في الباص... كلّ الوجوه كالشِّعر تثور على سراب بسراب
(في الباص)
أقف في الباص، أتجاهل توازني المتكرر،
أقف كأيّ سلعة مغبّرة بين رفوف هذه الدنيا الكبيرة
انتظر شيئاً ما غير الوصول
أقف طابوراً، كلّ الأشياء تنتظر فيّ،
وكلّما وصلت لشيء مات بعضي.
في الباص
كلّ الوجوه واحدة، سؤال لا جواب له سوى المجهول،
كلّ الوجوه كالشِّعر تثور على سراب بسراب.
(معك خمسين؟) يسألني معاون السائق،
أعود بكلّ جسدي إلى هنا، كسلحفاة تجرأت من قوقعتها،
وأعود للسؤال، ماذا عن كلّ الديون،
عن رغيف الخبز
والخوف والقلق
ماذا عن هذا اليوم الطويل كمدرّس ابتدائي
ماذا عن عينيها إن رحلتا.
أتفاجئ بالجميع أنّهم مثلي، أو ربما أنا مثلهم
كنّا كلّنا لا نفكّر بأبسط جزء من حلمنا
كلّ منّا كان وجهه يوحي بـ(خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ)
الخمسون ليست قيمة التذكرة فقط،
بل كانت أيضاً
عمر كلّ الملصقات في الباص والذاكرة والساحات.
يا لعمرنا الخفيف كطابع
يا لقلبنا القتيل كحبّ
يا لصوتنا الخافت كخوف.