الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قراءة في تداعيات هجوم "شارلي ايبدو" (خاص "النهار")

أسرار شبارو
أسرار شبارو
قراءة في تداعيات هجوم "شارلي ايبدو" (خاص "النهار")
قراءة في تداعيات هجوم "شارلي ايبدو" (خاص "النهار")
A+ A-

انهارت الحدود أمام الإرهاب، لم تعد مشاهد الدم والعنف تُبَثّ من الشرق الأوسط، بل بدأ المسلمون المتطرّفون هذه المرة ينقلون الصورة من أوروبا، من قلب العاصمة الفرنسية التي استبيحت في وضح النهار، بعد أن تلقت ضربة موجعة في صميم أمنها ليومين متتالين أودت بحياة صحافيين وعدد من رجال الشرطة. لكن السؤال، ما السبب الحقيقي وراء هذا الاعتداء؟ وكيف سيؤثّر على ظاهرة "الاسلاموفوبيا"؟


الباحث في إدارة الصراعات الدولية حمزة جمول المقيم في العاصمة الفرنسية أكد في اتصال مع "النهار" على ضرورة ربط ما حصل في فرنسا بما حصل في العراق وما يحصل في سوريا وليبيا، وشرح أن: "الحادثة تكرّس نظرية إلغاء الحدود أمام الإرهاب، الذي بات في إمكانه أن يضرب في كل مكان"، مضيفًا أنّ "الهجوم المسلّح على صحيفة شارلي ايبدو هو هجوم على فرنسا إن صحّ التعبير".
الأسباب الدافعة للحادثة التي يُتَداول بها والتي تتعلّق بالرسومات المسيئة للرسول محمد، هي غير منطقية وغير واقعية بنظره، و"السبب الرئيسي هو تنامي الإرهاب وسقوط الحدود امام الإرهابيين وعبورهم بشكل رئيسي من تركيا الى أوروبا".


كسر هيبة فرنسا
واستطرد: "لقد كُسِرت هيبة فرنسا، لكنها موحّدة سياسياً واقتصادياً وأمنياً وشعبياً. هناك تظاهرات شعبية تندّد بما حصل، وهناك وحدة وطنية فرنسية، أمّا الخطر فهو وجود الإرهاب ضمن البيئة الفرنسية والأوروبية، ونحن لا نتحدّث عن عناصر خارجية أتت من الخارج". ويتابع: "نعيش حرب الكل ضد الكل، وهذا المصطلح استعمله توماس هوبس منذ ما يقارب الخمسمائة سنة، ولا شكّ في أن ما حصل يؤثّر على الجالية الإسلامية والعربية في أوروبا، فقد بدأ ذلك بالهجوم على ثلاثة مساجد في فرنسا بقنابل يدوية الصنع، وسيستفيد اليمين الفرنسي والأوروبي من هذه الظاهرة".
"لن يكون الضرر مباشرًا على الاشخاص المسلمين، بحسب جمول، لأنّ هذه الأعمال لا تمثّل المسلمين، فهي ظاهرة خارجة عن الإسلام، وقد أُوجِد الإسلام المتطرّف لتشويه صورة الإسلام، والاستفادة منه جيوسياسيًّا واستراتيجيًّا وعسكريًّا خارج الاراضي الاوروبية. وهنا نتحدّث عن إسقاط أنظمة مثل ليبيا، وتعزيز الإرهاب كما في مصر".


زلزال خطير
وعن تأثير ما يجري على ظاهرة "الاسلاموفوبيا" وتمددها في المجتمعات الغربية، اعتبر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل العميد المتقاعد مختار بن نصر في حديث لـ"النهار" ان " الرؤى تختلف، وهناك كثير من العقلاء والمثقفين ورجال العلم ورجال الدين ينظرون بعقلية تقبّل الآخر، كما هو شأن العديد من المثقفين العرب والمجتمعات المدنية، لكن هناك سلوك بعض الأقليات المتطرّف أو حتى الداعي إلى العنف، كاليمين الفرنسي الذي شاهدناه في أكثر من مناسبة، يرفض الآخر ويريد طرد كل العرب والمسلمين من فرنسا".
واعتبر أن ما حدث بالأمس واليوم "زلزال خطير وسيؤثر على سلوك بعض المجموعات الفرنسية التي ترفض في الاساس المسلمين كما سيؤجّج العداء ضدّ المسلمين وسيؤثّر على سلوك الدولة الفرنسية التي أخذت على عاتقها التصدّي للإرهاب إن كان في مالي أو في أيّ أمكنة أخرى، وأعتقد أنها ستكثف قدراتها كرد فعل على هذه العملية، وستذكّرنا ربما بِردّ فعل أميركا بعد أحداث أيلول".


اقتناص الفرص
وعن رؤيته لمدى تطور الأمور، أجاب: "هذا غير مستبعد نظراً إلى كون هذه العملية كانت دقيقة ومحضرة بشكل جيّد، وجاءت في وقت استنفار القوى الأمنية الفرنسية التي ما زالت يقظة منذ عطلة نهاية السنة. وما حصل سيحرك المجتمع الفرنسي وسيؤدي إلى فوضى ما لم تتمّ السيطرة على الأمور، وربما تحوّل إلى عداء تجاه الجالية العربية والإسلامية".
ما حصل دليل على ضعف تقصّي أثر المجموعات الإرهابية في فرنسا، التي تحمل السلاح وتتواجد في قلب العاصمة الفرنسية بحسب بن نصر، الذي شرح: "هذه المجموعات تتّخذ شكل خلايا نائمة، وتحرّكها أهداف محدّدة. وهي تقتنص الفرصة لكي تصيب من أهدافها مقتلاً. وهذا يقنع الفرنسيين والاوروبيين ان الإرهاب لا يصيب فقط الآخرين، بل هو عدو مشترك للجميع، وعليهم أن يضعوا أيديهم بيد بعض لمواجهة هذه الظاهرة، التي باتت تنشط على مستوى عالمي، والتي ترفض الآخر، ولا تريد أن يقوم مستقبل الانسانية على التضامن والتآخي، وأنّ ما حصل يدفع المجتمع الدولي الى تكثيف جهوده لمحاولة التخلص من ظاهرة داعش والمتطرفين سواء في الشرق الأوسط أو في أماكن أخرى، وسيعطي دفعًا للذين ما يزالون متردّدين في فهم الظاهرة والتصدّي لها بشكل موحد".


موسم الحصاد


من جانبه، اعتبر الخبير الجزائري في مكافحة الإرهاب علي زاوي أن "ما حدث ردّ فعل على السياسة التي انتهجتها فرنسا في أفريقيا وسوريا وليبيا، وكان متوقعاً، ونحن حذّرنا من هذه العمليات منذ فترة، قائلين إن فرنسا ستجني ما حصدته في شمال مالي، والذي ترجم أولاً بـ2500 جهادي فرنسي في سوريا، 1000 منهم من أصول فرنسية و 1500 من جنسيات مزدوجة، وأغلبهم من المغرب وتونس، ومن بينهم حوالى 300 مختصون بالعمليات الانتحارية".
ويخشى أن تتوسّع هذه العمليات "وتحصل عملية إنتحارية في قلب باريس، أكثر دموية من هذه العملية، بعد الاخفاق الأمني الخطير الذي حصل".


زاوي علّق على وجود مشتبه فيهم من أصول جزائرية قائلاً: "المسلمون الحقيقيون يتبرّأون من هذه الأعمال، ولو أن بعض المشتبه فيهم من الجزائر، إلا أن أكثر الجهاديين في المنطقة هم من أصول تونسية ومغربية في المنطقة".


دور المؤسسات الدينية
"نحن في حاجة الى دور فاعل للمؤسسات الدينية، نتحدّث عن الأزهر والنجف وقُمْ والمؤسسات الدينية في المغرب العربي، التي يجب أن يكون لها دورُ واضح وصريح لتغيير بعض المفاهيم السلبية في الاجتهاد الإسلامي. وهذا ما تحدث عنه السيسي منذ فترة عندما تحدث عن ثورة دينية إسلامية، لكن المعضلة أن هناك تنافسًا من دون تعاون بين المؤسسات الدينية، كما أن بعض المؤسسات الدينية تنفذ وللأسف أجندة لبعض الدول التي تموّلها "، بحسب ما ختم به حمزة جمول.
السيناريو الآتي هو في يد الإرهابيين. أما إمكانية تصوير مشاهد جديدة فيتوقف على جهوزية وفاعلية أمن واستخبارات البلد الذي سيقع الاختيار عليه!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم