الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إلى متى تستمرّ ثورة الإثارة؟

يارا عرجة
A+ A-

لا تتحمّل شيراز لبس الكعب العالي، وتعتبره وسيلة مصطنعة لإبراز مفاتن المرأة. فهي "بتعتل همّ" الظهور به في الأعراس والمناسبات الرسميّة لأنّه واجب تفرضه عليها والدتها "لتكمّل أنوثتها". أمّا بالنسبة إلى ريم، فهي لا تواجه أيّة مشكلة مع الكعب العالي، ولكن تفضّل البالورين والسنيكرز عليه في الجامعة ومكان العمل لأنّ هذا النوع من الأحذية أكثر راحة وأكثر عملانية. أمّا لارا، فهي تعشق الكعب العالي وتعتبره وسيلة لإبراز جمالها وأنوثتها الشيئين المهمين لها، وتبدي استعدادها لتحمّل بعض الأوجاع والآلام في مقابل جمال المظهر والأناقة الدائمة. كذلك للشباب رأي، فجورج يقول إنّ المرأة التي ترتدي الكعب، تلفت نظره أكثر من الأخريات. من الأسود، إلى الأبيض والأحمر، يحتلّ الكعب العالي اليوم مرتبة خاصّة في حياة المرأة الأنيقة. إلاّ أن له مخاطر عديدة على صحّتها، فهل المرأة مستعدة لدفع هذه الضريبة مقابل أناقتها وجمالها وإثارتها للرجل؟


الكعب العالي للإثارة:
في حديث لـ "النهار"، يوضح الدكتور بيارو كرم أنّ "النّساء عام 1968 كنّ يرفضن لباس الكعب العالي للتأكيد على انّهن لسن موضوعاً للرغبة. إلاّ أنّ المرأة اليوم عادت للباس الكعب العالي للحيازة على مظهر أكثر أنوثة وللحصول على وضعيّة جسديّة وفيسيولوجيّة تثير الرغبة في الرجل (ظهر جالس، مؤخّرة بارزة...). فالمرأة بطبعها، تحبّ الاهتمام بجمالها وإظهار مفاتنها، غير أنّ نظرة الآخر إليها النابعة من المجتمع، تزيد من رغبتها في الاهتمام بمظهرها كما هو الحال في لبنان، بعكس المجتمعات الفرنسيّة أو الجامعات والمدارس ، حيث لا يبدي الزملاء والتلامذة أيّ اهتمام لمظهر المدرّسة، ممّا يفسّر إهمالها لمظهرها. فلاحظ أنّ أغلبيّة النساء المثقفات بدينات، فباعتقادهنّ، إهمال المظهر يقابله فكر وثقافة. أمّا بالنسبة إلى الرجل، فهو ينظر إلى المرأة نظرة مختلفة، فكلّما ظهرت ملامح الأنوثة على المرأة، أصبحت هذه الأخيرة اكثر إثارة للرجل، قادرة على تحريك الرغبات فيه. فيتخيّل الرجل ما تستطيع هذه المرأة أن تقدّم له من متعة، وكيف بإمكانها أن تشبع رغباته جنسيّاً. فكلّ ما يفكّر فيه الرجل عند رؤية امرأة مثيرة هو ربحه الجنسي منها.



مشكلات صحيّة قد تترتب عن الكعب العالي
على الرغم من أن الكعب العالي يُبرز جسد المرأة، غير أنّه يشوّهه في الوقت عينه وذلك لأنّه:



* يغيّر من مشية المرأة: عمد ثلاثة باحثين من جامعة Griffith الأوستراليّة إلى دراسة مخاطر الكعب العالي على صحّة المرأة، وقد نشروا دراستهم في The Journal of Applied Physiology في العام 2012. أجريت الدراسة على 19 امرأة (مراهقات ونساء تراوحت أعمارهنّ بين العشرين و30 سنة): 9 من بينهنّ كنّ يلبسن الكعب العالي لأكثر من 40 ساعة في الأسبوع لمدّة سنتين على الأقلّ، أمّا العشر الأخريات فلم يسبق لهنّ تجربة الكعب العالي أبداً، باستثناء اللواتي كنّ قد لبسنه لمرّات نادرة جدّاً. قام الباحثون بقياس حركة العضل لأقدامهنّ في المختبر، وطلبوا منهنّ السير عشر مرّات حافيات الأقدام وعشر مرّات بالكعب الذي اخترنه أمامهم. وقد جاءت النتائج على النحو التالي: حتّى النساء الحافيات الأقدام اللواتي اعتدن لبس الكعب العالي، مشين بطريقة مختلفة عن اللواتي لم يسبق لهنّ أن ارتدين الكعب العالي. فقد تبيّن أنّ المرأة التي تلبس عادة الكعب العالي تمشي بخطوات صغيرة ولكنّ قوية على رؤوس أقدامها، حتّى وهي حافية. وقد استنتج الباحثون كذلك أنّ الكعب العالي يؤثر في وتر أخيل (Achille). إلاّ أنّ للغضروف دوراً أساسياً أثناء السير، لأنّه يعطي المرأة الطاقة على المشي، ممّا يفسّر سبب تعب النساء اللواتي يلبسن الكعب دائماً. كما يؤثّر الكعب العالي في المفاصل والهياكل الداخليّة للقدم.



* يسبب تقوّس الظهر: يزيد الكعب العالي من تقوّس الظهر ويسبب آلاماً عدّة خصوصاً في أسفله. فإن كنت تعانين من مشاكل في فقرات الظهر، من المحبّذ ألاّ تلبسي الكعب العالي لأنّه سيزيد من الوجع.



* يؤدي إلى انطواء الركبة والتهاب المفاصل: أكّدت دراسة لجامعة Iowa State الأميركيّة تقضي بدراسة تأثير الكعب العالي على الركبة والمفاصل، أنّ لبس الكعب العالي قد يسبّب التهاباً في المفاصل، وانطواء في الركبة بسبب الضغط على الرضفة وعظم الفخذ.


في هذا الإطار، يقول الدكتور جاد عقيس طبيب الروماتيزم في Hotel Dieu المختص في القدم، "النّهار 2" إنّ للكعب العالي الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 5 سنتيمترات مخاطر عدّة على قدم المرأة. ففي هذه الحالة، يكون كعب قدم المرأة (في الخلف) أكثر ارتفاعاً من مشط قدمها (في الأمام)، فيسبّب الكعب ضغطاً على مشط القدم، وعلى الأصابع التي تأخذ بالتالي شكل المخالب. وينتج من هذا الضغط أوجاع عدّة، ويتشكّل بالإضافة إلى ذلك، اللحم الميت تحت أصابع القدم. نعم، إنّ أحد أسباب ظهور اللحم الميت تحت أصابع القدمين هو لبس الكعب العالي! ويضيف أنّه عندما يكون الكعب عالياً، يكون الحذاء رفيعاً من الأمام، ممّا يؤدّي إلى انحصار القدم، "فبيتّاخد العصب" بسبب الضغط عليه وينحصر مسببّاً ما يعرف بالـ névrome de Morton فينجم عن ذلك التهاب العصب بالمشط ممّا يتسببّ بوجع قوي. ويشير الدكتور عقيس أنّ الكعب العالي غير ثابت على الأرض، ممّا يؤدّي إلى انحراف القدم إلى الداخل، فيحصل الفكش (كلّما كان الكعب رفيعاً ويشبه الإبرة).



أمّا في حال تخطّي طول الكعب السبعة سنتيمترات، فيصبح هناك ضغط كبير على صابونة الرجل، فتشعر المرأة بآلام كثيرة، وتتعرّض إلى مشكلة ثني الركبة. كما يظهر تقوّس في أسفل ظهر المرأة فتشعر بأوجاع في تلك المنطقة أي في اسفله. وفي الختام، ينصح الدكتور عقيس المرأة باختيار "حذاء سليم أي إنّه يحترم توازن القدم الطبيعيّة، ويعكس ويحترم مسيرة القدم". وينصحها بالابتعاد عن الزحف لأنّه بدوره يسبب للمرأة المشاكل. فلأنّ هذا النوع من الأحذية عريض من الأمام، لا يصبح هناك تناسق في القدم، ولا يوجد تقوّس لحماية عقد القدم، ممّا يؤدّي إلى مشاكل في الوتر، فتصاب بالتالي المرأة بالـ Jambier postérieur أي عضلة الساق الخلفية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم