الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

زيارة البطريرك أعادت للمسيحيين دورهم

النائب السابق منيف الخطيب
A+ A-

تعرضت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة للكثير من النقد أو التأييد في آن معا. وان نظرة سريعة ثاقبة ومعمقة لتاريخ المأساة الفلسطينية منذ نشوئها عام 1948 حتى اليوم يمكن ان تلقي الضوء وتساعد على تقييم الامور وتقدير اهمية الزيارة في خدمة القضية الفلسطينية خصوصا والقضايا العربية عموما.
عام 1948 طلبت بعثة الجامعة العربية من ابناء فلسطين الخروج منها لفترة وجيزة حتى تتمكن القوات العربية من القضاء على العصابات الصهيونية على اراضي فلسطين، وقد ادرك القادة الفلسطينيون خطورة ذلك، ومنهم شهيد معركة القسطل القائد الفلسطيني الكبير عبد القادر الحسيني الذي خاطب اللجنة في القدس قائلا: "لا ثورة فلسطينية خارج فلسطين"، وعلينا ان نواجه العدو على ارض فلسطين، ونرجو ان تقدموا الينا كل اشكال الدعم وكان قدره المحتوم ان يكون شهيد معركة القسطل التي حشدت لها الاحزاب الاسرائيلية كل قواها لتخنق ذلك الصوت المخلص وتسكته الى الابد، وكان ما كان عام 1948 من خروج الفلسطينيين من ديارهم وتحويلهم لاجئين وقيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين.
اما بعد محنة ومأساة وهزيمة 1967، تم التركيز على تحويل لبنان مركزا ومنطلقا للثورة الفلسطينية والمقاومة، وبدل ان تكون الثورة على ارض فلسطين ما قبل 1948 او على الارض التي احتلت عام 1967، ولاسيما بعد اتفاق القاهرة فكانت المأساة اللبنانية التي ما زلنا نعاني آثارها حتى اليوم. وبدل ان تكون ثورة فلسطينية واحدة موحدة اسوة بالثورات العالمية والعربية، ولاسيما الثورة الجزائرية التي حققت النجاح الباهر والاستقلال التام الناجز، كانت الثورة الفلسطينية منظمات على صورة الانظمة العربية، وبذلك كانت في غير المكان المناسب ولغير الهدف الصحيح. لذلك باءت، ويا للأسف الشديد، بالفشل الذريع في ظل شعارات وخطابات التضليل التي زادت الطين بلة.
وفيما تقوم اسرائيل بدفع نظامها العنصري المتشدد الى الاطباق على ما تبقى من ارض ومقدسات وتضيق على الفلسطينيين المتبقين على ارض فلسطين، بينما العرب في حالة عجز دائم وخلاف في ظل انظمة متخلفة تحاصر شعوبها وتقتلهم وتدمر مدنهم وتساهم في افقارهم حتى اصبح لدينا اكثر من فلسطين في سائر اقطار العرب... في هذا الوقت قرر البابا زيارة الاراضي المقدسة. ولا بد من التذكير بأحد أهم بنود المخطط الصهيوني "أولا القدس وثانيا روما"، من هنا ندرك اهمية زيارة البابا فلسطين وزيارة البطريرك بشارة الراعي.
ماذا حققت هذه الزيارات للعرب؟
1 – انها تزعج اسرائيل وتؤكد عروبة فلسطين وتساهم في اجهاض واحباط الحلم الصهيوني العنصري، وان فلسطين ليست دولة صهيونية، بل هي ارض قداسة تخص العالم، وان اهلها هم الفلسطينيون العرب مسيحيون ومسلمون، وبذلك تضع حدا لتلك الاطماع الصهيونية العنصرية دون ان تطلق رصاصة واحدة او تريق نقطة دم.
2 – انعشت الآمال لدى عرب فلسطين وشدت عزيمتهم ورفعت معنوياتهم بعد ان يئسوا وفقدوا الأمل، ولا شك في انها ستكون دافعا لهم لمزيد من التشبث بالارض وتكريس عروبة فلسطين وتحاصر المشروع العنصري الصهيوني، وها هم الآن يعيدون الوحدة الى صفوفهم ويتحررون من الانقسام الذي فرض عليهم وعانوا منه كثيرا.
3 – تعيد الى المسيحيين العرب، بالرغم مما يتعرضون له الآن، دورهم الرائد في النهوض العربي وتحدي الصعاب وممارسة دورهم كما يجب، وهذا يذكرنا بدور المسيحيين الرائد في النهضة العربية اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
4 – لا بد من ان تكشف هذه الزيارة الكثير من الحقائق وتصحح مسار التاريخ العربي وتزيل الكثير من الغشاوات التي تطمس الحقائق.
واذا كان مجد لبنان قد اعطي لبكركي، فإن دور بكركي اليوم سيعطيها مجد المشاركة في النهوض العربي الحقيقي وبناء المستقبل العربي الواعد رغم ما يعتوره الآن من انقسام واقتتال وضياع وقد تشكل نقطة تحول في الصراع العربي الاسرائيلي وتساهم في وأد الفتن واعادة اللحمة الى المجتمعات العربية، وبذلك توقف مسار الاقتتال والتعصب في ارجاء الوطن العربي، هذا الاقتتال الذي يخدم اسرائيل ويريحها وهي تساهم في تسعيره.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم