السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

رئيس الجمهورية سيكون ديكتاتوراً!

المصدر: "النهار"
كلودا طانيوس
A+ A-

في ظلّ فشل المجلس النيابي مراراً في انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، ومع تسلّم الحكومة "السلامية" صلاحيات رئاسة الجمهورية، ملّ اللبنانيون من مسألة الرئاسة برمّتها، إذ في كلّ مرّةٍ تُطرَح فيها، تبدأ التذمرات المتشائمة ومعها النكات المستخفّة بالموضوع، وقد يتجلى هذا الواقع المضحك المبكي للبنانيين بالجملة التي قالها أحد المواطنين: "نحنا لازملنا واحد ديكتاتوري يحكمنا!"


طبعاً لن تحصل ديكتاتورية في لبنان، فنحن البلد الديموقراطي المتغني بقيم الحرية والمساواة والمدافِع عن حقوق الإنسان والمتميز في الشرق الأوسط بانفتاحه على الشرق والغرب، ولكن إذا سلّمنا جدلاً بأن ديكتاتوراً جاء ليتسلّم زمام الأمور، فكيف ستصبح حال اللبنانيين؟ بالعودة إلى مفهوم الشخص الديكتاتور، لا بدّ من التذكير بأنه الذي يسيء استخدام السلطة الشخصية، ومِنَ الأمور التي تحصل في الحكم الديكتاتوري هي أن الإنتخابات تُعَلّق أو تُزَوّر، كذلك تُعَلّق الحريات المدنية، يُقمَع المعارضون السياسيون، ولا يتم الإلتزام بسيادة القانون...


 


لبنان ديكتاتورية أصلاً؟!


بعد التمعن بالخصائص المذكورة آنفاً يتبين أنها كلها قد تحققت بشكلٍ أو بآخر لبنانياً، فالإنتخابات النيابية قد أُجّلَت من حزيران 2013 إلى تشرين الثاني 2014، هذا وقد تُؤجّل للمرة الثانية في ظلّ عدم الإتفاق على قانون انتخاب جديد. أما الحريات المدنية فحدّث ولا حرج، لقد عانت وتعاني الحرية في لبنان كي تتحقق فعلياً، خصوصاً في مجال الصحافة والإعلام، حيث تظهر وزارة الإعلام كمتفرّجٍ سلبي لا يتحرّك بالديناميكية المطلوبة للدفاع عن حرية الصحافي في نقل الأحداث، على الرَّغم من كل أشكال القمع التي يتعرّض لها. حرية التعبير عن الرأي تعاني هي الأخرى، وتأتي الإعتقالات بحقّ المدوّنين والصحافيين لتضربَ بها عرض الحائط أكثر من مرة، كذلك قمعُ المعارضين المدنيين قد تجلّى في المعاملة العنيفة والقاسية التي واجهها معتصمو "ثورة البندورة" على سبيل المثال لا الحصر، عند رفضهم التمديد للمجلس النيابي في العام الماضي، وهو ما قد يواجهونه أيضاً في حال مُدّدَ له للمرة الثانية. زد على ذلك الرقابة المشددة وغير العادلة في معظم الأحيان، فمسرحية "بتقطع أو ما بتقطع" للمخرج المسرحي والسينمائي لوسيان بورجيلي خيرُ دليلٍ على ذلك، بعدما اعتبرت المديرية العامة للأمن العام أنه يتخطى "الخطوط الحمر" بما أنه يطرح فيها إشكالية الرقابة في لبنان، فيما سيادة القانون هي أيضاً منقوصة يومياً من جرّاء التجاوزات العديدة لكلّ أنواع القانون وانعدام المحاسبة وتحقيق العدالة.


 


"خَرجنا واحد ديكتاتور!"


ترى الشابة ساندرا غ. أن الديكتاتور لا يمكن أن يحكم في لبنان، موضحةً أن على الرئيس المقبل أن يكون ذا قرار صلب وأن يركّز اهتمامه على تحقيق التعليم الأساسي المجاني والطبابة المجانية، وفيما ترى أن المجتمع اللبناني يحتاج لثقافة سياسية كي ينتخب الرئيس مباشرةً، تشدد على أن انتخابه مباشرةً يؤدي لإلغاء المناصفة ويهمّش الأقليات. المواطن دومينيك م. من ناحيته، يجيب: "خَرجنا واحد ديكتاتور!" على الرَّغم من أنه لا يرى للأمر إمكان التحقق، ويلفت إلى أن على الرئيس الجديد تحقيق المساواة في وظائف الدولة وإلغاء المحسوبيات. أما الشابة ميليسا ج. فلا تحبّذ الديكتاتورية وترى أنه من المستحيل أن يحكم ديكتاتور في لبنان، وتتمنى من الرئيس المقبل أن يركّز على البنى التحتية والأماكن العامة أي الأمور التي تسهّل الحياة اليومية للّبنانيين كالطرق والشاطىء والحدائق العامة، وتدعو لانتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب، معتبرةً أنه لا يجوز التحدث عن سيئات انتخاب كهذا، وذلك لأننا لم نجرّبه من قبل. بدورها يارا عرجة ترفض الديكتاتورية لكنها تشدد على حاجة اللبنانيين لسلطة قوية، وتعتبر أن تركيز الرئيس الجديد على قضايا المرأة والأحوال الشخصية وقوننة كل ما يحميها والإهتمام بالشباب هو الأساس، لأن المرأة هي عمود لبنان والشباب هم مستقبل لبنان.


 


طبيعة المجتمع اللبناني لا تتقبّل الديكتاتور 


من الصعب أن يتحقق حكمٌ ديكتاتوري في لبنان لأن المجتمع متفتت ومقسوم على طوائف وكتل كبيرة، هذا ما أوضحه الإختصاصي في علم النفس الإجتماعي والسياسي الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) شارل حرب لـ"النهار"، ويضيف أن اللبنانيين "يريدون الرئيس القوي والمركزية القوية بما أن النظام الحالي ضعيف ومنقسم حول أقطاب طائفية وعشائرية، لهذا يتمنَّون أن يتحقق حكمٌ ديكتاتوري، الأمر غير المنطقي، لأن ليس هناك من فريقٍ يطغى في لبنان، وفي الوقت عينه لا يمكن أن يأتي أحدهم ليحكم إذا لم تتقبّله جميع الجهات"، محذّراً من استعمال مصطلح "الديكتاتور" كيفما كان في تعابيرنا.


ويتساءل حرب عن كيفية وصول الديكتاتور أو الطاغية إلى رأس الحكم في لبنان وعن ماهية مشروعه، ليجيب ساخراً أنه "من غير الممكن أن يأتي من جرّاء الإنتخابات النيابية، خصوصاً أن عند اللبنانيين انتماءات طائفية وعائلية قوية جدّاً"، مستخلصاً أن "الطاغية لا يأتي إلا بالدبابة أي بالقوة، وحتى لو وصل هذا الديكتاتور إلى سدّة الرئاسة، فلن يدوم حكمُه ولن ينجح في بلدٍ مثل لبنان بسبب هذه التركيبة المتعددة والإنتماءات الصلبة".
فهل لبنان إذاً البلد الديموقراطي الحقيقي الذي نتغنّى به، البعيد عن مختلف أشكال الديكتاتورية؟ يؤكد حرب أن الديموقراطية في لبنان غير مكتملة بما أنه لم تحصل انتخابات والمجلس النيابي قد مدد لنفسه في انتهاكٍ واضحٍ للدستور، داعياً لدراسة شاملة استطلاعية لرأي اللبنانيين أجمع حول ما يريدونه فعلاً من الرئيس ومن طبيعة الحكم اللبناني.


 


 


 [email protected] / Twitter: @claudatanios

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم