الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الاكتظاظ في السجون يخنق نظارات التوقيف

المصدر: "النهار"
عباس صالح
الاكتظاظ في السجون يخنق نظارات التوقيف
الاكتظاظ في السجون يخنق نظارات التوقيف
A+ A-

تعاني مفارز التحري ومخافر الدرك وكل مراكز وفصائل القوى الامنية والعسكرية من ظاهرة الاكتظاظ في أعداد الموقوفين في نظاراتها على ذمة التحقيق في قضايا مختلفة، والتي تتكرس يوماً بعد آخر، لتشكل ظاهرة مخالفة لأبسط القوانين الناظمة لعمليات التوقيف، والتي تتمحور بمجملها حول عدم جواز وقانونية إبقاء أي موقوف في النظارة لأكثر من مدة التحقيق التي يستغرقها ملف القضية، وهي في الغالب الأعم لا تتجاوز ال48 ساعة، الا في حالات نادرة واستثنائية ومحددة.


الا ان هذه القضية التي أضيفت مؤخراً الى قائمة الظواهر المخالفة، كونها باتت تشكل عبئاً حقيقياً على ضباط وعناصر المراكز الأمنية، وخاصة في مفارز التحري، وابرزها مفارز تحري بيروت والضاحية وبعبدا التي ينشط عديدها الامني في انجاز التوقيفات المختلفة، لكنهم يصطدمون بما بات واقعاً مريراً، عندما يحضرون موقوفاً جديداً ويكتشفون ان لا مكان له لا في سجن رومية المركزي ولا في مباني السجون الأخرى في المناطق، ليتم رميه في نظارات مراكزهم، التي باتت بدورها تشهد اكتظاظاً غير مسبوق ناتجاً من الاكتظاظ في اعداد النزلاء في سجن رومية والسجون المركزية الاخرى.
الأساس القانوني في هذه الحال قائم على ضرورة الابقاء على المحتجز طيلة فترة التحقيق الاولي معه، وبعد الانتهاء من تحقيق الضابطة العدلية الذي يتم عادة بإشراف النيابة العامة، يتم تسليم الموقوف لها، لتدعي عليه وفقاً للأوراق القانونية الواردة في الملف أياً كانت القضية، ويحال بعد ذلك الى قاضي التحقيق الذي يعاود الاستماع الى الموقوف بعد ان يكون قد نقل من نظارات المخافر والمفارز الى سجن مركزي، وفقاً لمندرجات القانون الذي يحظر الابقاء على أي موقوف في اي نظارة ، نظراً لما ينطوي عليه ذلك الاجراء من خطورة على حياة السجين نفسه، ولما تشكله من أعباء اضافية على السجانين، على أكثر من مستوى، ناهيك عما تشكله من خروقات لافتة على مستوى الالتزام بشرعة حقوق الانسان، وغير ذلك مما يرتد سلباً على سمعة المفارز والمراكز الامنية والمديريات المعنية.



من هنا، ينطلق مصدر أمني معني فيقول لـ"النهار" :"يفترض ان يتفرغ عديد ضباطنا وعناصرنا للملفات الامنية والملاحقات وغيرها من العمليات الامنية الاساسية التي تؤدي الى كشف الجرائم وتوقيف المجرمين والتحقيق معهم أولياً، وسوقهم بعد ذلك إلى النيابات العامة لتسليمهم للقضاء، والانتقال الى ملفات أخرى، لكنهم اليوم يستنزفون بعد ان يتم الابقاء على الموقوفين في نظارات المراكز الامنية، حتى بعد الانتهاء من التحقيقات الاولية معهم وتحويلهم الى القضاء الذي يأمر بذلك، بفعل الاكتظاظ الكبير في سجن رومية والسجون المركزية الاخرى، وهذا حتما ينعكس تكبيلا لرجال الامن الذين يصبحون في هذه الحال مجبرين على تأمين الامن للسجين، وتنسيق زيارات اهله اليومية لايصال الطعام له، فضلا عن المشكلة الاخرى التي يخلقها وجود موقوف ليس له معين في الخارج، يؤمن له الطعام على الاقل وحاجاته الاخرى، ففي هذه الحال تصبح مهمة العناصر النظر في كيفية تأمين الطعام له، خاصة وان الطعام غير موجود اصلا في المفارز والمخافر، اضافة الى مهام عديدة أخرى في مثل هذه الحالات، ومنها تأمين سوق الموقوفين الى قصر العدل عندما يأمر قاضي التحقيق بإحضارهم الى دائرته ليستجوبهم، وهذا ما يصبح واقعا بوتيرة يومية اذا ما ارتفع عدد السجناء في النظارة، ويجعل من عناصر المركز "سائقين على الخط"، وجل مهامهم محصورة في تأمين الموقوفين وحاجاتهم وسوقهم الى التحقيق، حين يقرر القاضي، علماً ان مهماتهم الاساسية بعيدة عن ذلك اذا ما تم نقل الموقوفين الى امكنة أخرى خلال 48 ساعة او 4 ايام على ابعد تقدير كما تنص القوانين المرعية، وقد درجت العادة على تنفيذ ذلك الى ان استجدت قضية الاكتظاظ في السجون والتي ارتدت مباشرة على النظارات".


يروي المصدر الامني ان مراكز المفارز القضائية في مناطق رئيسية في بيروت والضاحية الجنوبية وبعبدا على سبيل المثال، تضم في نظاراتها أعداداً مخيفة من الموقوفين على ذمم قضايا انتهى التحقيق الأولي فيها وبات الموقوفون في فترة انتظار لنقلهم الى السجن المركزي، تصل في بعض الاحيان الى أكثر من 30 سجيناً، وتتجاوز مدة بقائهم في النظارات الى أكثر من شهر، وهذه فضيحة بذاتها، يقتضي تصحيحها وايجاد حل لها بأسرع ما يمكن، لكي لا تتحول المفارز والمخافر الى سجون ويتحول رجال الامن فيها الى سجانين ينصرفون عن مهامهم المنوطة بهم الى خدمة الموقوفين وسوقهم وتأمين المواكبة لهم وحمايتهم وحراستهم في الليل والنهار وصولاً الى تأمين الطعام لهم وتنسيق زايارت اهلهم لهم وما الى ذلك.
الكلام في هذا الاطار طويل، بحسب المصدر الامني الذي يشير الى ان النظارات غير مؤهلة حتى من الناحية الامنية، لاستيعاب الموقوفين بهذه الأعداد ولهذه الفترات الطويلة، ويدلل على ذلك بالقول ان حالات الاكتظاظ والاستقرار التي يشعر بها الموقوفون تجعلهم يبتكرون طرقاً عديدة للهروب وايذاء عناصر المركز، وقد حصلت نماذج في أمكنة معينة كان أبرزها ان كسر النزلاء "حنفية" الماء في حمام إحدى النظارات وحفروا بها الجدار، وفتحوا فجوة فيه بهدف الهروب الجماعي، ويقول ان الروايات المماثلة في هذا السياق لا تنتهي.


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم