الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سليمان غادر قصر بعبدا: أمانتي لدى حكومة "المصلحة الوطنية"

المصدر: "النهار"
A+ A-



غادر الرئيس ميشال سليمان وعقيلته وفاء قصر بعبدا وسط مراسم احتفالية وداعية عند الساعة 2:45 دقيقة بعد ظهر اليوم الى منزلهما الجديد في اليرزة . وبمغادرة الرئيس حلّ فخامة الفراغ في سدة الرئاسة الاولى بعد الإخفاق الهائل للجمهورية والطبقة السياسية في إنتخاب رئيس جديد.


وقد جهت الدعوات لنحو 500 شخصية لحضور الاحتفال الوداعي، من رؤساء ووزراء ونواب ودبلوماسيين وشخصيات اجتماعية واعلامية.


وعند الساعة الثانية عشر ظهراً، دخل سليمان الى قاعة 25 ايار مرحباً بالحضور وألقى خطاب الوداع الذي ضمنه مواقف بارزة سيّما في التوصيات بتعديلات دستورية تقوي موقع رئيس الجمهورية، كما لفت اعلانه توقيع مرسوم دعوة مجلس النواب لفتح عقد استثنائي.
واعتبر سليمان في خطابه ان "وحدتنا الوطنية تحتل الاولوية وتفرض علينا عدم التدخل في شؤون الجوار، لا بل توجب الانسحاب الفوري".


واضاف: "تمكنا مع الحكومات المتعاقبة من الوفاء بالتزاماتنا تجاة الشرعية الدولية وتجاه الدستور والقوانين اللبنانية".


ورأى انه "يجب العمل على تعزيز دور السفارات بين لبنان وسوريا بصورة متوازية على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".


واعتبر انه في مناسبة عيد التحرير: "آن الاوان لبناء استراتيجية دفاعية"، معتبراً ان لا تحرير من دون بناء دولة.


ودعا سليمان الى وجوب اعادة حق حل مجلس النواب واعطاء رئيس الجمهورية حق اعادة الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة، والى تحديد مهلة دستورية واضحة لرئيس الحكومة والوزراء لتوقيع المراسيم.


وشدد على انه حرص خلال عهده على تغليب منطق الاعتدال والحوار بالتوازي مع المواقف السيادية.


وقال "أستودع أمانتي لدى حكومة "المصلحة الوطنية" برئاسة سلام الذي أثق بحكمته"، معلنا في ختام كلمته انه سيوقع مرسوم دعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي.


وفي الآتي تنشر "النهار" النص الحرفي لخطاب نهاية عهد الرئيس سليمان:


ايُها اللبنانيونْ،


ما هيَ إِلا ساعاتٌ وَتَنْقَضي وِلايةٌ رِئاسِيةْ، كانَ لي شَرَفُ اسْتِلامِ مَقاليدِها مُنذُ سِتِ سَنَواتْ.


مُنذُ 25 ايار 2008 ولِغايَةِ اليَومْ، تَشارَكْتُ وَإِياكُمْ مِنْ مُنْطَلَقِ المُواطَنَةْ. ومن موقعِ القيادَةْ، عَمِلتُ مَعَكُمْ على مُواجَهَةِ الصِعابَ بِوَعْيٍ وصَبرٍ وإِرادَةْ، وَلَمْ نَأْلُ جُهْداً ، للتَخْفيفِ مِنَ الإِرتِداداتِ السَلبِيَةْ للأَزْماتِ والصِراعاتْ أَلتي عَصَفَتْ بمِنطَقَتِنا العَربيَةْ، وتَجاوَزْنا مَراحِلَ وَظُروفاً دَقيقَةً وَصَعْبَةْ، في ظِلِّ انْقِسامٍ عَميقٍ وَمُؤسف.


مِن هُنا، كانَتْ دَعْوَتي دائِماً، وَيُشارِكُني في ذلكَ، أَلقياداتُ الوَطنِيَةْ، إِلى حِوارٍ مُسْتَدَامْ، يَكونُ وَحدَهُ الكَفيلَ بِحَلِّ المُعْضِلاتْ، إِنطِلاقاً مِن حَقيقةٍ راسِخَةٍ وثابِتَةْ، أَن ما يَجْمَعُنا أَكْثَرَ بِكَثير مِمَّا يُفَرِّقُنا أَو يُباعِدُ بَيْنَنا. وفي واقِعِ الحَالْ، لَم يَكُنِ التَباعُدُ يَوماً، إِلا نَتيجَةَ تَأْثيراتٍ خَارجِيَةْ، تَخْبو لِتَستَيقِظَ في بَعضِ المَفاصِلْ.


نَعْلَمُ تَماماً، أَننا لا نَعيشُ مُنعزلين عَن مُحيطِنا القريبِ والبَعيدْ، لَكِنَّ هذا الواقِعَ الجُغرافيَ والسِياسيَ والدِينيْ، مِن غَيرِ المَسموحِ لَهُ أَن يُشَكِّلَ عَقَبَةً لأَيِ مَشروعِ انْتِماءٍ وتَلاقيْ.


كما أَن وَحدَتَنا الوطنِيَةْ، تَحتَلُ الأَولَوِيَة، وتَفرِضُ عَلَينا عَدَمَ التَدخُلِ في شؤونِ الجِوارْ، مَهما عَزَّ الجِوارْ، لا بَل، تُوجِبُ الإِنسحابَ بلا تردد، مِن كلِ ما من شَأنِهِ أَن يُفَرِّقَ صُفوفَنَا.


مَضَتْ سَنَواتٌ سِتْ، خَلَتْ مِن أَيِّ احْتِلالٍ إِسرائيليْ، أَو أَيِّ وُجودٍ عَسكريٍ سوريْ، وَمِنْ أَيِّ حَربٍ داخِلِيَةٍ بَغيضَةْ، كَتِلكَ التي وَقَعَ لبنانُ ضَحِيَتَها طِوالَ خَمْسَةَ عَشَرَ عاماً، بِفِعْلِ مُؤَامراتٍ خارجِيَةٍ دَنيئَةْ، أَو حِساباتٍ سياسِيَةٍ خاطِئَةْ.


لا بَلْ، حَقَقَ الجَيشْ، وقِوى الأَمنِ الداخليْ، وسائِرِ القِوى الامنيةْ، نَجاحاتٍ ملحوظَةً، في مَجالِ مُحارَبَةِ الإِرهابْ، وتَفكيكِ شَبَكاتِ التَجَسُسِ والعَمالَةِ للعَدوِ الإِسرائيليْ، ولَم تَكُنْ حالُ اللاحَربِ تِلكْ، نَتيجَةَ الصِدفَةِ أَوِ الظُروفْ، بَل نَتيجَةَ وَعيٍ داخليْ، وقُدْرَةٍ وطنِيَةٍ على الصُمودِ والرَدعْ، وعَمَلٍ دَؤُوبٍ على الصَعيدِ الديبلوماسيْ، لِتَحييدِ لبنانَ، وتَجنيبهِ التداعياتِ السَلبِيَةَ لِلأَزْمات الإِقليمِيَةْ.


وَقَد تَمَكَّنا مَعَ الحُكوماتِ المُتعاقِبَةْ، مِنَ الوَفاءِ بإِلتِزاماتِنا تِجاهَ الشَرعيَةِ الدَولِيَةْ، وتِجاهَ الدُستورِ والقَوانينِ اللبنانيَةْ.


فَعَمِلنا على تَنفيذِ القرارْ 1701، وتَمويلِ المَحكمَةِ الدَوليَةِ الخاصَةِ بلبنانْ، والتَعاوُنِ مَعَها، لِتَبيانِ الحَقيقَةِ في جَريمَةِ اغْتِيالِ الرَئيسْ الشَهيدْ رفيق الحريري ورِفاقِهْ. كذلكَ عَمَدْنا، مَعَ تَشكيلِ حُكومَةِ المَصلَحَةِ الوطنِيَةْ، بِرئاسَةِ الأُستاذ تَمام سَلام، إِلى اسْتِكمالِ تَنفيذِ ما قَرَّرَتْهُ الحُكوماتُ السابِقَةْ، في المَواضيعِ الآتيةْ:


1_ تَنفيذُ الخِطَطِ الأَمنيةْ، وإِنهاءُ الوَضْعِ الشَاذْ والمُؤْلِمِ في طرابلُسْ، ما يَتَطَلَّبُ مُتابَعَةً وتَعميماً على سائِرِ المَناطِقْ.


2_ إِقرارُ التَعييناتِ الإِدارِيَةْ، أَلتي تَم تَحضيرُها والإِعدادُ لها، عَبرَ الآلِيَةِ المُتَفَقِ عَلَيها، أَلتي أَتاحَتْ تَكافُؤَ الفُرَصْ، واخْتِيارَ الكِفايَةِ بَدَلَ المُحاصَصَةِ والمَحْسوبيَةْ، حَيثُ كانَتْ حِصةٌ وازِنَةٌ للمَرأَةْ مَعَ الحاجَةِ، إِلى تَشديدِ مَعاييرِ الآلِيَةْ، وإِقرارِها بِقانونٍ أو مَرسومْ. كما تم اقرار سلسلة من التشكيلات القضائية.


3_ الإنتهاء مِنْ إِعدادِ مَشروعٍ مُتَكامِلٍ وَمَدروسٍ للامركزِيَةِ الإِداريَةْ، نَتيجَةَ جُهدٍ مُشْتَرَكْ، مِن قِبَلِ مَجموعَةٍ مِنْ أَهلِ العِلْمِ والإِخْتِصاصْ، ومُشارَكَةِ المُواطنينْ. هذا المَشروعْ، أَلمَنْصوصُ عَنهُ في وَثيقَةِ الوِفاقِ الوَطنيْ، والذي يَهْدِفُ بِشَكٍل أَساسيْ، إِلى تَحقيقِ الإِنْماءِ المُتَوازِنْ، أُرسِلَ إِلى مَجلِسِ الوُزَراءْ، ويَنْبَغي الإِنْصِرافُ إِلى مناقَشَتِهِ بَعدَ التَدقيقِ في اقْتِراحاتِ المُواطنينْ، لإِحالَتِهِ في ما بَعدْ، إِلى المَجلِسِ النيابيْ.


السَيِداتُ والسَادَةْ


مَعَ انْطِلاقَةِ العَهدْ، تَمَكَّنَا مِن إِقامَةِ عَلاقاتٍ ديبلوماسيَةٍ مَعَ سُوريا، وَهوَ مَطْلَبٌ رافَقَ اللبنانيينَ مُنذُ الإِستِقْلالْ. هذهِ الخُطْوَةْ، هي التَرجَمَةُ الأَساسِيَةُ للعَلاقاتِ المُمَيَّزَةْ، المَنصوصِ عَلَيها في وَثيقَةِ الوِفاقِ الوَطَني. لذلكَ يَجِبُ العَملُ على تَعزيزِ دَورِ السَفاراتِ في البَلدَينْ، بِصورَةٍ مُتَوازِيَةْ، وتَرسيخِ هذهِ العلاقاتْ، على قاعِدَةِ الإِحْتِرامِ المُتَبادَلْ، والمَصالِحِ المُشْتَرَكَةْ. وهذا يَتَطَلَّبُ أَولاً، في الوقت المناسب، مُتابَعَةَ ومُراجَعَةَ الإِتفاقاتِ المَعقودَةِ بَينَ البَلَدَينِ الشَقيقَينْ، لإزالَةِ الإِلتباساتْ، وتَحديدِ المَسؤولياتِ بِشَكلٍ واضِحْ، بالإِضافَةِ إِلى تَأْكيدِ مَشاعِرِ المُساواةِ والتَكافُوءْ، تَمْتيناً للعَلاقاتِ الأَخَوِيَةْ. مع الأَملِ في أن يتم التوصّل إلى حلٍّ سياسي سريع للأزمة السورية، وأن تستعيد سوريا استقرارها ووحدتها وعزّتها في أقرب الآجال.


إِن المُحافَظَةَ على قَدَرٍ جَيِّدٍ مِنَ الإِسْتِقْرارْ، ساهَمَ في خِلالِ سَنَواتٍ مُتَتَاليَةْ، بِتَحفيزِ الإِسْتِثْمارْ، ورَفْعِ نِسبَةِ النُمُوْ، إِلى حُدودِ الـ8 في المِئَةْ. وأَعَدْنا لبنانْ، الى مَوقِعِهِ المُتَمَيِّزِ على الساحَةِ الدَولِيَةْ، وأَحَطْناهُ بِشَبَكَةِ أَمانٍ عَزَّزَتْ هذا الإِستِقرارْ، وسَمَحَتْ بانْتِخاب لبنانْ، لِلعُضْوِيَةِ غَيرِ الدَائِمَةِ لِمَجلِسِ الأَمنِ الدَوْليْ. وَقُمْنا في الداخِلْ، بِتَوفيرِ الشُروطِ المُناسِبَةْ، لاسْتِقبَالِ قَداسَةِ البابا السابِقْ بينيديكتوس السادِسْ عَشَرْ ، بِصورَةٍ أَعادَتِ الوَهْجَ إِلى وَطنِنا، كَرسالَةِ تَعايُشٍ وحُرِيَةٍ للشَرقِ والغَربْ.


وعِندما بَدَأَتِ التَداعياتُ السَلبِيَةُ للأَزْمَةِ السورِيَةِ الطارِئَةْ، تُلْقي بِثِقْلِها على الدَاخِلِ اللبنانيْ، إِقْتَرَحْتُ على هَيئَةِ الحِوارِ الوطَنيْ، مَجْموعَة مَبادِئْ، يَتَعَذَّرُ، بِيَقيني ويَقينِ الغالِبِيَةِ العُظمى مِنَ الشَعبْ، رَفْضُها أَو دَحْضُها في وَجهِ أَيِ مَنْطِقٍ أَو حُجَّةْ، وَهيَ التي تَخْدِمُ مَصْلَحَةَ لبنانَ العُليا، وتُوَحِّدُ اللبنانيينَ في خَندَقٍ حَصينٍ واحِدْ، في مُواجَهَةِ كُلِ أَشْكالِ التَطَرُّفِ والإِرهابْ. هذهِ المَبادِئْ، هي تِلكَ التي تَوافَقَتْ عَلَيها هَيْئَةُ الحِوارِ الوَطَنيْ، بِتاريخ 11-6-2012، وَعُرِفَتْ بـ"إِعلانِ بعبدا"، ولاقَتْ تَرحيباً ودَعْماً من قِبَلِ المُجْتَمَعِ الدَوْليْ، بِمُخْتَلَفِ مُكَوِّناتِهِ واتِجاهاتِهْ، وَهيَ تَبقى السبيلَ الوحيدْ، لِتعزيزِ الإِستقرارِ والسلمِ الأَهليْ، مِن طريقِ تَحييدِ لبنانْ، عن سياسات المحاور، والصراعات الاقليمية والدولية، وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية، وخصوصا الازمة السورية.


ولما كانَ الإِسْتِقرارُ شَرْطاً جَوهَرِياً، مِن شُروطِ الإِسْتِثمارِ والتَنمِيَةْ، أَرى أَنَ هَيئَةَ الحِوارِ الوَطَني والدَولَةَ كَكُلْ، مَدعوَتانِ إِلى الإِستِمرارِ في تَعزيزِ نَهجِ الحِوارِ وتَرسيخِهْ. كذلكَ، يَجِبُ تَوفيرُ الظُروفِ الكَفيلَةْ، بِتَنفيذِ مُقَرراتِ مُؤْتَمَرِ الحِوارِ الوَطنيْ، وهَيئَةِ الحِوارِ الوَطَنيْ، أَلتي تَطَرَّقَتْ إِلى مُعْظَمِ المُشْكِلاتِ والتَحَدياتْ، أَلتي تُواجِهُها البِلادْ، بِما في ذلكَ، مُعالَجَةُ مُشكِلَةِ السِلاحِ الفَلَسْطيني خَارِجَ المُخيمات وفي داخِلِها، والعَمَلُ على ضَمانِ الإِلتزامِ بِنَصِ " إِعلانِ بعبدا" وروحِهْ. إِن مِن شَأْنِ هَيئَةِ الحِوارْ، إِتاحَةُ المَجالِ أَيضاً، للبَحثِ في أيِ مَوضوعٍ قَد يَتَوافَقُ عَليهِ المُتَحاوِرونْ، بما في ذَلكَ، سُبُلُ تَطويرِ النِظامْ، بِما يَكْفَلُ حالَ الإِستقرارِ الدائِمْ والتنوّع مِنْ ضِمْنِ الوَحْدَةْ، والتَنمِيَةِ المُستدامَةْ، مَعَ العِلمْ، أَنَ البيانَ الأَخيرَ لِهَيئَةِ الحِوارِ الوَطَنيْ، في 5 أيار 2014، أَكَدَ ضَرورَةَ اسْتِكمالِ تَطبيقِ اتِفاقِ الطائِفْ، والحِرصَ على المُحافَظَةِ على المُناصَفَةْ، والعَيشِ المُشتَرَكْ، حاسِماً بذلكَ ما تَمَّ تَداوُلُه عَنْ مُؤْتَمَرٍ تَأْسيسي، أَثارَ قَلَقَ اللبنانيينَ ومَخاوِفَهُمْ.


وفي مُواجَهَةِ الخَطَرِ الإِسرائيليْ، ومَخاطِرِ الإِرهابِ والسِلاحِ المُنْتَشِرِ عَشوائِياً، على مِساحَةِ الوَطَنْ، ومِنْ مُنْطَلَقِ الحاجَةِ إِلى ضَبْطِ الحُدودِ اللبنانِيَةْ، بما يَحْمي السِيادَةَ وسلامَةَ الأَراضيْ، وضَمانِ الوَحدَةِ الوطنِيَةِ والسِلْمِ الأَهْليْ، إِقْتَرَحْتُ على هَيئَةِ الحِوارِ الوَطَني، تَصَوُراً أَوَلِيّاً لاسْتراتيجِيَةٍ وطَنِيَةٍ للدِفاعِ عَن لبنانْ، هُوَ تَصوُّرٌ إِعْتَبَرَتْهُ هَيئَةُ الحِوارِ مُنطَلَقاً للنِقاشْ.


وعَشِيَةَ 25 أيار، عيدِ "المقاومَةِ والتَحرير"، أَلذكرى التي نَعْتَزُ بها، ونَفْتَخِرْ مِقدارَ افْتِخارِنا بِشبابِنَا الأَبْطالْ، أَلذين بَذَلوا أَرواحَهُم لِتَحريرِ الأَرض.


في هذهِ الذِكرى، أَقولْ، بِكُلِ مَحبَّةْ وحِرصْ، حانَ الوقْتُ لِبناءِ استراتيجيةٍ دفاعيةْ كمَدخَلٍ ضَروريٍ لِبناءِ الدَولَةْ. فالتحريرُ يَبقى مَنقوصَ الفائِدَة اذا لم يُؤَدِ إِلى تحقيقِ سيادَةِ الدولةِ وَحدَها على شؤونِها كافَةْ وكل أَراضيها، وَتطويرِ النِظامِ الديموقراطيْ وتَرسيخِ دَولَةِ القانونِ والعدالَةِ والمساواةْ.


والتَوَافُقُ على اسْتراتيجِيَةٍ للدِفاعِ حَصْراً عَن لبنانْ، يَبْقى في صُلبِ الواجِباتِ المُلقَاةِ على عاتِقِ هَيئَةِ الحِوارِ الوَطنيْ، تَمْهيداً لإِقرارِها مِن قِبَلِ الهَيئَاتِ الدُستورِيَةِ المُخْتَصَةْ.


كذلكَ، نَجَحَتِ الجُهودُ التي بَذَلناها، في إِنشاءِ مَجموعَةٍ دَولِيَةٍ مَرموقَةْ، لِدَعْمِ لبنانْ، فَصَدَرَ عَنها خُلاصاتٌ، تَبَنَّاها مَجلِسُ الأَمنِ الدَوليْ، تَهدِفُ بِصورَةٍ مُتَكامِلَةٍ إِلى تَرسيخِ الإِستقرارْ، خُصوصاً مِن خِلالِ السَعْيِ لِضَمانِ التِزامِ "إِعلان بعبدا" وكُلِ مُندَرَجاتِ القَرار 1701. كذلكَ هَدفَتْ إِلى دَعْمِ ركائِزِ الإِقتِصادِ الوَطَنيْ، وَبِشَكلٍ خاصْ، مِن طَريقِ إِنشاءِ صُندوقٍ إِئْتِمانيٍ خاصْ، وتَعزيزِ قُدُراتِ القُواتِ المُسَلَّحَةِ اللبنانِيَةْ. إِضافَةً الى ذلكَ، إِنْتَهَتِ الخُلاصاتْ، إِلى ضَرورَةِ مُواكَبَةِ الجُهدِ الهادِفِ إِلى مُواجَهَةِ المُشكِلَةِ المُتفاقِمَةْ، لِلاجِئينَ السوريينَ في لبنانْ، أَلتي باتَتْ تُشَكِلُ التَحَدِّيَ الوُجودِيَّ الأَبْرَزْ، أَلذي يُوجِبُ عَلينا اتِخَاذَ القَراراتِ العاجِلَةَ في شَأنِهْ، بِدَعمٍ دَوليٍ نَسْعى لاسْتِكمالِهْ، وبِقَراراتٍ داخِلِيَةٍ شُجاعَةْ، تَبقى على مَسؤُولِيَةِ الدَولَةِ اللبنانِيَةِ بالذاتْ.


وَيَقَعُ بالضَرورَةِ على عاتِقِ الدَولَةِ اللبنانِيَةْ، بِكُلِ إِداراتِها وأَجْهِزَتِها، بَذْلُ كُلَ جُهْدٍ مُمْكِنْ، لِمُتابَعَةِ تَنفيذِ كامِلِ الخُلاصاتْ، أَلتي صَدَرَتْ عَنِ المَجموعَةِ الدَولِيَةِ في نيويوركْ، والتي تَمَّ تَأْكيدُها لاحِقاً، في مُؤتَمًرِ باريس في 5 آذار 2014، أَلذي ضَمَّ دُوَلاً إِضافِيَةً رَئيسِيَةً وفاعِلَةْ.


وَقَد جاءَتِ الهِبَةُ السعودِيَةُ الإِسْتِثْنائِيَةُ والتاريخِيَةُ للجَيشِ اللبنانيْ، بِقيمَةِ ثَلاثَةِ مِلياراتِ دولارْ، لِتُعَزِزَ فُرَصَ بِناءِ الذِراعِ الأَمنيِ للدَولَةِ العادِلَةِ والقادِرَةْ، والتَوافُقَ على اسْتراتيجِيَةٍ وطَنِيَةٍ دِفاعِيَّةٍ فِعْلِيَةْ. كَذلكَ، فإِنَ الأَمَلَ مَعقودٌ عَلى المُؤْتَمَرِ الدَوليْ، في 17 حزيران، والذي دَعَتْ إِليهِ إِيطاليا، مِن أَجلِ اسْتِكمالِ القُدُراتِ العَسكَرِيَةِ للجيشْ، ما يُمَكِّنُهُ القِيَامَ بِكامِلِ واجِباتِهِ الوَطنِيَةْ، بامْتِلاكِهِ وَحدَهُ كافَةَ عَناصِرِ القُوَةْ.


أَما وَقَد شَارَفَتِ الوِلايَةُ على الإِنتِهاءْ، وَلَمْ نَتَمَكَّنْ مِنِ انْتِخابِ رَئيسٍ جَديدٍ للبِلادْ، ضِمْنَ المِهَلِ الدُستوريَةْ، فإِني أُهيبُ بالمَجلِسِ النيابيْ، وبالقِوى السياسِيَةِ المُمَثَّلَةِ فيهْ، إِتمامَ الإِستِحقاقِ الرِئاسيْ، مِن دونِ إِبطاءْ، وَعَدَمَ تَحَمُّلِ مَسؤُولِيَةِ ومَخاطِرِ خُلُوِّ المَوقِعِ الرِئاسيْ، بِصُورَةٍ تَتنافَى مَعَ الديموقراطِيَةْ، لا بِلْ وَمَعَ رُوحِ الشَراكَةِ والميثاقِيَةِ الوَطَنِيَةْ.


ولما كانَ مَوقِعُ الرِئاسَةِ مَوقِعاً جَامِعاً وَ"رَمزَ وَحدَةِ الوَطَنْ، يَسْهَرُ على احتِرامِ الدُستورْ، والمُحافَظَةِ على اسْتِقلالِ لبنانَ وَوَحْدَتِهِ وسَلامَةِ أَراضيهْ"، فإِنَ خُلُوَّ هذا المَوقِعْ، يُشَكِّلُ تَهديداً لِهذا الدَورْ، أَلذي نُريدُهُ ضَامِناً لانْتِظامِ الحَياةِ السياسِيَةِ والدُستوريَةْ، خُصوصاً إِذا كانَ الشُغورُ مَقْصوداً، بِفِعْلِ انْقِسامٍ عامودِيٍّ بَينَ القِوى السياسِيَةْ، وغِيابِ نِقاطِ الإِلتِقاءْ، أَو بِسَبَبِ رَغْبَةٍ دَفينَةْ، لا تُريدُ لِلبنانَ أَن يَسْتَقِرَّ في مُؤَسَساتِهْ.


مِن هُنا، جاءَتْ رِسالَتي، أَلتي وَجَّهْتُها إِلى المَجلِسِ النيابيْ، بِمُوجِبِ صَلاحِيَاتي، أَلمَنصوصِ عَليها في المادَة 53 مِنَ الدُستورْ. رِسالَةٌ تَتَكَلَّمُ بِلِسانِ حالِ المُواطنينْ، والتي آمَلُ في أَنْ يَلتَزِمَ بِها النُوابُ الكِرامْ.


كما أَنَ على رَأْسِ الأَولوِياتِ الوَطنِيَةْ، تَبدو الحَاجَةُ مُلِحَّةْ، كَي تَعْمَلَ السُلطَةُ التَشريعِيَةْ، على وَجْهِ السُرعَةْ، على إِقرارِ قَانونِ انْتِخابٍ عَصْريٍ جَديدْ، يُؤَمِّنُ مُشارَكَةً لائِقَةً للمَرأَةْ، ولِغَيرِ المُقيمينْ، ويُخْرِجُ التَمثِيلَ مِنَ الإِصطِفافِ الطائِفيْ، وَقَد أَحالَتِ الحُكومَةْ، مَشروعَ قَانونِ انْتِخابٍ على قاعِدَةِ النِسبيَةْ. وَبُغْيَةَ إِعطاءِ فُرصَةٍ جَديدَةْ، للمُمارَسَةِ الديموقراطِيَةِ الصَحيحَةِ في لبنانْ، يَقْتَضي إِجراءُ الإِنتِخاباتِ النيابِيَةِ في مَوعِدِها، والإِمتِناعُ عَنِ التَمديدِ مَرةً أُخْرى، طِبْقاً لِما تَوافَقْنا عليهِ في جَلسَةِ الحِوارِ الأَخيرَةْ، في 5 أيار 2014.


وفي مُوازاةِ ذلكَ، يَنْبَغي إِعادَةُ النَظَرِ في صَلاحياتِ المَجلِسِ الدُستوريْ، وفي القَانونِ المُتَعَلِّقِ بِتَعيينِ أَعضائِهِ ونِظامِ عَمَلِهْ، حتى لا يُصارَ إِلى تَعطيلِ نِصابِهِ ثانِيَةً، في حِينْ، يَبْقى مَشروعُ اسْتِقلالِ السُلطَةِ القضائِيَةِ أَيضاً، حاجَةً ماسَةً لِسِيادَةِ دَولَةِ القَانونْ.


أَما على الصَعيدِ الإِقتصاديْ، فالدَولَةُ مَدْعُوَّةٌ إِلى حَسمِ خِياراتِها، والمُضِيِّ قُدُماً، في إِنجازِ القَراراتِ والتَدابيرِ القانونِيَةِ والإِدارِيَةْ، الكَفيلَةِ بِتَمكينِ لبنانْ، مِنْ بَدءِ اسْتِخراجِ ثَرْوَتِهِ النَفطِيَةِ والغازِيَّةْ، واسْتِثْمارِها بِصورَةٍ شَفَّافَةٍ ومُفيدَةْ، واعْتِمادِ مَشروعِ الشَراكَةِ بَينَ القِطاعينِ العامِ والخاصْ، بَعيداً على السَواءْ، مِنَ الخَصْخَصَةِ المُثيرَةِ للجَدَلْ، ومِنَ الإِدارَةِ الحُكومِيَةِ المُتَعَثِرَةْ، للقِطاعاتِ الخِدْماتِيَةِ الأَساسِيَةْ. كذلكَ، إِن المُباشَرَةَ بِإِجراءِ حِوارٍ إِقتِصاديٍّ واجْتِماعيٍّ شامِلٍ وجَريءْ، يَتَطَلَّبُ تَفْعيلَ عَمَلِ المَجلِسِ الإِقتِصاديِ والإِجتِماعيْ، وتَعيينَ أَعضائِهْ، بَعدَما انْتَهَتْ وِلايَتُهُ، وَشُلَّ عَمَلُهُ مُنذُ سَنَواتٍ عِدَّةْ، وتَعزيزَ إِشْراكِ الفاعِلياتِ الإِغترابِيَةِ فيه.


السَيِداتُ والسَادَةْ،


إنَ المُمارَسَةَ الدُستوريَةْ، في خِلالِ السَنَواتِ السِتْ، وبالإِستِقلالِ عَنِ التَدخُلِ الخارِجيْ، كَشَفَتِ الثَغْراتِ الدُستوريَةْ، أَلتي حَمَّلَتِ النِظامَ السياسيْ، بُذورَ إِعاقَتِهِ وتَعطِيلِهْ.


لِذلكَ، عَكَفَتْ لَجْنَةٌ مِنَ الحُقوقيينَ والخُبَراءِ الدُستوريينْ، على دِراسَتِها،مُسْتَفيدَةً مِن تَجرِبَةِ السَنَواتِ المُنْصَرِمَةْ، وَوَضَعَتْ مُقْتَرَحاتٍ لِتَعديلِ الدُستورْ، سَتُسَلَّمُ إِلى الرَئيسِ الجَديدْ، وَقَد أُرْسِلَتْ إِلى الأَمانَةِ العَامَةِ لِمَجْلِسِ الوُزَراءْ. وأَبْرَزُ هذهِ التَعديلاتْ:


1_ إِعادَةُ حَقِ حَلِّ مَجلِسِ النوابْ، عِندَ الضَرورَةِ والإِقْتِضاءْ ولِمَرَّةٍ واحِدَةْ، إِلى السُلطَةِ التَنفيذِيَةْ، بِمُبادَرَةٍ مِن رَئيسِ الجُمهوريَةْ، إِنْسِجاماً مَعَ مَبادِئِ النِظامِ البَرلَمانيْ، أَلذي يُعْطي في المُقابِلْ، أَلسُلطَةَ التَشريعِيَةْ، حَقَ سَحبِ الثِقَةِ مِنَ الحُكومَةْ.


2_ إِعطاءُ رَئيسِ الجُمهوريَةْ، حَقَ إِعادَةِ الإِسْتِشاراتِ النِيابِيَةْ، بِتَأليفِ الحُكومَةْ، بَعدَ مُرورِ أَكْثَرَ مِنْ شَهرَينْ، على صُدورِ مَرسومِ التَكليفْ، مِن دُونِ تَمَكُّنِ الرَئيسِ المُكَلَّفْ مِن تَأليفِ الحُكومَةْ.


3_ وَضعُ مَشاريعِ القَوانينِ المُعَجَّلَةْ، والقَوانينِ المُعادَةْ إِلى المَجْلِسِ النيابيْ، سَنَداً للمادَتَيْن 57 و58 من الدُستور، على جَدْوَلِ أَعمالِ أَوَّلِ جَلسَةٍ يَعْقِدُها المَجلِسُ النيابيْ، بَعدَ وُرودِها إِلَيهْ.


4_ تَحديدُ مِهلَةٍ دُستوريَةٍ واضِحَةْ، لِرئيسِ الحُكومَةِ والوُزراءْ، لِتَوقيعِ المَراسيمْ، ولِتِلكَ الصَادِرَةِ عَن مَجلِسِ الوُزَراءْ، أُسْوَةً بالمِهَلِ الدُستورِيَةْ، أَلمَطلوبِ مِن رَئيسِ الجُمهوريَةْ، مُمارَسَةَ صلاحياتِهِ مِن ضِمْنِها، كالمَوادْ 56 و57 مِنَ الدُستورْ.


5_ تَعديلُ الأَكثَرِيَةِ الواجِبِ اعتِمادُها في مَجلِسِ الوُزَراءْ، عِندَ إِعادَةِ النَظَرِ في أَيِ قَرارْ، بِناءً على طَلَبِ رَئيسِ الجُمهوريَةْ، سَنَداً للمادَة 56 مِنَ الدُستورْ، بِحَيثُ تُصبِحُ أَكثَرِيَةَ الثُلْثَيْنْ، بَدَلاً مِنْ أَكثَرِيَةِ الحُضورْ.


6_ تَعديلُ الأَكْثَرِيَةِ الواجِبِ اعتِمادُها في المَجلِسِ النيابيْ، عِندَما يُعيدُ هذا الأَخيرْ، أَلنَظَرَ في القَانونِ الذي رَدَّهُ رَئيسُ الجُمهوريَةِ إِلَيهْ، سَنَداً للمادَةْ 57 مِنَ الدُستورْ، بِحَيثُ تُصبِحُ الأَكثَرِيَةُ الواجِبُ اعتِمادُها، ثُلْثا النُوابِ الذينَ يُشَكِلونَ عَدَدَ أَعضاءِ المَجلِسِ النِيابيْ، ولَيسَ الأَكْثَرِيَةَ المُطْلَقَةْ، مِن عَددِ أَعضاءِ المَجلِسِ النِيابيْ.


7_ إِعطاءُ رَئيسِ الجُمهوريَةْ، حَقَّ دَعوَةِ مَجْلِسِ الوُزَراءِ إِلى الإِنعِقادْ، سَنَداً للمادَةْ 53 مِنَ الدُستورْ، وذلكَ عِندَ وُجودِ الظُروفِ الإِسْتِثْنائِيَةِ التي تُبَرِرُ ذَلكْ.


8_ تَحديدُ الحالاتِ التي يَفْقِدُ فيها كُلٌ مِنْ مَجلِسِ النُوابِ ومَجلِسِ الوُزَراءِ شَرعِيَتَهُ، لِمُخالَفَتِهِ الفَقْرَةْ "ي" مِن مُقَدِمَةِ الدُستورْ، والتَدابيرِ الدُستوريَةِ لإِعادَةِ تَكوينِهْ. هذه هي ابرز التعديلات.


إِن أَيَّ حُكمٍ جَديدْ، سَوفَ يُواجِهُ العَقَباتِ والصُعوباتِ نَفْسَها، أَلتي اعْتَرَضَتْ عَمَلَ المُؤَسَساتْ، في خِلالِ السَنواتِ المُنصَرِمَةْ، ما يَقْتَضي مُعالَجَةَ الثَغْراتِ الدُستورِيَةِ المُعَطِّلَةِ للنِظامْ، كَمَشروعٍ إِصْلاحيْ، يَحْمِلُ صِفَةَ الأَولَوِيَةْ. وَفي مِثْلِ هذا الإِصْلاحْ، مَصلَحَةٌ لبنانِيَةٌ صِرْفَةْ، خُصوصاً وأَنَهُ لا يُطْرَحُ مِنْ مُنْطَلَقِ تَنازُعِ الصلاحِياتْ، بَل يَهْدِفُ إِلى تَوزيعِ المَسؤولياتِ بِصورَةٍ مُتكامِلَةٍ وسَليمَةْ.


أَيُها اللبنانيونْ،


السَيِداتُ والسادَةْ


لَقَد قِيلَ الكَثيرْ عَن دَوْرِ المُجتَمَعِ المَدَنيْ، وما يُمكِنُ أَنْ يَضْطَلِعَ بِهِ مِنْ مَهَامْ، للمُساعَدَةِ في نُهوضِ الدَولَةْ، ودَفْعِها في اتِجاهِ الإِصْلاحِ والتَقَدُمِ. إِنها مُناسَبَةٌ، كَيْ أَتَوَجَهَ إِلى أَهلِ الثَقافَةِ والعِلمِ والفِكْرِ المُسْتَنيرْ، وإِلى مُجْمَلِ القِوى الحَيَّةِ في لبنانْ، مِن عُمَالٍ وفَلاحينَ ومُوظَفينْ، ونِقاباتٍ وهَيئَاتٍ مِهَنِيَةٍ وشَعبِيَةْ، كَي يُوَحِدوا صُفوفَهُم وطاقاتِهِمْ، وأَنْ يَعْمَلوا على فَرضِ أَنْفُسِهِمْ كَقُوَةٍ مُسْتَهابَةٍ ومُؤَثِّرَةْ، لَيسَ فَقَطْ مِن خِلالِ المَواقِفِ المُعْلَنَةِ والبَياناتْ. بَل أَيْضاً، مِن طَريقِ اللُجُوءِ الى كافَةِ وَسائِلِ التَوعِيَةِ والإِعتِراضِ والضَغْطْ، أَلتي يُجيزُها القَانونْ، وَمِنْ طَريقِ سُلوكِ آلياتِ المُحاسَبَةِ والمُساءَلَةْ، خُصوصاً في الإِنتخاباتِ النِيابِيَةْ، الكَفيلَةِ بِتَوفيرِ انْتِقالِ السُلطَةْ، إِلى مَنْ يَراهُ الشَعبُ أَكْثَرَ عِلْماً وكِفَايَةً والْتِزاماً بالخَيرِ العامْ. كَذلكَ أَدعو الشَاباتِ والشُبَانْ، أَلذينَ يَخْتَزِنونَ القُدْرَةَ والحَيَوِيَةَ والعَزمْ، إِلى إِنشاءِ تَجَمُّعاتٍ وأَحزابٍ عابِرَةٍ للطوائِفْ، والإِنْخِراطِ في كُلِ جُهْدٍ نَحو الدَوْلَةِ المَدَنِيَةْ، دَولَةِ المُواطَنَةِ والحَداثَةْ، أَلتي يَطْمَحونَ إِليها.


وكَما أَنَ الحُرِيَةَ ولبنانَ صُنْوانْ، فإِنَ لبنانَ الجَمالَ والسَلامَ والإِبْداعْ، لا يُمكٍنُ أَنْ يَقومْ، بَعيداً مِنْ قاعِدَةِ القِيَمِ العائِلِيَةِ والوطنِيَةِ والروحِيَةْ، أَلتي بُنِيَ عَلَيها، وَسَمَحَتْ لَهُ بالبِقاءِ والإِستِمرارِ والإِرتِقاءْ.


مِن هُنا، دَورُ وَسائِلِ الإِعلامْ، دَورُ المُؤَسساتِ التَعليميَةِ والتَربوِيَةْ، في تَعزيزِ هذهِ القِيَمْ، وإِعلاءِ شَأنِ الثَقافَةِ وَرُوحِ الإِبْداعْ، والتَعاطي الإِيجابي والبَنَّاءْ، مَعَ قَضايا الأُمَةْ، لِمُواجَهَةِ مَخاطِرِ التَقَوقُعِ أَوِ التَطَرُفْ، أَلتي قَد تَدْفَعُ المُجتَمَعَ اللبنانيْ، في اتِجاهٍ إِنْحِداريٍّ مُدَمِّرْ.


إِنَّنا مَدعُوُّونَ فِعلاً، إِلى أَن نَبْنِيَ مَعاً، في هَذهِ المَرحَلَةِ المِفْصَلِيَةِ بالذاتْ، عَناصِرَ نَهْضَةٍ جَديدَةِ نَسْتَحِقُها.


أَيُها اللبنانيونْ،


إِن التاريخَ يُسَجِّلُ ما يَتَسَبَّبُ بِهِ القَادَةُ مِن حُروبٍ ومآسٍ ودَمارْ، ويَغْفِلُ في الغالِبْ، تَسجيلَ ما يَعْمَلُ القادَةُ على تَلافيهِ مِنْ أَزْماتٍ وَمِحَنْ، والتاريخُ الحَديثُ للبنانْ، مُثْقَلٌ وَيا للأَسَفْ، بِمِثْلِ هَذِهِ الأَزْماتِ والحُروبْ. حَسْبِيَ أَنّي حَرَصْتُ خِلالَ السَنَواتِ السِتِ المُنصَرِمَةْ، على تَغْليبِ مَنطِقِ الحِوارِ والإِعتِدالْ، سَعْياً لِتَجنيبِ لبنانْ، مَخاطِرَ الإِنْقِسامِ والإِقْتِتالِ والتَشَرذُمْ، بالتَوازي مَعَ المَواقِفِ السيادِيَةِ البَديهِيَةْ، أَلتي لا يُمكِنُ أَيُّ رَئيسٍ مُؤْتَمَنٍ على الدُستورْ، أَن يَتَخَطَى مَضامينَها ومَقاصِدَها.


ويَقيني، أَنهُ بِوَحْدَتِنَا وإِيمانِنا وعَزْمِنا، سَنَتَمَكَنُ مَعاً مِن بِناءِ مُستَقبَلٍ واعِدٍ وهانِئْ، على قِياسِ مجد لبنانَ وتاريخِهِ ومَواهِبِ أَبنائِهْ، في الوَطَنِ وفي دُنيا الإِنْتِشارْ، وَهوَ مُستقبَلٌ واعِدٌ فِعْلاً بِكُلِ المَقاييسْ.


في هَذهِ المُناسَبَةْ، أَشكُرُ جَميعَ الذينَ آمَنوا بالدَولَةْ، وتَعاوَنوا مَعي وأعني الشَبابَ الذينَ وَقَفوا إِلى جَانبي، عَبرَ شَبكاتِ التَواصُلِ الإِجتِماعيْ، والجَمعياتِ الأَهلِيَةْ والهيئاتِ الإِعلامِيَةِ والشَعبِيَةْ، والمُؤَسساتِ الدُستوريةِ والسياسِيَةْ، وأَخُصُّ بالذِكْرْ، رَئيسَ مَجلِسِ النوابْ الأُستاذ نَبيه بري، ورُؤَساءَ الحُكوماتْ فؤاد السنيورة وسَعد الحريري ونَجيب ميقاتي، والقِياداتِ السياسيةَ والروحيةْ، وأَعْضاءَ هَيئَةِ الحِوارِ الوَطَنيْ، والوزَراءَ والنوابْ. كَذلكَ أَشكُرُ المُنَظَماتِ الدَولِيَةْ، وعلى رَأسِها مُنَظَمَةُ الأُمَمِ المُتَحِدَةْ، وجامِعَةُ الدُوَلِ العَربيَةْ، والإتحاد الأوروبي وقُواتُ اليونيفيلْ، وملوكَ ورؤَساءَ الدُوَلِ الشَقيقَةِ والصَديقَةْ، ومُمَثِليهِمْ، ولاسيما الدول الدائمة العُضوية في مجلس الأمن الدولي، على دَعْمِهِم لبنانَ في هذهِ الفَتْرَةِ الإِنتِقالِيَةِ الدَقيقَةِ للدولَةْ، بَعدَ 40 سَنَةً مِنَ المُمارَسَةِ السياسِيَةْ، المُقَيَّدَةِ بالخارِجْ، وبالإقتتال الداخلي، نَحوَ المُمارَسَةِ السياسِيَةِ الحُرَّةْ، والإِستِقرارِ والسيادَةِ المُطلَقَةِ والإِستِقلالِ النَاجِزْ.


أَمانَتي لَدى حُكومَةِ المَصْلَحَةِ الوَطَنِيَةْ، بِرِئاسَةِ الرَئيس تَمام سَلامْ، أَلذي أَثِق بِهِ وَبِوَطَنِيَتِهِ وشَجاعَتِهْ، وبِحِكمَتِهِ التي اتَبَعَها في خِلالِ الفَترَةِ القَصيرَةِ المُنصَرِمَةْ، وأَدعو الوُزراءَ والمَرجعياتِ الدُستورِيَةَ والسياسِيَةْ، إِلى مُعاوَنَتِهِ ومُؤَازَرَتِهْ، يَداً واحِدَةً وقَلباً واحِداً، للحِفاظِ على البِلادِ والعِبادْ، وذلكَ بانْتِظارِ انتخابِ رَئيسٍ جَديدٍ للجُمهوريةْ في أَقَرِب الآجالْ.


وَمِنْ مُنطَلَقِ مَسؤولياتي الدُستورية أيضاً، سَأُوَقِع مَرسومَ دَعوةِ مَجلِسِ النوابْ إِلى عَقْدٍ إِسْتِثْنائي، إذْ إِنَ مَسؤولياتي المُوازِيَةِ لِصلاحياتي، قَد أَمْلَتْ عليَّ الإِعتدادَ بالمَصلَحَةِ الوطنيةِ العليا دونَ غَيرِها. فالبلادُ هي على مشارِفِ استحقاقِ الإِنتخاباتِ النيابيَةْ، مَا يَستوجِبُ وَضعَ قانونِ إنْتِخابٍ يُؤَمِنُ التَمثيلَ الصحيحَ ، ويُحافِظُ على المناصَفَةْ.


والأَوضاعُ العامَةْ، قَد تَشهَدُ أُموراً طارِئَةْ، تَستَدعي مِنَ الحكومةْ، إِتخاذَ إِجراءاتٍ إِستثنائِيَةْ، يَنُصُ القانونُ على وُجوبِ إِحالَتِها إِلى مَجلِسِ النُوابِ لإِقرارِها، لا سمح الله في حالة الطوارىء.


بالإِضافَةِ الى ذلكَ، فإِنَ نِظامَنَا يُلزِمُ مَجلِسَ النوابْ، بِعَقدِ جَلساتٍ لِمُناقَشَةِ الحُكومَةِ ومحاسَبَتِها.


إِنها أَيُها السادَةْ، المَصلَحَةُ العامَةْ، التي أَوجَبَتْ هذا القَرار، وكُلِّي ثِقَةْ، بِوَعِي السُلطاتِ المعنيةْ، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب، في تَقديرِ هذهِ المَصلحَةْ، وإِيجادِ السُبُلِ المُلائِمَةِ لِلعَمَلِ النيابيْ، في ظِلِ الإِشكالِيَةِ المَطروحَةِ حَولَ التَشريعْ.


كَما لا يَسَعُني في هذهِ المُناسَبَةْ، إِلا أَن أَذكُرَ الذينَ عَمِلوا لِبِنَاءِ وَطَنٍ تَعَدُدِيْ، غَنيٍّ بِثقافاتِهِ وتُراثِهْ، يَنْعَمُ بِديموقراطِيَةٍ فَريدَةٍ في عالَمِنا العَربيْ، والذينَ بَنُوا أَمْبراطورِيَةَ الإِنتشار اللبنانيْ.


دَعونا نُعلي بُنْيانَهُ، فلا نُدَمِّرَ مَجْداً.


لِنَجْهَدْ في مَسيرَةِ تَقَدُمِهْ، فلا نُضَيِّعَ حُلماً، ولا نَبْتُرَ مُستَقْبَلاً.


وإِلى الشَبابِ اللبنانيْ، عَهدي بِكُمْ، أَنتُمْ وَرَثَةُ مَنِ ابْتَدَعَ التَواصُلَ بَينَ الأُمَمِ والشُعوبْ، وتُجيدونَ تَطبيقَ هذا في ما بَينَكُم، أَن يَبْقَى هذا التَفاعُلُ والتَواصُلْ، مِيْزَةَ هذا البَلَدْ، واحَةَ الشَرقْ، بل قُبْلَتَهُ.


عَهدي لَكُم، أَنني بَينَ صُفوفِكُمْ، سَأَبْقى أَعْمَلُ جاهِداً مِن دونِ تَردُدْ،


سَأَبْقى مَعَ شَعبيَ الطَيِّبْ، فَخوراً بأَصالَتِهِ وتَضْحِياتِهْ، مُتَطَلِّعاً مَعَكُم إِلى ما يَليقُ بِهِ، مَنارَةً بَينَ أَقرانِهْ، شامِخاً في مَصافِ الدُوَلِ المُتَقَدِمَةْ.


عُشتُمْ


عاشَ لبنانْ


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم