الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"Beirut Block 7" تبعث الحياة بالإسمنت: مجسّمات تحاكي هويّة المدينة ويومياتنا

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
"Beirut Block 7" تبعث الحياة بالإسمنت: مجسّمات تحاكي هويّة المدينة ويومياتنا
"Beirut Block 7" تبعث الحياة بالإسمنت: مجسّمات تحاكي هويّة المدينة ويومياتنا
A+ A-

يحتاج الأمر كثيراً من الحب لبيروت والشغف بها، حتى يفقد الإسمنت صلابته وقبحه. أبدع الثنائي أنطوني يوسف (مخرج) وإيلي كعدي (مهندس ديكور) في تحويل أكثر المواد بروداً وصمتاً إلى رسالة عشقٍ صارخة لمدينةٍ نحبّها تارةً ونكرهها طوراً. غيّرا نظرتنا إلى الخرسانة التي اجتاحت "باريس الشرق"، فاكتسبت المادة الشاحبة طابعاً حميماً مذ حملت إسم مدينتنا، واستحالت جزءاً من مساحاتنا الخاصة، عبر مجموعة مجسّمات صغيرة، بتوقيع "Beirut Block 7"، بعضها استُلهم من عناصر المدينة، والبعض الآخر من حياتنا اليومية.

يجمع الشغف تجاه بيروت، والحنين إلى النموذج العمراني الذي فقدته يوم ظهرت مهشّمة، غداة انتهاء الحرب الأهلية، الثنائي. يتكلّم إيلي عليها بحزن. ينظر إليها فلا يعرفها. فقدت المدينة ما فقدت، وطُعّمت هويّتها بمظاهر حداثة غريبة عنها، أسقطت عنها طابعها الثقافي الخاص. "غدت بيروت غابة باطون"، يقول. لعلّ هذا الواقع كان الدافع الأول للصديقين لاستخدام الإسمنت في تكريمها، فكان مشروع "Beirut Block 7". يقترب من إحدى نوافذ "النهار". ينظر إلى أرض الشارع وحجارتها، وإلى سطوح مباني شارع "فوش" التي اختبرت أهوال الحرب وفظاعتها. يغمرها والشارع بعينيه، تضمّانها بكلّ ما فيهما من حنين. "ثمّة عناصر بيروتية أخرى، لا يعيرها كُثر اهتماماً، تنتظر أن تجسّدها مجسّماتنا".

بيروت، بتاريخها وأشيائها الصغيرة، أكثر ما يُثير إبداع "Beirut Block 7"، إذ استلهم الثنائي من الحواجز الإسمنتية، والتي حملت شعار المدينة القديم، الذي ارتبط بمشاريع الإعمار والإصلاح، غداة الحرب، وعادت فاستُخدمت خلال الإنتفاضة لتفصل بين المتظاهرين والمجلس النيابي، أولى المجسّمات. استحال العازل الأصمّ الضخم، قطعة إسمنت بحجم راحة اليد، تحمل ذكريات عن توهّج مدينة وتخبّطها وأفولها. "لا شيء يمكنه أن يوقفك"، يقول أنطوني، "طالما تقبض بيدك حاجز الباطون". يرافق هذا الشعار المجسّم، للحضّ على الاستمرار بالمواجهة وتخطّي أعظم المصاعب.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/CCebyZ3B87N]]

بدا أنطوني، كثير الحديث عن بيروت وتاريخها ومعالمها، أكثر شغفاً وهو ينظر إلى ما أنجزه مشروع "Beirut Block 7". "على أي حال، ما بلوك 7 سوى البلوك النفطي الذي يقابل العاصمة"، يقول. مجسّم "بَطبطون" -تحوير لكلمتَي "بطّ" و"باطون"- كان التجربة الثانية والأكثر صعوبةً، التي رافقت صناعة حاملات الأكواب (coaster) الخرسانية صعبة الكسر، طُبع عليها شعار المدينة القديم. "قمنا بتشبيه بيروت بلعبة قطار الموت، والتي تُترجم إلى Roller Coaster"، يشرح أنطوني، "في إشارة إلى مقولة (الحياة متقلّبة كقطار الموت، لكنّ قرار الصراخ والاستمتاع بالجولة يعود لك)".

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/CCmIWrQBPvQ]]

مشاريع عدّة يعمل الثنائي على بلورتها وتنفيذها. مؤخراً، طرحا لعبة "أكس أو" (Tic-tac-toe). "نسعى دوماً أن نبقى أصدقاء للبيئة"، يؤكّد إيلي، "لذا نقوم بتغليف المجسّمات بأوراق الصّحف، وأخرى أُعيد تدويرها". يُطوِّعان جماد الإسمنت بشغف وإبداع. نفحات من روح بيروت يبعثانها بكلّ مجسّم، وإن لم تكن المدينة محور المصغّرات كلّها، تبقى الملهمة الأولى لشابّين وُلدا يوم فقدت المدينة عناصر عدّة من هويّتها. تبقى بيروت ملهمة شابّين وُلدا غداة "غزو الباطون" للمدينة.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/CC284M1hyAU]]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم