الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أبو بكر البغدادي مُتهكِّماً على تحجيب أثداء البقر!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
A+ A-

ليس كون "الدولة الإسلامية" الحدث، لاقت أغنية "مدد مدد" لفرقة "الراحل الكبير" صدى. ذلك ساهم لا شكّ، فكلّ قولٍ عن "داعش" يستدعي آذاناً تُصغي، كون التنظيم يرادف الرجعية والخطر، والبعض يتابع ليطّلع. منذ نحو السنتين، تأسست فرقة قوامها شبانٌ يتهكّمون على الواقع، مُجرِّدين إياه من الزيف.


تتعمّد الأغنية محاكاة "الخليفة" أبو بكر البغدادي بالفنّ عوض أداة القتال، والتهكّم عوض أخذه على محمل الجدّ. "يا حاكم بأمر الله"، تتوجّه الأصوات مُنتقدة "شرعيته" ومعلنة، من خارج المفردات المُتداوَلة، رفض الاعتراف بها. تكثّف الأغنية إسقاط البغدادي و"دولته"، حاملةً النقيضين بين السطور: جدّية تمدّد "الدولة الإسلامية" (السخرية من الذبح وتحجيب أثداء البقر) وعبثها الأقرب الى دعابة يلفظها العقل: "يا حاكم بأمر الله، يا ناصر لشرع الله، يا سايق عباد الله على هاوية ما بعدها هاوية".
ستة شبان صاغوا خطاباً "يحاكمون" به "الحاكم": عماد حشيشو وعبد قبيسي، وعلي الحوت، وخالد صبيح، وساندي شمعون، ونعيم الأسمر، كأنهم بالصوت واللحن والآلة الموسيقية يقتادون المجرم الى القفص، يُخضِعونه للمحاسبة، مُتيحين إمكان الاستهزاء به، ليس لـ"ضعفه" أو "انهزامه"، وإنما لأنّه قابلٌ، على رغم ادعائه الجبروت، للتحوُّل مادة للسخرية. تعبث الأغنية في الراكد، وتترك التأويل ممكناً، فالجُمل هنا أداة مواجهة، كما اللحن، أما الصوت فصافرة إنذار تشي باندلاع "حرب" رداً على الحرب القائمة. "لُطف" الأداء وانسيابية اللحن، في مقابل انسجام الفرقة وتناغم وظيفتها التوجيهية، عناصر عملٍ متماسك بنيته ليس ظاهر الدعوة، بل ما تنطوي عليه من اسقاطات. هنا، يَحار المَعني بالتهكّم ما بين حمْل الأغنية على ظاهرها، وقراءتها كتحدٍ "صادم"، وبين تشريحها و"اتهامها" بـ"نقد" الإسلام عبر ممارسات جماعات تدّعي النُصرة له. انفتاح الأغنية على دلالات تأويلية، يحيل النيات على المحاكمة بغية تجريم المعنى الباطن وإلحاقه بالظاهر، ووسمهما معاً بالتكفير ("على شان الإسلام رحمة/ رح ندبح ونوزّع لحمة"). تدرك الأغنية عاقبة النيل من الذات القائمة على التذبيح والتطرّف، مُورِّطة البغدادي، بحريتها في التنقّل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هو الآخر، في التهكّم على نفسه و"دولته" كونها أرضاً خصبة للهزء.
لا مساومة مع الإطاحة بالمنطق، ولا تملّق شأنه درء الخطر المحتَمل جراء الافراط في السخرية. لا تعبأ الأغنية بحسابات ومصالح، ولا تكترث لإمكان أن تُفتَح عليها النار. الفن ملتزم، لا يغالي في تفسير تكدّس القبور، ولا يعنيه تمجيد الحياة في مقابل غريزة الموت. يترك للجهل إلقاء النكات على ذاته، من غير منّة اختراعها من أحد. دعوة "الدولة الإسلامية" الى تحجيب أثداء البقر، سرعان ما تتعرّض للتهكّم على ذاتها، مُعرِّية الفتوى من جدِّيتها، ومُحوِّلة إياها "صفّ كلام". تغنّي الفرقة مُضمِّنة ما أرادت قوله في قلب المعنى: "الحشمة من الإيمان/ والفتنة من الشيطان/ أنا والله لو كنت بقرة/ كنت ألبس السوتيان".
تعي الفرقة دقّة المرحلة، ومسؤولية أن تحضّ الأغنية على تأليب العقل لمواجهة غريزة الوحوش. انتشارها افتراضياً، وترددّها في أوساط الناشطين، الى زيادة عدد زوّارها يوتيوبياً، يجعلها شمعة تُضاء عوض الاكتفاء طوال الوقت بلعن الظلمات.


 


[[video source=youtube id=XUHgQD-RgDk]]


 



[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم