الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المونديال يعيد "الحياة" الى العراق...

المصدر: "أ ف ب"
A+ A-

يدخن رائد عبد الحسين الشيشة بلا توقف من دون ان يزيح نظره عن شاشة التلفزيون في مقهى في وسط بغداد وهو يتابع بقلق مزدوج احداث مباراة ضمن بطولة كاس العالم، حسرة على فريقه المتاخر بهدف وخوفا من تفجير انتحاري. والى جانب رائد يجلس ثلاثة من اصدقائه بهدوء في مقهى "فايسبوك" في منطقة الكرادة ووجوههم تعكس قلقا متواصلا لا تقطعه سوى صرخة من هنا او تصفيق من هناك عندما يقترب لاعبو منتخب هولندا من مرمى منتخب المكسيك.


ويقول رائد (30 سنة) الذي يعمل سائق تاكسي "كرة القدم تجمعنا. الجلسة جميلة هنا ونحن ناتي يوميا لمتابعة مباريات المونديال، فكرة القدم تسليتنا الوحيدة".
ويضيف ان الرياضة الاكثر شعبية في العراق "منفذنا الوحيد للخروج من اجواء القلق والتوتر والخوف من المجهول. نحن في العاصمة بغداد ونخاف من المجهول. ممكن في اي لحظة ان تنفجر سيارة، او عبوة، او ان يدخل شخص الى المقهى ويفجر نفسه".
وتاتي بطولة كاس العالم لكرة القدم في البرازيل هذا العام في وقت يشهد العراق تدهورا امنيا غير مسبوق منذ اجتياحه في العام 2003 بات يضع وحدة البلاد في مواجهة اصعب واخطر تحدياتها.
ويشن مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية" الجهادي المتطرف الى جانب مسلحي تنظيمات متطرفة اخرى هجوما منذ نحو ثلاثة اسابيع تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها الموصل (350 كلم شمال بغداد).
واكد تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي اعلن الاحد قيام "الخلافة الاسلامية" ومبايعة زعيمه ابو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، نيته الزحف نحو العاصمة بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية.
ولا يمثل هذا الهجوم الحدث الامني الوحيد الذي يقلق العراقيين، حيث يعيش هؤلاء منذ 2003 على وقع هجمات وتفجيرات يومية قضت على معظم اوجه الترفيه العادية، كالسينما والمسرح، وباتت المقاهي الشعبية تشكل ملتقى للعراقيين ومقصدا يوميا للشبان خصوصا بعد موعد الافطار في رمضان.
الا ان هذه المقاهي اضيفت في رمضان الماضي على لائحة الاهداف اليومية للاحزمة الناسفة والعبوات ما جعل كثيرون من روادها يفضلون ملازمة منازلهم بعد الافطار في شهر الصوم.
يتزامن المونديال هذه السنة مع شهر رمضان، يتوجه العراقيون من جديد للمقاهي رغم المخاطر الامنية، خصوصا وان معظم المنازل في العراق تفتقد للكهرباء.
ويقول اسامة سالم (31 عاما) الذي يعمل مندوب مبيعات " اجواء المونديال خارج المنزل اجمل. هنا الاصدقاء والتشجيع. نحن نشجع منتخب هولندا منذ سنوات وهولندا تتخلف حاليا بهدف، ولذا نفسيتنا متعبة، كما هو واضح على وجوهنا".
ويتابع وهو يحاول ان يركز في الوقت ذاته على احداث مباراة هولندا والمكسيك التي انتهت بفوز هولندا بهدفين مقابل هدف واحد "كاس العالم تنظم كل اربع سنوات مرة، فهل نجلس في منازلنا ونستسلم للخوف؟".
ويوضح سالم "نحن جالسون وخائفون لكن ماذا بيدنا ان نفعل؟ الحمد لله وان شاء الله تنتهي هذه المحنة، ولو كتب لك ان تموت فستموت اينما كنت".
وحقق العراق انجازات كبرى في هذه اللعبة، بينها فوز المنتخب الاول بكاس اسيا عام 2007 في خضم الحرب الاهلية الطائفية التي كانت تشهدها البلاد بين 2006 و2008، ووصول منتخب الشباب الى المربع الذهبي لبطولة كاس العالم في تركيا.
ويقول علي حسين (21 سنة) الذي يعمل في مقهى "فايسبوك" الخاضع لاجراءات امنية مشددة تبدا بتفتيش دقيق للداخلين اليه "المونديال اجمل شيء. العالم كله يتفرج عليه، والناس هنا تفرح به وتاتي لمتابعته حتى ساعة متاخرة من الليل" رغم حظر التجوال المفروض على بغداد من منتصف الليل حتى الرابعة صباحاً. ويتابع "كرة القدم حياة بالنسبة للعراقيين، وكلنا نتذكر العام 2007 حين خرج الناس كلهم الى الشارع، لا سنة ولا شيعة ولا اكراد، الجميع وراء المنتخب. لو تاهل العراق لكاس العالم ربما لتوحدنا من جديد. كنا نتمنى ذلك".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم