الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"يوميات شهرزاد": سجينات لن يسكتن عن الكلام المباح

جوزفين حبشي
A+ A-

بعدما أثبتت الممثلة والمخرجة والمديرة التنفيذية لـ"المركز اللبناني للعلاج بالدراما – كثارسيس" زينة دكّاش عبر فيلمها الوثائقي الأول "12 لبناني غاضب" (جائزتا "المهر العربي" و"اختيار الجمهور" في مهرجان دبي السينمائي الدولي 2009 عن فئة الوثائقي) أن السجن ليس وسيلة عقاب وقمع فحسب، بل أداة اصلاح وتحسين، ترفع صوتها اليوم مجدداً من خلال تجربة انسانية اجتماعية علاجية جديدة بعنوان "يوميات شهرزاد" (جائزة الإتحاد الدولي لنقاد السينما للأفلام الوثائقية في مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013).


بعد سجناء رومية الرجال الذين تحرروا من غضبهم من الحياة والفشل، وشعروا بأهميتهم مع نيلهم فرصة التعبير عن ذاتهم من خلال مسرحية تحوّلت لاحقاً الى فيلم، تستعيد دكاش تجربة العلاج بالدراما نفسها مع سجينات حبس بعبدا. تجربة انطلقت أيضاً كمسرحية ثم تطورت الى شريط يدعو شهرزاد الى عدم الصمت عن الكلام المباح بعد الآن فيما يتعلق بالعنف الأسري الذي يرتكب بحقها في ظل تقصير القوانين التي تحميها، فتدفعها الى مواجهة العنف بعنف من نوع آخر، قد تكون هي والمجتمع ضحيته على حد سواء. وثائقي مؤثر ومزلزل في الوقت عينه، لا يكتفي بنشر الوعي في مجتمع ظلم أولئك النساء فظلمنه بدورهن وأصبح ضحيتهن بعدما كنّ ضحيته. الوثائقي ساعد السجينات على تغيير صورتهن في نظر أنفسهن قبل نظر المجتمع فاكتسبن ثقة لمواجهته، لا الانكسار أمامه. ايضاً هو يدعو الى إقرار قانون يحمي المرأة من العنف الذكري والى تعديل القوانين المتعلقة بسجن الموقوف حتى إشعار آخر، لأن كثيرات هنّ السجينات الموقوفات من دون محاكمات.


مدة الشريط 80 دقيقة عابقة بالوجع والدموع والمعاناة، وأيضاً بالضحكات والشفاء والمقابلات مع مجموعة من السجينات يتمتعن بوعي كبير وقدرة على مناقشة ما حصل معهن بفضل العلاج بالدراما. معهن نجول في كواليس ذلك السجن، ونستمع بتأثر الى قصصهن من وجهة نظرهن، والى العنف المعنوي والجسدي والجنسي الذي تعرضن له منذ صغرهن، فدفعهن الى ايذاء انفسهن والمجتمع من خلال رد فعل سلبي ترجم غالباً بارتكاب جرائم تراوح بين قتل الزوج وتعاطي المخدرات والاتجار بها والسرقة والدعارة. فكانت النتيجة معاقبة من ارتكب الجرم، من دون الأخذ في الاعتبار من تسبب به. الشريط ليس مجرد علاج بالدراما للسجينات فقط بل للمجتمع كله، فهو يفتح عيوننا وينير بصيرتنا ويساهم في إشعال شمعة أمل قد تبدد ظلمة السجن الداخلي.


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم