الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إطلاق إسلاميي رومية: ما البديل في مواجهة السكين؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
A+ A-

يحبس اللبنانيون أنفاسهم أكثر فأكثر مع تزايد الضباب الذي يحيط بملف المخطوفين العسكريين الرازحين تحت رحمة سكين "الخاطفين" ورفض الحكومة التفاوض مع الارهابين، وبين هذا وذاك يغلي جمر لبنان من تحت الرماد منذراً بانزلاق البلاد الى أتون توترات يمكن التنبؤ بأولها لكن لا أحد يستطيع التكهن بمسارها.


"جبهة النصرة" التي أظهرت "حسن نواياها" باطلاق عدد من العكسريين المحتجزين لديها، أعلنت أنها ستبدأ خلال أيام حملتها العسكرية لتحرير قرى منطقة القلمون السورية الحدودية محذرة من أن أي مشاركة لـ "حزب الله" في القتال سيضطرها لقتل الأسرى العسكريين اللبنانيين الشيعة لديها، مطالبة باعتذار من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن حرق راية التوحيد في منطقة الأشرفية، كما نقل الشيخ مصطفى الحجيري.
أما تنظيم "الدولة الإسلامية" فيمارس سياسة التهويل النفسي على الحكومة اللبنانية وأهالي الأسرى بتصفية العسكريين المحتجزين لديه ما لم تتمّ الاستجابة لشروطه، منفذاً تهديده بسفك دماء الرقيب علي السيد، ومهدداً بقتل المزيد.


وكالعادة انقسم اللبنانيون حول مقاربة هذه القضية الوطنية، "النهار" استطلعت اراء ممثلي الكتل النيابية عن رؤيتهم لحل هذا الملف الشائك، سيّما مع اعلان البعض الواضح رفض اطلاق سجناء اسلاميين، وركون بعض آخر الى تسوية ملفات قضائية يعتقد انها تسهل عملية الافراج عن العسكريين.


"طرد النازحين"


عضو كتلة "الكتائب" النائب ايلي ماروني اعتبر ان "مبادلة المخطوفين بسجناء من سجن رومية فيه انتقاص لهيبة الدولة والقضاء والأمن، إذ لا يجوز مفاوضة الارهابيين كي لا تصبح سابقة من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة العديد من الأمور وتقديم الكثير من التنازلات، أما الحل فيكون من خلال أجهزة أمنية تخطط وتنفذ وتدرك ما عليها القيام به ". وقال: "اليوم يوجد مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان، أعتقد أن الارهابيين يهتمون لأمرهم وبالتالي إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى يجب ترحيل جميع النازحين، كما توجد في لبنان خلايا ارهابية يجب العمل على ايقافها للضغط على الارهابيين ".
وأشار ماروني الى انه يقدر مشاعر الأهالي و"أشعر بخوفهم وقلقهم على أبنائهم، لذلك على الدولة والأجهزة الأمنية الاسراع في اتخاذ هذه التدابير حفاظاً على أرواح الأسرى ". وعن الطريق التي سيسلكها الملف، قال: "يجب فتح تحقيق في كيفية حصوله".


"لا للتفاوض"


قضية المخطوفين وحدت آراء حزب "الكتائب" مع "التيار الوطني الحر" حيث اعتبر عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ناجي غاريوس أنه "من الطبيعي أن لا يفاوض الجيش النظامي والحكومة اللبنانية مجموعات ارهابية، إذ لا يمكن كدولة لديها دستور وقانون مفاوضة الارهابيين، وستكون سابقة مبادلة الأسرى بسجناء رومية وستهز هيبة الدولة المهزوزة أصلاً ". أما البديل فهو "مفاوضة الدول الداعمة والممولة لتلك المجموعات".
وتساءل غاريوس: "لماذا تمت عملية الخطف من أين أتى القرار  وكيف سمح لهم تنفيذ العملية، مضيفاً: "هناك ارتخاء وعدم مسؤولية ، ولم ننسَ بعد نتائج التراخي وما أدت إليه من سيطرة الفلسطينيين على الحكم في مرحلة ما، أما اليوم فلم يعد مقبولاً تكرار ذلك".


"فوضى لاحقة"


الخوف من أن تشكل مفاوضة الخاطفين سابقة، جمعت "التيار" و"الكتائب" مع "الحزب التقدمي الاشتراكي"، فاعتبر مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي رامي الريس أن "البحث عن بدائل لمقايضة المخطوفين تقرره الحكومة والجهة التي تفاوض معها، وذلك كي لا تسجل سابقة وندخل في فوضى لاحقة من خلال تكرار سيناريو الخطف في أماكن أخرى ".
وعلى الخط نفسه، اجتمعت "القوات اللبنانية" مع كتلة "التنمية والتحرير" فاعتبر مستشار رئيس "حزب القوات اللبنانية"، العميد وهبي قاطيشا أن "موقف القوات من موقف الحكومة اللبنانية التي هي أخبر بظروفها "، كذلك أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر" أنهم مع "كل ما تتخذه الحكومة من قرارات كونهم ممثلين فيها ".


"اللاءات الخشبية"


على ضفة أخرى من الكتل السابقة وقف تيار "المستقبل"، فرأى القيادي مصطفى علوش أنه" في حال وجود بدائل، يجب أن تبحث في الأوساط الأمنية والسياسية، قناعتي أن الرفض المطلق لأي خيار هو عمل غبي بكل ما للكلمة من معنى، إلا إذا كانت توجد خيارات أخرى ناجعة، الرفض المطلق للمبادلة يعني أننا نقول "حتى لو بدنا نضحي بالعسكريين ". واستطرد: "إذا كان هذا الجواب فأنا أرفضه، لأنه بالنسبة لي أرواح أبناء البلد هي الأساس والأولوية، وأتصور أن لا أحد يستطيع أن يحمّل على ضميره دماء شبابنا، لذلك أفضل بدل اللاءات الخشبية أن نترك القضية لدراسة بين المؤسسةالأمنية والمؤسسة السياسية كي تأخذ الخيارات وهذا بالتأكيد موقف تيار المستقبل ".


"هيئة العلماء" على موقفها


من ناحية أخرى، أكد الناطق باسم "هيئة العلماء المسلمين" الشيخ عدنان أمامة أن "الهيئة" لا تزال على موقفها من تعليق وساطتها، قائلاً" لا يوجد ظروف مؤاتية لانجاح الوساطة، فالحكومة لم تعطنا أية أوراق يمكننا المفاوضة بها أو المناورة على أساسها، توقفنا عن هذا الملف باستثناء الجانب الانساني منه كاسترداد جثة الرقيب علي السيّد بعد طلب أهله منا ذلك ".
وأضاف أمامة: "نخشى على دماء المخطوفين التي يمكن أن تهدر في أية لحظة وما يمكن أن يكون لذلك من ارتدادات خطيرة على البلد ككل ومشاعر الناس "، متسائلاً: "متى تتحرك الحكومة ؟ هل عند ذبح المزيد أم ليس لديها مشكلة وتعتبر موتهم طبيعياً ؟ أتمنى جواباً على ذلك... ".
وكانت مصادر قضائية أكدت لـ"النهار" في هذا المجال ان ثمة سعياً الى الافراج عن عدد من الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، مشيرة الى ان الافراج عن عدد منهم ممن يسمح وضعهم القانوني بذلك سينعكس ايجاباً على قضية العسكريين الاسرى .الا ان هذا المخرج الذي لا يحظى يتغطية القرار السياسي الشامل لا يستجيب لمطالب الخاطفين الكبيرة جداً والتي تبدأ باطلاق ارهابيين متهمين بالتورط بتفجيرات داخل لبنان وتنتهي بطلب انسحاب "حزب الله" من سوريا. فأي مخرج سيفلح وهل ستخضع ولادة القرار السياسي اللبناني الموحد لمعايير الازمات التقليدية في مواجهة أزمة غير تقليدية تتمثل بسن الارهابيين السكين!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم