الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رعب الحرب يثقل كاهل اطباء الجراحة الترميمية في غزة

المصدر: "أ ف ب"
A+ A-

لا تعمل في قطاع غزة تحت الحرب حاليا سوى غرفة عمليات واحدة للجراحة التجميلية والترميمية، وتسيطر عليها حالات الحروق البالغة والمصابين الذين شوهتهم شظايا القذائف الاسرائيلية.


ممددا على سريره في المستشفى، بدا يامن مشوها تماما، فالطفل البالغ من العمر ثلاث سنوات اصيب جراء غارة اودت بحياة افراد عائلته جميعا الاسبوع الماضي في البريج وسط قطاع غزة، ليحترق ايضا ظهره بالكامل ويصاب بكسور عدة.
حصل ذلك في مساء اول ايام عيد الفطر، وبشكل مفاجئ دمرت غارة اسرائيلية منزل يامن بالكامل لتقتل 19 من افراد عائلته، ويكون هو الناجي الوحيد، الطفل المعجزة ولكن ايضا اليتيم الذي شوهته الحروق.
وضع يامن في البداية في احدى العيادات ثم نقل سريعا الى قسم الحروق البالغة في مجمع الشفاء الطبي في غزة، حيث يغرق اطباء الجراحة في رعب الحرب الاسرائيلية على القطاع المحاصر.
تنقل سيارات الاسعاف يوميا اشخاصا مهشمين، محروقين او آخرين يقطرون دما، قد يفقدون الحياة بعد ساعات قليلة وهم ممددون على الحمالات. اما الناجون فيتم نقلهم الى غرف العمليات، واحيانا الى الغرفة الاكثر تواضعا في قسم الحروق، والوحيدة التي يستخدمها اطباء التجميل في قطاع غزة كافة.
وبلغت حصيلة القتلى الفلسطينيين في الحرب الاسرائيلية على القطاع منذ الثامن من تموز الماضي اكثر من 1850، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وغالبيتهم من المدنيين، ويضاف اليهم حوالي تسعة آلاف جريح.
ويقول غسان ابو ستة، الطبيب في الجامعة الاميركية في بيروت والذي توجه الى غزة منذ حوالي اسبوع مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين، ان "هناك القليل جدا من الحالات البسيطة. اشعر ان 70% من الاصابات ستبقى دائمة، ان كان على شكل ندب او على شكل تشوهات... لن يعودوا كما كانوا ابدا".
ويروي ابو ستة "لقد عالجت طفلا في الثامنة من عمره فقد كل عائلته، كما فقد نصف وجهه واحدى عينيه، كما فئت عينه الثانية جراء اصابتها بشظية قذيفة. لقد خسر عائلته ودمرت تماما قدرته على الاهتمام بنفسه. ليس لديه اي مستقبل، ويسأل طوال الوقت لماذا اطفأوا النور".
ويختصر ابو ستة ما يحصل في القطاع بان "حجم المجزرة التي اصابت غزة يتخطى باشواط قدرة اي نظام صحي، فكيف اذا كان نظاما صحيا يصارع ثماني سنوات من الحصار". وهذه ليست المرة الاولى التي يسارع فيها ابو ستة للتوجه الى القطاع للمساعدة، فقد كان حاضرا ايضا في حرب 2008-2009.
وقد تخطى عدد ضحايا الحرب الاسرائيلية من حيث القتلى والجرحى هذه المرة ضحايا الحرب الماضية. ويقول ابو ستة انه "من المستحيل مداواة الجميع" قبل ان يبدأ بمعالجة شاب اصيب في رجله التي اخترقتها شظية كشطت اللحم حتى بان العظم.
ومنذ حوالي شهر اصبح لكل يوم في غزة قتلاه وجرحاه الموزعون في مستشفيات القطاع المحاصر. وفي نهاية الاسبوع الحالي، حذر منسق العمليات الانسانية للامم المتحدة في قطاع غزة جايمس راولي من "اننا نشهد حاليا كارثة صحية وانسانية" في غزة.
ولم تسلم ثلث مستشفيات قطاع غزة من الحرب، كما ان نصف العاملين في المجال الطبي لا يستطيعون الوصول الى العيادات او المراكز الطبية التي لا زالت بمنأى عن الدمار.
ويشرح مدير العمليات في منظمة اطباء بلا حدود في قطاع غزة نيكولاس بلاروس ان "وضع النظام الصحي كارثي اليوم، الناس تعبت والعديد من المستشفيات تعرضت للقصف، حتى ان الناس يخافون الذهاب الى المستشفى".
وليس ذلك فقط فان العاملين في المجال الصحي الفلسطيني يواجهون "ضغوطا جراء القتال الدائر، والبعد عن عائلاتهم والتعب ونقص الادوية. النظام الصحي كله في حالة مفجعة" من دون اي استثناء.
وفي هذا اليوم تحديدا في قسم الحروق، يدهن العاملون الطفل يامن، العاري والضعيف والمرعوب، بمرهم مضاد للبكتيريا، لعله يساعد على معالجة الندب.
ولكن قريبته وزوجها، المسؤولين عنه حاليا، يفكران ان من الافضل ربما اخراجه من غزة لابعاده عن رعب الحرب.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم