الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

اعترف بقتل جدته طمعاً بالمال...نهاية سيدة متقاعدة

المصدر: النهار
طرابلس – رولا حميد:
اعترف بقتل جدته طمعاً بالمال...نهاية سيدة متقاعدة
اعترف بقتل جدته طمعاً بالمال...نهاية سيدة متقاعدة
A+ A-

في حيٍّ شعبيّ متفرّع من محلة الزاهرية في طرابلس، لقيت السيدة المتقاعدة هند المقدم (٨٥ عاما) خاتمة لم تكن تتوقعها. فقد تقاعدت كعاملة في مدرسة الآباء الكرمليين التي تبعد عن مسكنها نحو ثلاثماية متر. كانت تتّجه يوم كانت مدرسة إلى عملها صباحاً، وتعود بعد انتهاء الدوام إلى الغرفة التي اتخذتها مأوى لها بعد أن خرّجت أبناءها وبناتها، واتّجه كلٌّ إلى حياته الخاصة في المهاجر، وبقي عليها قضاء ما تبقى من سني العمر وحيدة، في غرفة في الطبقة الثانية من مبنى في الزاهرية.


كانت وحيدة في غرفتها التي دخلناها، سرير مبعثر في زاوية الغرفة، وممر ضيق إلى فسحة جلوس قبالة شرفة صغيرة، حيث مطبخ وضيع، يجاوره حمام نظيف ومرتب، وهي من سكان الأحياء الفقيرة المتواضعة، وكتيب "الدعاء المستجاب" للصلاة على طاولتها الصغيرة.


كانت وحيدة، لكنها لم تشعر بالوحدة، ففي المجتمع الطرابلسي التقليدي، يعيش السكان في بيوت متجاورة، لكن أبوابهم مشرّعة على بعضها البعض، فتتداخل الحياة كأنها واحدة، وكأن أبناء عائلات ثلاثاً أو أربعاً في الطبقة الواحدة، يعيشون حياة عائلة واحدة، يتقاسمون السراء والضراء.


اعتادت السيدة مقدم أن تستيقظ عند الفجر لأداء الصلاة، وبعد الانتهاء، تصبح ركوة القهوة على النار، تتقاسمها مع جارتها، ويلتئم تدريجياً المجلس محتضناً بقية سيدات الطبقة الثانية، وبعضً من الطبقات الأخرى. وتمضي الدردشات حتى الصباح، ريثما يحين موعد ذهاب الأولاد إلى المدرسة، والرجال إلى العمل، لمن لا يعاني البطالة.


هكذا كان يقضي سكان المبنى الذي شغرت السيدة مقدم إحدى غرفه كمنزل لما تبقى لها من سنين. ومع الوقت، وتقدّم العمر، سمنت، وثقلت مشيتها، بحسب ما روى بعض الجيران لنا، مضيفين أن رتابة اليوم لم تتغير من سنوات طويلة، والروتين اليومي أصبح إدماناً، "ولم نعد نستطيع الاستغناء عن بعضنا".


لم يكن في حسبان السيدة مقدم أن تنتهي حياتها بطريقة مأسوية، غير منتظرة. "افتقدنا صبحيتها هذا اليوم، وانتظرنا حتى الثامنة صباحاً. لم نعد نطيق انتظاراًأكثر، فتطلعنا من فتحات الباب، ورأيناها ممدّدة بطريقة غير طبيعية على فراشها. كان علينا أن نعرف حالتها. حاول بعض منا الكشف من الشرفة، لكن أحد الشباب خلع الباب، لنجدها جثة على الفراش، وعلى رأسها حجاب اعتادت أن ترخيه على كتفيها، لكنه كان معقوداً على رقبتها بشدّة، وبه لقيت حتفها على يد جانٍ". هكذا روت لنا جارات هند اللواتي رافقن السيدة في مسيرتها التقاعدية لسنوات طوال خلت.


ويروي أحد الشبان أن "القوى الأمنية حضرت عندما أبلغناها بالأمر، وحضر في هذه الأثناء أحد أحفادها، ويدعى أحمد، يعمل في قطع الفرط، ومتزوج، وكان دائم التردد على جدته، تساعده ببعض المال مما يتجمّع لديها، إن من تقاعدها، أم من بناتها، أم من مدرّستين كانتا زميلتين لها في العمل، دأبتا على مساعدتها منذ ان تركت المدرسة التي عملت فيها".


في سؤال من أحد عناصر الأمن لأحمد عن آخر وقت زار فيه جدّته، تلعثم، وتغيرت إفادته، بحسب أحد الجيران الذي كان ينصت للكلام بين العنصر الأمني وأحمد. قال إن آخر زيارة قام بها لها كانت بعد الظهر، ثم غيّر الإفادة وقال إن ذلك كان الثامنة مساء. لم يكن أمام القوة الأمنية إلا أن تكبّله وتسوقه إلى السجن، فمَن أكثر خبرة منها بأن الجاني لا بد أن يتفقّد موقع جريمته بعد ارتكابه لها؟


عند الثامنة مساء الثلاثاء، أفادت إحدى الجارات أنها سمعت من يطرق بابها، تقدّمت ابنتها الصغيرة بحشرية من الباب، ونظرت من ثقبه. سألتها امها عمن يكون؟ أخبرتها أنه أحمد الذي سبق للسيدة مقدم أن حدّثتها عنه، وعن تكرار طلبه المال منها. كذلك عن فقدان ثلاثة ملايين ليرة ذات يوم. دقائق، وسمعت الجارة الباب يطبق بهدوء، ويخرج أحمد. وفي الصباح، عند اكتشاف حالتها، كانت مختنقة بالحجاب المعقود بقوة على عنقها، والخيط الذي علقت فيه مفتاح البيت، وبعضاً من المال، قد قطع".


هل قضت السيدة مقدم من أجل حفنة من المال؟ هذا ما أكّدته التحقيقات والمصادر الأمنية بعد انتهاء التحقيق مع حفيدها أحمد (مواليد 1978)، الذي اعترف بجنايته وخنق جدّته رغبة بسرقة مالها، مع العلم أن الجيران لم يكن لديهم ما يشككون به، فالقاتل يتعاطى الخمرة، كما قال أحدهم، وربما المخدر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم