الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بالأرقام...حركة الدخول والخروج من وإلى سوريا بعد الإجراءات الجديدة (خاص "النهار")

المصدر: "النهار"
عباس صالح
بالأرقام...حركة الدخول والخروج من وإلى سوريا بعد الإجراءات الجديدة (خاص "النهار")
بالأرقام...حركة الدخول والخروج من وإلى سوريا بعد الإجراءات الجديدة (خاص "النهار")
A+ A-

لم تأتِ خطوة الحكومة اللبنانية والسلطات المعنية بتنظيم الدخول السوري الى لبنان من فراغ، ولا كانت في سياق النكايات والكيديّات السياسية التي ظلّلت التعاطي مع الأزمة السورية منذ اندلاع شرارتها في آذار سنة 2011، بل كانت خطوة مدروسة بعناية في مطابخ القرار، تتماهى مع حاجات سوق العمل اللبناني، وتأخذ في الحسبان قدرة البلد الصغير على تحمّل كل ذلك التراكم، الذي ترك تداعياته السلبية على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والديموغرافية على حدٍّ سواء.


من هنا جاءت المطالبات من كل القوى على اختلاف تلاوينها السياسية في لبنان أن تسرع الحكومة في إيجاد حلول وصيغ تسهم في فكفكة هذه الازمة المتشعبة والمتعدّدة الوجه، على اعتبار ان ظروف لبنان الحالية لا تسمح بالتعاطي مع الأزمة السورية كما تعاطت معها السلطات التركية والاردنية من خلال إنشاء مخيّمات كبيرة على الحدود، وذلك لاعتبارات عديدة، ليس أقلها التداخل العائلي والجغرافي والتقاطعات السياسية والعرقية والعشائرية والدينية والمذهبية، بين كثير من اللبنانيين والسوريين.


موجبات القرار
مصدر معني بالملف قال لـ"النهار" ان الاعداد الكبيرة للسوريين العابرين يومياً في اتجاه الأراضي اللبنانية، من كل الفئات فرضت على السلطات اللبنانية التفتيش عن صيغة تضمن تنظيم دخولهم الى لبنان بطريقة تنسجم مع قدرة لبنان على الاستيعاب في القطاعات الحيوية، بحيث لا تتخم سوق العمل مثلاً بما يفوق قدرتها في المجالات كافة، ولا تتخم الجامعات والمدارس اللبنانية بما يفوق قدرتها البنيوية على الاستيعاب، إلى غيرها من القطاعات الاخرى. وعملت الحكومة اللبنانية على إيجاد الآلية المناسبة ووضعت المعايير اللازمة التي تنظّم دخول السوريين الى لبنان، فأصبح متاحاً للسلطات اللبنانية ولكل مهتمّ معرفة أعداد السوريين الآتين الى لبنان يوميًّا بهدف الزيارة، أو بهدف متابعة امور استثمارية، أو بهدف السفر من مطار بيروت، أو من دخلوا للسياحة وغيرها. وهذا ما يساعد على معرفة عناوين الداخلين ومقاصدهم، وينظّم الأمور ويقفل الثغرات التي كانت تعتري حركة الدخول والخروج وتساعد على تلافي المشكلات الناتجة من وجود فائض السوريين، ولا سيما أولئك الذين ليس لديهم مرجعيات في لبنان، لا في المؤسسات الدولية المعنية بشؤون النازحين السوريين المسجلين، ولا في الجمعيات التي تحتضنهم ولا في غير ذلك، علماً ان أعداد النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية لا تقتصر على المئات او الالوف، بل تصل الى مئات الالوف، والمفترض ان يدفع عدم إيجاد الكثيرين منهم عملا نتيجة التخمة في سوق العمل، الى الانحراف أمنياً، وممارسة السرقة وارتكاب الجرائم، وربما يدفع ببعضهم الآخر الى الالتحاق بالارهابيين وتنفيذ عمليات تطلب منهم في مقابل امور معينة، وهذا ما سيرتد سلباً بشكل كبير على الامن السياسي في لبنان قبل غيره.


سمة الدخول
المصدر قال ان الاستمارة الجديدة التي يسمّونها تأشيرة، او سمة دخول، او موافقة على الدخول الى لبنان، هي في الواقع ليست الا استمارة دخول يمكن ان تسمّيها بما تشاء، لكنها في النهاية عملية ضبط وجود الشخص في بلد غير بلده، وهي تخدم الشعبين اللبناني والسوري، علماً ان هذه الاجراءات خاضعة للتعديلات دائماً، اذا ما تبيّن وجود خلل جوهري في التطبيق، لكن تطبيقها مستمرّ ولا رجوع عنه نهائياً.
الاجراءات الجديدة، وعلى عكس ما تمّ ترويجه في مراحل سابقة، لا تنص على تأشيرة لدخول السوريين الى لبنان، إنما يكتفى فقط باستمارة يعلن من خلالها الرعايا السوريون عن سبب زيارتهم هذه وحيازة المستندات المطلوبة لذلك.
فعلى السياح مثلا، إبراز حجز فندقي خطي وحيازة مبلغ الف دولار للدخول، وعلى المالكين إظهار سند ملكية أو إفادة عقارية، وعلى رجال الأعمال إثبات صفتهم، وعلى القادمين للدراسة اثبات ذلك ايضا، وعلى القادمين للسفر ابراز بطاقة السفر، وكذلك للعلاج الطبي أو لمراجعة سفارة أجنبية.
وأما القادمون للعمل، فعليهم إحضار تعهّد مسبق بمسؤولية كفيلهم في لبنان، الذي عليه ان يكفل دخولهم، وإقامتهم، وسكنهم ونشاطهم، بموجب "تعهّد بالمسؤولية".


الأرقام
وقد بيّنت الوقائع انه لم يتغيّر الكثير بين مرحلة ما قبل الاجراءات الحدودية الجديدة ومرحلة ما بعدها، لا سيما على مستوى الارقام المتعلقة بحركة الدخول والخروج، اذ ان نظرة سريعة على جداول الارقام الرسمية عند المعابر الحدودية البرّية والبحرية تظهر بوضوح أن عدد الداخلين الى لبنان خلال شهر تشرين الثاني الماضي بلغ 102600 شخص بينما بلغ عدد المغادرين 113100 شخص.
وفي كانون الاول الماضي بلغ عدد الداخلين السوريين الى لبنان عبر كل المعابر، 135420 سورياً، وعدد المغادرين 139300 سوري. وبعد الاجراءات التي بدأ تطبيقها منذ بداية كانون الثاني الجاري وحتى يوم 17 منه، لم يتبيّن ان هناك فروقات جوهرية اذ دخل عبر المعابر الارضية 36700 سوري وغادرها 42500 سوري خلال نصف شهر، وهو ما يشير الى ان الاعداد ما زالت متقاربة جدًا بين أعداد السوريين الداخلين والمغادرين، وهو ما يؤكّد حقيقة ان الاجراءات الجديدة تأتي في سياق تنظيم الفوضى الكبيرة التي نتجت من النزوح السوري العشوائي باتجاه الاراضي اللبنانية، من دون حسيب ولا رقيب، وتحت غض نظر واضح وملموس من قبل الهيئات الدولية المعنية، التي بدا واضحاً منذ بداية الازمة انها سعيدة بـ"تساهل " الحكومة اللبنانية مع العابرين من الاراضي السورية، وتشيد بها لفظياً، من دون ان تتحمل عملياً أيًّا من الاعباء المالية الضخمة التي تترتب على هذا الاستقبال سواء بشكل مباشر، او غير مباشر.



[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم