا". ولم يكن اعتقاله عن طريق المخابرات بل بأمر قضائي، واستمرت محاكمته بعد اطلاقه أمام "محكمة الجنايات" في دمشق.


عارض الكاتب السوري حمل السلاح منذ بداية الانتفاضة، ويقول انه لم يعارض حامليه ممن يودّون الدفاع عن عائلاتهم أو القتال "لاسقاط النظام"، والعبارة الأخيرة لم ترد في الأدبيات التي استخدمها "التيار" البتة في الماضي، فكان يُكتفى بتوصيف الصراع على انه صراع بين سلطة ومعارضة، وبدا التفتيش عن مساحة حوار للانقاذ الهدف المرتجى. تبدّل الحال اليوم، وترسخت قناعة بأن الحل السياسي في سوريا بات مستحيلاً. ووفق حسين، فان غالبية أعضاء "التيار" يشاطرونه الرأي نفسه.


ولكن...


صاحب "دار بترا للنشر" الذي أقفل بسبب الحرب، يجد نفسه اليوم منحازاً الى "من يناضل من أجل سوريا موحدة وسوريا غير اسلامية"، اما "معارضة السلاح فكانت تنخرط في سياق وسائل الصراع وليس المبادىء، والمخاوف التي بنيْنا عليها مواقفنا لم تعد قائمة مع تحوّلها واقعاً". ولكن:


"قناعاتي الجديدة لا تجعلني جزءاً من "الائتلاف" الذي أتواصل بشكل دائم مع عدد من شخصياته. ومن الاختلافات الجوهرية مع رؤاه، رفضي لمهادنة مشاركة فصائل اسلامية متطرفة في المعركة، فهؤلاء لا يمكن أن يؤمن لهم، لأنهم لا يعترفون بسوريا ككيان وطني ولا بوحدة سوريا ولا بالمساواة بين أبنائها، ويكفّرون العلمانيين، فكيف أعتقد أن "جبهة النصرة" يمكن أن تأتيَ لسوريا بأفضل مما حمل لها النظام من مصائر، "داعش" و"النصرة" هما في خندق واحد ولا داعي لاضاعة الوقت في محاولة سن تمايز جوهري بينهما. من يريد العيش تحت سيطرة "النصرة" عليه ان يكون موالياً لها ولقوانينها، ومن يرى ان "النصرة" هي خلاص من النظام يكون مخطئاً، لا نريد غش السوريين ".
في رأي حسين، لم يعد هناك حلٌ سياسيٌ في سوريا، فـ"نصف البلاد باتت تحت سيطرة "داعش" و"النصرة" الذين يرفضان الشراكة في الحل السياسي، كما ان النظام تحوّل كلياً الى ميليشيا ولم يعد يقبل هذا الحل، في وقت بات حلفاؤه غير قادرين على الضغط عليه بعد التحولات في بنيانه لأخذه الى مواقع الحل السياسي، وقد أظهر اجتماعا موسكو ان النظام تمكن من فرض شروطه خلال التحضير لهما، كذلك فان ايران لا تريد الضغط لأنها تستفيد من تحوّله الى ميليشيا، ولو كانت مهتمة بصلاحية هذا النظام لضغطت عليه من أجل تحسين صورته، لم يبحث الايراني في سوريا الا عن مكاسب ذاتية".


ولا يعني عدم وجود حل سياسي، امكانية الحسم العسكري بالضرورة، فـ"القوى
المتصارعة اليوم هي ثلاث أساسية، "النظام" و"داعش" و"النصرة"، المجموعات العسكرية المنتمية الى "الجيش الحر" مشتتة وضعيفة، وكلمة الحسم لم تعد مجدية...هناك انتهاء للكيان السوري بالتزامن مع عدم وجود حل سياسي".


البحث عن مكان


الحل السياسي مات، الكيان السوري ممعن في الانهيار، أنا لست ضد حمل السلاح، لست جزءا من "الائتلاف"، لا اؤيد المعارك التي تكتسح فيها "جبهة النصرة" الأرض ويحتفي بها معارضون في الخارج. لاءات المعارض المنتقل حديثاً الى مدريد والذي يخطط للتنقل بين القاهرة واسطنبول في سبيل العمل السياسي، تحيلنا الى سؤال: أين مكانك؟ يجيب: "ما النا مطرح في هذا المشهد... بين النظام و"النصرة" ليس هناك مكان للسوري الحر...سأبحث عمن يشاطرني الرؤى من معارضين ونحاول ان ندافع عن خيار علماني وطني...سنبقى نحاول".


[email protected]


Twitter: @dianaskaini

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم