السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قبل عشرين سنة، اغتيل أول الرهبان المسيحيين جرّاء العنف في الجزائر

المصدر: (أ ف ب)
A+ A-

بعد عشرين سنة من اغتيال راهبين مسيحيين خلال العنف الاسلامي في الجزائر، يواصل راهب وراهبة عملهما لمساعدة طلاب الثانويات في حي القصبة العتيق، وهو مؤشر الى العلاقة الهادئة بين الكنيسة والسلطات الجزائرية والشعب.
كثيرا ما يتم الحديث عن رهبان تيبحيرين السبعة، لكن اول راهبين قتلا في الجزائر كانا هنري فرجيس وهيلين سان ريمون، في 8 ايار 1994، لتضاف اليهما قائمة طويلة من 19 راهبا اغتيلوا في الجزائر خلال العشرية الحمراء (1992-2002) التي اسفرت عن 200 الف قتيل بحسب الارقام الرسمية.
وفي ذلك اليوم، اوقفت رصاصاتان اطلقهما اسلاميون على كل من الراهبين، عمل ارسالية الاخ ماريست في المكتبة التي كانا يساعدان فيها طلاب حي القصبة العتيق على التحضير لامتحان البكالوريا (الثانوية العامة).
وكما الرهبان السبعة في دير سيدة الاطلس بتيحيرين، كان الراهبان يعرفان ان حياتهما في خطر، لكنهما اختارا البقاء في الجزائر في وقت هدد الاسلاميون المسلحون كل الاجانب وامروهم بمغادرة البلاد.
وبعد سنوات طويلة من الغلق، فتحت المكتبة مجددا ابوابها حتى ان احتلت عائلات بلا مأوى جزءا من مقرها، فبعد ان كانت المكتبة تستوعب 1200 مقعد قبل ماساة الاغتيال اصبحت لا تتسع سوى لمئتي مكان.
وروت الاخت فيرونيكا، التي وصلت الى الجزائر في 1997، كيف تستقبل احيانا طلابا حضروا دروسهم في هذه المكتبة واصبحوا يحتلون مناصب مهمة ويرغبون في لقاء اساتذتهم.
وقالت: "عندما اخبرهم بما حدث، يخرِِون باكين"، هي التي فقدت اثنتين من زميلاتها اغتيلتا في حي باب الواد الشعبي غير البعيد عن القصبة في تشرين الاول 1994.
ويرفض القس غالب بدر اسقف الجزائر اي حديث عن "اضطهاد" المسيحيين خلال الحرب الاهلية.
ويقول: "كل الشعب الجزائري كان ضحية لهذا العنف الذي لم يجد له تفسيرا. لم يكن هناك اضطهاد للمسيحيين، لكن الكنيسة دفعت نصيبها من ثمن العنف الاعمى الذي كان يضرب بلا تمييز".
واكدت الاخت فيرونيكا ذلك، وهي واقفة وخلفها صورة هنري فرجيس معلقة في هذه المكتبة التي حافظت على جمال ساحاتها واعمدتها وفسيفسائها.
وقالت ان الراهبين "دفعا الثمن مثل الجزائريين، والفارق الوحيد انه كان في امكانهما المغادرة لكنهما اختارا البقاء".
وبالنسبة الى القس غالب بدر، فإن الماساة التي ضربت الكنيسة مثلها مثل كل الجزائريين "دليل الى اندماجنا في هذا البلد" مشيرا الى انه لا يوجد تضييق على ممارسة الدين.
ويبلغ عدد المسيحيين في الجزائر بحسب الارقام الرسمية نحو عشرة الاف، لكنهم في الواقع اكثر من ذلك مع وصول الاف العمال من الفيليبين والصين والطلاب الافارقة.
واكد اسقف الجزائر انه ترأس أخيراً قداسا لـ 600 عامل فيليبيني بعد الحصول على رخصة من الوالي.
ومن مظاهر تطبيع العلاقة بين السلطات والكنيسة حضور عشرين اماما الى كنيسة القديس اوغسطين بعنابة (شرق) واستمرار صلوات الرباط المشتركة بين المسيحيين والمسلمين.
وترفض الكنيسة الكاثوليكية بالجزائر المشاركة في الدعوى التي رفعتها اسر رهبان تيبحيرين في شأن حيثيات خطفهم وقتلهم في 1996.
وصرح القس غالب: "هناك دعوى قضائية رفعتها بعض العائلات، نحن نتابع القضية لكن الكنيسة لن تكون طرفا فيها".
وبعد تبني فرضية الاغتيال بايدي اسلاميين، بدل القاضي الفرنسي مارك تريفيديك مسار التحقيق نحو احتمال ان يكون الجيش قتلهم من طريق الخطأ، بعد شهادة احد الملحقين العسكريين السابقين في السفارة الفرنسية بالجزائر.
وحضر القاضي في تشرين الثاني 2013 للتحقيق في القضية ومن المفترض ان يعود من اجل اخراج رؤوس الرهبان (لم يتم العثور على اجسادهم) وفحصها للتقدم في ملف يراوح مكانه منذ عشر سنين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم