الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قراءة إسرائيلية لأهداف عملية القنيطرة واحتمالات الرد

المصدر: يعقوب عميدرور"يسرائيل هَيوم"
قراءة إسرائيلية لأهداف عملية القنيطرة واحتمالات الرد
قراءة إسرائيلية لأهداف عملية القنيطرة واحتمالات الرد
A+ A-

يطرح اغتيال الجنرال الإيراني الكبير محمد علي الله دادي وابن عماد مغنية (جهاد) ومرافقيهم في الجولان السوري، تساؤلات أساسية يتعين علينا مناقشتها. وعندما تُطرح مسألة من هذا النوع على متخذي القرارات يجري درس أمرين أساسيين: 1- ما الربح المتوقع من هذه العملية؟ 2- وما هو ثمنها سواء نجحت أم فشلت؟
في ما يتعلق بالجزء الأول هناك عدد من التساؤلات: مثل من هم أعضاء هذه المجموعة؟ وهل جاؤوا إلى الجولان من أجل التخطيط لعملية كبيرة ضد إسرائيل في المستقبل القريب؟ ام ان الهدف من وجودهم تحديد أساليب العمل ومناقشة الاحتمالات المستقبلية وليس التخطيط لعملية محددة؟ وهل من هذا المكان من المنتظر أن تأتي المفاجأة لدى اندلاع الحرب المستقبلية بين إسرائيل وتنظيم حزب الله؟ ام لا علاقة لهذه المجموعة هناك بإسرائيل بل لمساعدة نظام بشار الأسد؟ في جميع الأحوال، دور الاستخبارات الإسرائيلية مهم في مثل هذا الوضع ويتعين عليها أن توضح الوقائع.
الجزء الثاني من النقاش يتناول تقديرات لا وقائع. مثل من المستفيد؟ وعلى افتراض معرفة هوية أفراد المجموعة وان العملية جرت بصورة جيدة؛ فهل سيتوقف التخطيط ضد إسرائيل ام سيؤجل فقط، وحتى متى؟ وهل يملك الطرف الثاني بديلاً من الخطة التي أحبطتها العملية؟ واذا كان هذا صحيحاً متى سينفذها؟
يبدو اغتيال كبار المسؤولين هذا الأسبوع ضربة مباشرة موجهة ضد قدرات الطرف الثاني، كما يمكننا ان نرى فيها تلميحاً للإيرانيين وحزب الله بوجود خطوط حمراء إذا تجرؤوا على تخطيها سيكون الرد عليهم قاسياً.
ان الوضع العام في الشرق الأوسط يفرض على إسرائيل أن ترسم بأعمالها خطاً احمر لما لا توافق عليه من دون أن تتكلم. وإذا لم تفعل ذلك، فإنها ستجد نفسها في المستقبل في وضع غير محتمل بسبب حجم القوات والقدرات التي لدى خصومها. فعلى سبيل المثال بناء موقع مهم لحزب الله في هضبة الجولان سيجعل إسرائيل في مواجهة جبهتين في أي حرب مستقبلية ضد هذا التنظيم الإرهابي الذي يهددنا في الشمال. ولذا، يتعين منع نشوء هذا الوضع.
وفي مثل هذه الحال، حتى لو لم يكن هدف دورية المسؤولين الكبار في الجولان السوري التخطيط لعملية في المستقبل القريب، فقد كان مهماً وضع خط أحمر يوضح رفض وجود حزب الله واستعدادته ضد إسرائيل في هضبة الجولان.


وإن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه الان ما هي الردود المحتملة للإيرانيين ولحزب الله؟
لدى الطرف الثاني ثلاثة احتمالات للعمل لا أعرف أيّها سيختار:
1- عملية في هضبة الجولان. سيحاول حزب الله والذين يدعمونه في طهران انتظار الفرصة من اجل توجيه ضربة مؤلمة إلى إسرائيل في الهضبة. ويشكل هذا الحل الأنسب سواء بالنسبة لحزب الله أو إيران. فمن جهة سيوضح هذا المحور رفضه للخط الأحمر الذي وضعته إسرائيل، ومن ناحية سيمنع هذا الهجوم إسرائيل من الرد عليه في لبنان.
وعندما تهاجم إسرائيل داخل لبنان، فإن في إمكان حزب الله أن يصور نفسه "المدافع عن لبنان"، وتبرير المجازفة التي يعرض لها اللبنانيين من خلال رده على الهجوم. لكن إذا رد على عملية إسرائيلية وقعت في سورية، فان تبريراته ستصبح غير مقبولة ومعاناة المدنيين اللبنانيين ستكون في حال حدوث ذلك غير مبررة. لذلك، فان الحزب والإيرانيين سيفضلون تركيز ردهم في هضبة الجولان، وتقليص خطر رد إسرائيلي في أراضي لبنان.
2- عملية في الخارج. حلفاء حزب الله الشيعة يستطيعون البحث عن فرصة لمهاجمة إسرائيل ما وراء البحار. وهذا الاسلوب جرى اختياره مرتين في الماضي عبر الهجمات في الأرجنتين. ففد جاء تفجير السفارة الإسرائيلية ومبنى الجمعية اليهودية في بوينس آيريس رداً على اغتيال عباس الموسوي (الأمين العام لحزب الله قبل نصر الله)، وعلى الهجوم على مقاتلي حزب الله في معسكر للتدريب في لبنان. وإلى جانب ذلك، نفذ الإيرانيون وحزب الله في السنوات الأخيرة عشرات العمليات ضد أهداف إسرائيلية، لكن نجاحها كان محدوداً. لكن لا شك في أنهم سيستمرون في مساعيهم بقوة إذا اختاروا هذا المجال للرد على الضربة التي تلقوها.
3- عملية من داخل لبنان. مثل عملية برية من الحدود أو إطلاق قذائف وصواريخ على إسرائيل. لكن مثل هذه العملية ستعرض حزب الله إلى وضع لا يرغبه، لأن إسرائيل تستطيع استغلالها لتصفية حسابها مع الحزب. ويعرف نصر الله أن هذه إمكانية حقيقية ومؤلمة وهو ليس في وضع يسمح له بأن يختبر ما جرى سنة 2006 مرة أخرى، فالمجازفة هذه المرة أكبر بكثير والثمن قد يكون هائلاً.
يغرق حزب الله في سورية ويعمل من أجل إنقاذ الأسد. وقد خسر هناك المئات من مقاتليه، ومن غير المريح بالنسبة له أن يفتح جبهة جديدة. وليس من الأكيد أن هذا من مصلحة إيران في هذا الوقت حيث تجد نفسها مضغوطة اقتصادياً وفي خضم مفاوضات مع الدول الكبرى وربما بدأت تقترب من اتفاق. لكن على الرغم من ذلك، فإن أسعار النفط التي انخفضت بصورة ملحوظة يمكن أن ترتفع اذا اندلعت حرب إقليمية، وبذلك تربح طهران.
في الخلاصة ونظراً إلى أنه لا أحد يعرف حتى الآن ما هو القرار الذي سيتخذه الإيرانيون وزعماء حزب الله، يجب على الجيش الإسرائيلي والاستخبارات أن تأخذ هذه الاحتمالات في حسابها وتستعد لها كما يجب، فعاجلاً أم آجلاً سيضطر الطرف الثاني إلى الرد، لذا يتعين علينا أن نكون مستعدين لأي رد ولأي سيناريو.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم