عملية "حقوقية- انسانية" في سجن رومية... ضابط يضرب السجناء فيحاسب!

بعد بضعة أيام من نقل السجناء من المبنى "ب" إلى "د"، في عملية نوعية نفذتها "شعبة المعلومات" و"الفهود" في قوى الأمن الداخلي بقرار من وزير الداخلية والبلديات نهاد المنشوق وبمساندة من الجيش، "دخل احد الضباط ليلاً إلى زنزانة في المبنى "د" لتعداد السجناء، ولأن الاخيرين لم يقفوا احتراماً لدخوله، أعطى القرار بتعنيفهم ما أحدث ضجة كبيرة وصلت إلى الوزير".

هذه الحادثة روتها مصادر مطلعة على أوضاع السجناء، أكدت أن "وزارة الداخلية وبقرار من الوزير فتحت تحقيقاً في الحادث واتخذت في الضابط والافراد الذين كانوا معه اجراءات مسلكية وقانونية تمثلت معاقبتهم بالسجن"، موضحة أن "الغاية من كشف هذا الامر ليس ضرب معنويات القوى الأمنية انما طمأنة الاهالي إلى وجود آلية للمحاسبة وعدم امكانية استمرار خرق حقوق الانسان في السجن بعد الآن".

لقاء مع صباغ والحمصي
إذاً لا تقتصر عملية تنظيف الفساد على المساجين، بل طالت المسؤولين في السجن، إذ سبق وتم طرد ضابطين برتبتين عاليتين بعدما أثبت تورطهما في قبض الرشوات وإدخال الممنوعات والمخدرات الى بعض السجناء. وبعد ما اثير من ضجة عن تعرض المساجين للضرب، حرص المشنوق على الشفافية وتابع مهمته بالاهتمام بحقوق المساجين الصحية والقانونية، فكلف فريق عمل في الوزارة متابعة الملف، فيما اهتمت كل من "هيئة العلماء المسلمين" و"جمعية السكينة الاسلامية" بعملية التنسيق بين الاهالي والوزارة لايصال الشكاوى.
تتواصل اللقاءات مع المسؤولين لنقل الشكاوى ومعالجتها، والتقى وفد من "هيئة العلماء" برئاسة الشيخ سالم الرافعي ومعهم أحمد الايوبي وزير الداخلية والمدير العام القوى المن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص، كما التقوا في مبنى فرع المعلومات في الاشرفية بالموقوفين حسام الصباغ وعمر الحمصي، ويقول عضو "هيئة العلماء" الشيخ نبيل الرحيم لـ"النهار": "وعدنا بزيارة إلى السجن خلال يومين او ثلاثة".
لماذا وقع الاختيار على الصباغ والحمصي؟ يجيب رحيم: "كان لهما وضعهما الخارجي قبل دخولهما السجن، وايضا في رومية لهما الدور الابرز، ويعتبر الصباغ من رموز الحالة الاسلامية في طرابلس".

16 هاتف للسجناء
ويقول الايوبي لـ"النهار": "وضع الوزير فريق عمل في الوزارة لمراجعة أي خرق أو شكوى من الاهالي او السجناء أنفسهم وهذا لم يكن متوافراً سابقاً، وحصوله دفعنا إلى دعوة الأهالي للهدوء وإعطائنا معلومات دقيقة حول أوضاع ابنائهم وهيئة العلماء عبر الشيخ سالم تحول الشكاوي الينا"، موضحاً أنه "بعد الضجيج ومعلومات عن تعرض سجناء الى الضرب وكان معظمها مبالغاً فيها، تم التنسيق لمعالجة الأمر، وتراجع الضجيج بعد مراجعة شكاوي الاهالي"، واعطى مثالاً أحد السجناء الذي يعاني من التهابات في قدمه، ويحتاج إلى تصوير أشعة وعملية جراحية، وبفضل التنسيق مع الوزارة بدأت الترتيبات تجري لاتمام العملية، بحسب الايوبي.
ظاهرة حمل الهواتف والتواصل عبر الانترنت من داخل السجن انتهت، لكن كيف يتم التواصل معهم لسماع شكاويهم؟ يوضح اليوبي: "يتم التواصل عبر الاهالي، كما توفّر للسجناء نحو 16 نقطة للاتصال عبر بطاقة تليكارت، ما يمكنهم من التواصل معنا، وهذه الهواتف منظمة ومراقبة من الدولة وتفي بالاغراض الانسانية المطلوبة".

الافراج عن موقوفين
"انها مساع لتخفيف الوطأة على شبان في رومية لا دخل لهم بأي عمليات أمنية أو اتصالات"، تقول مصادر متابعة، واذ ترددت معطيات حول امكانية الافراج عن عدد من السجناء بدأ تحضير ملفاتهم لتقديمها إلى الوزارة منهم الصباغ والحمصي وأبو بكر حمود (بسام حمود)، لكن رحيم يؤكد أن "هذا الامر يرتبط بالقضاء، وليس هناك من معطيات اكيدة في شأن هذا الموضوع".
التقى وفد "هيئة العلماء" ايضاً مع رئيس المحكمة العسكرية ورئيس شعبة المعلومات، ومرة ثانية مع الصباغ والحمصي، ويوضح رحيم أن "صباغ والحمصي صرحوا انه لم يتم الاعتداء عليهم لكن هناك شبان قالوا لاهاليهم انهم تعرضوا للضرب وشاهدوا مظاهر ذلك على اجسادهم، كما هناك من انهى مدة حكمه وخرج وعلامات الضرب على جسده وهناك حد الضباط ضرب مساجين وتم توقفيه للمحاسبة".
ويكشف أحمد الأيوبي عن اتجاه إلى "اشراف وزارة الصحة على الشؤون الصحية في السجن عن طريق اطباء القضاء، فهذه الخدمة غير متوافرة حاليا لكنها مسجلة ضمن قوانين السجن، ويتم البحث بين الداخلية والصحة لرفع مستوى العناية الطبية"، واصفاً التطورات في رومية بـ"التقدم الكبير". وتحدث عن مرحلة انتقالية للسجن مدتها بين 3 إلى 4 اشهر وهدفها تحسين الوضعين الصحي والانساني في السجن، ويضيف: "لا امكانية لتكبير الهدف، لكن بمجرد انتهاء هذه المرحلة وتأهيل المبنى "ب" واعادة توزيع السجناء، سيكون هناك برنامج في ما خص التواصل والحوار الديني والثقافي والنشاط الانساني كالرياضة".

[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer