الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إبني الثاني يغار من شقيقه

ليال كيوان بو عجرم
A+ A-

تشكو ريتا من غيرة ابنها الكبير من شقيقته الصغرى ومحاولته مراراً ضربها وإيذاءها، وبحسب قولها، هي دائمة الاعتناء به وحرصت منذ علمها بحملها قبل عام على تحضير فراس وكان حينذاك في الخامسة من عمره، كي يستقبل المولود الجديد بحب وفرح من دون غيرة. "جميع المحاولات باءت بالفشل، وأنا ووالده اليوم نعاني الأمرّين جراء غيرته الشديدة، ولم نترك طريقة ووسيلة إلا وجرّبناها علّنا بذلك نخفف من حدة الأمر". فلماذا يغار الأولاد؟ وهل من طريقة للتخلص من الغيرة؟
تعتبر الغيرة إحدى المشاعر الإنسانية الطبيعية عند الطفل، قليل منها يشكل له دافعاً نحو التطور والمنافسة، والكثير منها يُفسد الحياة. ويعتبر السلوك العدواني والأنانية أثر من الآثار الناجمة عن الغيرة عند الأطفال وقد تصبح عادة تظهر بصورة مستمرة، وهنا تبدأ المشكلة. ويعود المعالج النفسي الدكتور باتريك فهد الى ولادة طفل آخر في العائلة، "عندما يقترب موعد ولادة الطفل الثاني في الأسرة، يتم استبعاد الأول عن والدته خلال فترة مكوثها في المستشفى وعند عودتها إلى البيت تكون مُجهدة وترغب في الاستراحة، لكن الطفل يكون تواقاً لحنانها الذي افتقده خلال الفترة الماضية فلا تجد وقتاً لمنحه هذا الحنان، وبعد استراحتها تتوجه العناية إلى المولود الجديد ويقلّ الوقت الذي تعطيه للطفل الكبير، ويصل الأهل والأصدقاء للتهنئة بالضيف الجديد الذي أُعطي كل الوقت وسُلّطت حوله الأضواء بعد حجبها عن أخيه. فيذهب الأكبر إلى سريره مكسور الخاطر وفي ذهنه أنه قد فقد حب أمه له، وبعد أن يكبر قليلاً يلاحظ أنه يُعاقب لأشياء يُسمح لأخيه الصغير أن يفعلها ولا يعرف سبباً لذلك أو أنه أصغر من أن يعرف السبب، ويتنامى لديه الشعور بالغيرة يوماً بعد يوم نتيجة المقارنة أو التفضيل". هذا أحد أسباب الغيرة بين الأطفال، ومن الأسباب الأخرى كما يسردها فهد، "ضعف الثقة بين الطفل ومن حوله يشكل عاملاً مساعداً على ظهور الغيرة، كذلك ضعف ثقة الطفل بذاته وبقدراته يؤدي الى الشعور الشديد بالغيرة كونه ينظر إلى الآخرين دوماً على أنهم أفضل منه ولا يستطيع إدراك قدراته الشخصية التي يتميز بها عنهم. وكذلك التمييز في التعامل بين الأطفال يولّد مشاعر الغيرة، وقد تظهر أعراضه في صور أخرى في المستقبل. وعموماً، يُظهر الطفل الغيور مشاعر عدم السعادة في شكل عام نتيجة شعوره بأنه فقد الحب والحنان الذي كان يحظى به من والديه، وقد تتحول تلك المشاعر سلوكاً عدوانياً إما نحو الطفل الصغير الذي يعتبر منافساً له بعد أن استولى على عرشه في حضن أمه، أو موجهاً نحو الوالدين أو الممتلكات الشخصية بمحاولة إتلافها وتخريبها، بالإضافة إلى التقلب المزاجي وعدم الرضى. ومن الأعراض الأخرى التي قد تنتج من الغيرة حالة التبول اللاإرادي التي لم تكن موجودة من قبل، وكأن الطفل يتمنى أن يرجع إلى المرحلة العمرية السابقة لتعتني به أمه كما تعتني بأخيه الصغير، وهذا السلوك ما هو إلا واحد من سلوكيات لفت الانتباه التي يلجأ إليها الطفل لاشعورياً لمطالبة والديه بحقه المفقود. وفي هذه الحال، على الأم أن تبذل كل المحاولات لجعل طفلها سعيداً من خلال الابتعاد من التأنيب والعقاب الذي قد يزيد المسألة تعقيداً، حتى لو أصاب شقيقه الصغير بسوء، فالهدف هو جعله يلعب معه ويساعد أمه في خدمته بدلاً من عزله عنه".
ويمكن التقليل من ظاهرة الغيرة من خلال خطوات على الأهل اتباعها، وينصح فهد بالتمهيد لاستقبال المولود الجديد، "وخلق علاقة من الحب بين الأخوة، حتى إذا ما جاء المولود شعر أخوه أنه مقرّب منه وليس منافساً له. وعلى الوالدين أيضاً الاقتصاد في إظهار الحب والعطف للمولود الجديد خصوصاً أمام إخوته، وعليهم التقليل من مدح بعض الأبناء أمام أشقائهم ويجب اعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها مزاياها واستعداداتها الخاصة مع تجنّب المقارنة بين الأبناء على مختلف قدراتهم وميولهم وأعمارهم، ومراعاة حاجات كل منهم بما يتناسب وطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها. وعلى الأم والأب أن يتبعوا مبدأ المساواة في التعامل بين الذكور والإناث، لأن التفرقة تثير الغيرة وتؤدي إلى الشعور بكراهية بينهم في المستقبل. وأيضاً ينبغي عدم المبالغة في إغداق امتيازات كثيرة على الطفل المريض فهذا يجعله يتمارض أكثر ويثير الغيرة في أخوته نحوه".
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم