الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كركوك باتت في أيدي الأكراد: البيشمركة جلبت الاستقرار

المصدر: "أ ف ب"
A+ A-

 تحت القلعة القديمة في كركوك، يرفرف علم اقليم كوردستان بشمسه وخطوطه الملونة امام اسواق المدينة في المحافظة المتنازع عليها بين عرب واكراد يشعرون اليوم اكثر من اي وقت مضى انها باتت اقرب اليهم.


ولطالما اختلف سكان كركوك الذين ينتمون الى قوميات متنوعة من عرب واكراد وتركمان، حيال الجهة التي من المفترض ان تسيطر على المحافظة الغنية بالنفط وعلى مركزها: الحكومة في بغداد، ام سلطات اقليم كوردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.
غير ان الهجوم الذي يشنه تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، منذ نحو اسبوعين وتمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة من شمال العراق وغربه، بينها نواحي تقع بالقرب من مدينة كركوك مركز المحافظة، سمحت للقوات الكوردية بتعزيز سيطرتها.
ودخلت القوات الكوردية مدينة كركوك سعيا الى حمايتها من هجمات المسلحين، لتفرض بذلك سيطرتها عليها في تحول تاريخي لوجهة كركوك، ولتقربها اكثر من اقليم كوردستان، الذي يضم ايضا محافظات اربيل ودهوك والسليمانية.
ويشعر الاكراد اليوم انهم باتوا قريبين من القبض على مستقبل المحافظة ومدينتها التي تمثل قلب نزاعهم التاريخي مع العرب، مرددين ان انسحاب القوات الحكومية العراقية من المحافظة يؤكد ان القوات الكوردية وحدها قادرة على الامساك بامنها.
ويقول المقاتل الكوردي غازي فيصل وهو يتبضع في اسواق مدينة كركوك"الجيش العراقي لا يستطيع حمايتنا. لقد تركوا اسلحتهم وغادروا. لو كانوا شرفاء ودافعوا عنا لما حدث ما حدث لهذه البلاد".
ويدرك اكراد المدينة ان جيرانهم العرب والتركمان اقل حماسة منهم حيال سيطرة القوات الكوردية على كركوك، لكنهم يرون ان الحماية التي توفرها قوات البيشمركة حاليا قد تساعد في المستقبل على تغيير قناعات هؤلاء.
ويقول عماد وهو شيخ شيعي كوردي "اعتقد انهم سيدركون ان قوات البشمركة جلبت معها الاستقرار الى المدينة وحافظت على حقوق وحريات الجميع. الاهم هنا هو الاستقرار والامان، وهم (قوات البشمركة) قادرون على توفير ذلك".
وقبيل هجوم المسلحين المتطرفين، وتراجع الجيش العراقي امام هؤلاء بشكل مفاجئ وسريع، كانت مدينة كركوك تخضع الى اتفاق امني يعكس التعقيدات القومية والاتنية فيها.
فكانت قوات البشمركة تتولى مراقبة حدود المدينة من الشمال والشرق فيما تقوم قوات الجيش العراقي بالانتشار من جهتي الجنوب والغرب، بينما تعمل قوات الشرطة العراقية والاسايش الكردية على حفظ الامن في داخلها.
وبعيد انسحاب الجيش العراقي من مواقعه في المحافظة، دخلت قوات البيشمركة مدينة كركوك وبدات تسير دوريات في كل مناطقها بينما جرى تعزيز انتشار قوات الامن الكوردية (الاسايش) فيها بشكل كبير.
وعلى بعد نحو 20 كلم جنوب كركوك، تقيم البيشمركة خطا دفاعيا فوق نهر يقع عند مشارف مدينة تازة خرماتو التركمانية الشيعية، يشمل دبابة ومدافع وناقلات جنود ويهدف لحماية المدينة من هجوم المسلحين المتواجدين على بعد نحو اربعة كلم من الخط الدفاعي.
ورغم الواقع الامني الجديد فيها، يقول المحافظ نجم الدين كريم وهو كردي ان كركوك "لا تزال تخضع لسيطرة الاسايش والشرطة كما كان الحال من قبل. البشمركة كانت هنا من قبل ولذا فان شيئا لم يتغير".
ويرفض كريم القول بان المحافظة التي تمولها الحكومة المركزية في بغداد باتت تخضع لسلطات اقليم كوردستان، لكنه يشدد على ان الهجوم الواسع الذي يشنه المسلحون المتطرفون غير وجهة العراق، وربما مستقبل كركوك ايضا.
ويقول "هناك امر واضح وهو ان العراق تغير. اعتقد ان الامل الوحيد في ابقاء البلاد موحدة هو في اقامة ثلاثة مناطق تخضع لحكم كونفدرالي"، مضيفاً انه "في الواقع، هذا ما اقترحه (نائب الرئيس الاميركي الحالي جو) بايدن في 2004 وقد ظن الجميع حينها انه يريد تقسيم العراق، لكن هذا الحل الوحيد وهو كان على حق"، مشيرا الى تصريحات ادلى بها بايدن في وقت كان عضوا في مجلس الشيوخ.
واعتبر انه في اطار سيناريو مماثل سيختار سكان كركوك ان يكونوا جزءا من المنطقة الكردية.
واوضح "سكان كركوك سيصوتون لصالح الامان والخدمات... وهم يدركون ان منطقة كردستان قادرة على ان توفر لهم ذلك".
وفيما تكمن اهمية محافظة كركوك في احتياطات النفط العملاقة التي تختزنها اراضيها، فان كريم يرى ان مستقبل هذه الاحتياطات يجب بحثه في وقت لاحق، رغم ان السكان الاكراد في المحافظة سبق وان حسموا امرهم حيال ذلك.
ويقول ايثار سبهان (28 عاما) وهو عامل بناء كوردي ان "نقط كركوك يجري تقاسمه بين الحكومة الكوردية (المحلية) والحكومة المركزية، لكن الحكومة (في بغداد) اخفقت في معالجة الوضع الاخير وغادرت المنطقة وتركت الناس خلفها". ويضيف "لقد خسرت (الحكومة المركزية) حقوقها (النفطية) حين غادر الجيش وفشل في ان يؤدي مهامه".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم