السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

شكراً للأمن العام!

المصدر: خاص- "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
A+ A-

لا أعرف إلى مَن أتوجّه بالشكر، باسمي الشخصي، وباسم الكثيرين من أمثالي الصحافيين والكتّاب والمثقفين والفنانين، على النِّعم التي تفيض علينا، في لبناننا العظيم، من كلّ حدب وصوب.


أنْ لا أعرف إلى مَن أتوجّه بالشكر، فهذا يُحدِث لديَّ إحراجاً لا يعدله، والله، إحراج. فأنا أخشى أن يحلّ الشكر في غير موضعه، فيطيش عن معناه، فأتعرّض للنقد واللوم، بسبب سوء التصرف!
لكن المناسبة الراهنة، وهي تحفةٌ "ديموقراطية" أكيدة، تستحق توجيه الشكر. إنها تتمثل في منع عرض الفيلم الإيراني، "الأكثرية الصامتة تتكلم"، للإيرانية باني خوشنودي، في إطار مهرجان "الثقافة تقاوم" الذي تنظّمه بيروت.
أأشكر الأمن العام بسبب هذا المنع الصائب جداً، والضروري جداً؟ أم أشكر وزارة الداخلية؟ أم الحكومة كلها؟ أم مجلس النواب الممدًد لنفسه للمرة الثانية؟
لا أريد أن "ألطّش" على أحد من هؤلاء، أو أغمز من قناته. بل العكس، تماماً. فأنا، والحقّ يقال، أشعر بدَين عظيم، حيال الجهة التي منعت عرض الفيلم، الذي كان من شأنه، لو عُرِض، الإساءة إلى علاقة لبنان بدولة صديقة، أثبتت وقوفها إلى جانبنا، في أحلك الأيام وأشدّها صعوبة!
أعني الجمهورية الإسلامية في إيران، التي لم تترك فضلاً إلاّ أنعمت به علينا، و... من دون مقابل.
كان بودّي، أن أومئ إلى الجهة الرسمية اللبنانية التي منعت عرض الفيلم، لكي تتخذ الإجراءات العقابية الصارمة جداً جداً، في حقّ الجهة التي تنظّم مهرجان "الثقافة تقاوم". عملٌ من مثل هذا النوع، يجب أن يُخنَق في مهده، وأن يُرمى أصحابه في السجون، لأنه يمثل "خيانة" موصوفة لمفهوم "الثقافة المقاوِمة"، عندنا في لبنان. ولو، يا جماعة!؟
من الآن فصاعداً، يجب أن يتعلّم الفنانون والكتّاب والمثقفون والصحافيون، أنه لا يجوز المسّ بعلاقات لبنان الاستراتيجية، وإن بفيلمٍ يصوّر مشاهد ووقائع واقعية، فعلية، جرت فعلاً وواقعاً، وتكشف النقاب عن مجازر ارتكبها النظام الإيراني في حقّ مواطنيه المتظاهرين. لا يجوز للفنّ أن ينتقد، لا إيران ولا السعودية ولا قطر، ولا سواها من الدول "الفاعلة" في لبنان. يحقّ له فقط أن ينتقد دولاً، لا أهمية لها في الحسابات المحلية والإقليمية. يحقّ له مثلاً، وربما من غير حقّ، على سبيل المثال، أن ينتقد الأردن (معليش)، أو تونس (معليش)، أو المغرب (معليش)، أو ليبيا (معليش)، الخ... لأنها دول لا تقيم الدنيا وتُقعدها بسبب عرض فيلم سينمائي. أما أن ينتقد إيران، لأنها دولة دينية، توتاليتارية، استبدادية، جائرة، تقتل بعض شعبها لأنه يتظاهر، فهذا مما لا يصحّ في لبنان، الخاضع للترهيب الإيراني الكلّي الطوبى.
عود على بدء. أريد فقط أن أشكر مانعي الفيلم. صدِّقوني، ليست غايتي أن أغمز من قناة "حزب الله" وحلفائه. حاشا.
أريد فقط أن أعاتب الجهة المنظِّمة للمهرجان، لأنها ارتكبت هذه الغلطة.
وأريد أن أشكر الجهة المانعة.
العتاب غسلٌ للقلوب. ثمّ، ألا تعلمون، يا سيداتي، ويا سادة، أنه بالشكر تدوم النعم!؟
[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم