الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خاص "النهار"- بعد خسارة عينيهما نتيجة الرصاص المطاطي... طبيب يعيد نور الأمل إليهما

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
خاص "النهار"- بعد خسارة عينيهما نتيجة الرصاص المطاطي... طبيب يعيد نور الأمل إليهما
خاص "النهار"- بعد خسارة عينيهما نتيجة الرصاص المطاطي... طبيب يعيد نور الأمل إليهما
A+ A-

شكّل تاريخ 17 كانون الأول حدثاً مفصلياً في حياة الشابين ربيع صالح وعبد الرحمن صالح. لم يكونا في الصفوف الأمامية، لكنهما أخذا نصيبهما من الاشتباكات ولم يرحمهما الرصاص المطاطي. ليس سهلاً أن تخسر شيئاً منك، جزءاً مهماً عليك أن تمضي من دونه. فقدا بصرهما بين ليلة وضحاها، وما كانا يحلمان به أصبح اليوم أثقل وأصعب بعد هذه الخسارة التي لا تُعوّض. كان عليهما أن يسمعا هذه العبارة القاسية "لقد خسرت عينك"، صدمة لم تُبلسمها سوى مبادرة إنسانية طبية لتخفيف هول الكارثة على هذين الشابين. لفتة تؤكد أن "الدنيا بعدا بألف خير"، وأن خسارة العين قد تُجمّلها عواطف انسانية نحن بحاجة إليها في هذه الظروف القاسية.

يروي ربيع صالح تجربته وما تركته هذه الحادثة من آثار في حياته لـ"النهار"، يقول: "كنتُ كباقي الشباب مؤمناً بمطالبنا وأحلامنا التي نحلم بتحقيقها، نزلتُ إلى الشارع وأنا كلّي أمل أن نعيش حياة كريمة. لم أتوقع أن يحدث ذلك معي وأن أعيش خسارة مزدوجة يصعب وصفها، لا أذكر جيداً سوى أني وقعت على الأرض فاقداً الوعي، واستيقظت في المستشفى بعد اجراء جراحة في العين. كانت لحظات صعبة، لم أستوعب بداية ما قاله لي الطبيب، لقد صارحني بشكل مباشر أني خسرتُ عيني، لكني لم أصدقه وضحكت قبل أن أكتشف حقيقة وضعي وخسارة عيني". 

خضع ربيع إلى 4 عمليات لمنطقة العين والخدّ نتيجة اصابته الكبيرة والضرر الناتج عن الرصاص المطاطي. يقول "أنا اليوم خسرتُ عيني ولن أرضى أن أخسر بعد. كلمة "يا ريت" لن تُعيد لي عيني، لقد دفعت ثمن أحلامي ولن أجازف أكثر. لقد نزلتُ إلى الشارع دفاعاً عن حلم، ولكن اليوم كل شيء تغيّر ولن أعاود النزول مرة أخرى، لقد مررتُ بفترة عصيبة ولم أخرج من المنزل نتيجة العمليات المتتالية، كان الوضع صعباً".

يبدو واضحاً ما أحدثته هذه الحادثة في حياة ربيع، ليس مستعداً أن يخسر أكثر وفق قوله، ولا يُخفي أن عملية زرع العين الاصطناعية ساعدته أكثر على تخطي الموضوع والتأقلم مع حالته الجديدة، "لقد تغيّر منظر  عيني وساعدني ذلك على الخروج ومعاودة استرجاع نمط حياتي قبل الحادثة".

لكن لعبد الرحمن جابر طريقة مختلفة في التعاطي مع واقعه. الحادثة التي تعرّض لها لم تمنعه من النزول مرة أخرى إلى الشارع. يصف لـ"النهار" ما جرى معه في 17 كانون الأول قائلاً: "كنت من بين المتظاهرين عندما أُصبت في عيني مباشرة، لم أفقد وعيي، وكنت مدركاً وعلى علم بإصابتي. لقد وضعتُ يدي على عيني ورأيتُ الدم بكمية كبيرة، وما هي إلا دقائق حتى انطفأت عيني بشكل كامل. توجهوا بي إلى المستشفى وخضعتُ فوراً إلى جراحة".

ولكن هل تعاود النزول مرة أخرى إلى الشارع؟ يقول "ليس هناك أغلى من الوطن، لقد نزلنا بهدف استرجاع الوطن ولن أتراجع عن ذلك بالرغم من خسارتي. أنا اليوم عاطل عن العمل منذ سنتين، وكنتُ أطالب بأدنى حقوقنا، ولم يعدّ لديّ شيء لأخسره. صحيح أن خسارة عيني لم تمنعني من الخروج بين الناس واستكمال حياتي، أصررتُ على المضي قدماً برغم كل شيء".

ولا يٌخفي أن "زراعة العين ساعدته على استرجاع حجم عينيه الطبيعي بعد أن كانت أصغر حجماً نتيجة الإصابة. ويشكر الطبيب كحيل على مبادرته الإنسانية التي تؤكد "أن الدنيا بعدا بألف خير". 

من صور على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى مبادرة تحوّلت اليوم بعد أكثر من 5 أشهر إلى حقيقة، ما بادر به الاختصاصي في العيون الاصطناعية سامر كحيل تحقق بعد أشهر من التحضيرات والمدة الزمنية المطلوبة لزرع العين. 

ويشرح كحيل في حديث مع "النهار" أن "الموضوع استغرق بعض الوقت، لأن طبياً لا يمكن إجراء زرع عين اصطناعية قبل مرور 6 أسابيع على الجراحة الأولى للعين، وقد اضطر ربيع للخضوع لأكثر من عملية نتيجة الضرر في عظام الخد والعين، في حين أن عبد الرحمن فقد النظر كلياً في عينيه. لذلك نجحنا في الأسبوع الماضي في اجراء زرع العين الاصطناعية لربيع وهذا الأسبوع لعبد الرحمن جابر."

وعن عمله، يشير كحيل إلى أن "مهمته تجميلية وعمله يأتي بعد انهاء العمل الجراحي من قبل طبيب العيون. وتكون مهمتي تجميل المنطقة التي تعرضت للضرر من خلال prothese تكون بديلاً عن العين الطبيعية والتي تُشبه بشكلها ومقاسها العين الطبيعية، إلا أنها تبقى بديلاً خارجياً ولا يمكن أن تقوم بوظيفة العين وإعادة النظر. ويستغرق التحضير للجراحة حوالى الأسبوع حتى نأخذ القياسات والعمل عليها وفق مواصفات عين المريض (حجم- الشكل واللون). وعادة يحتاج المريض الذي يخضع لمثل هذه الجراحة إلى تنظيف prothese من الغبار والملوثات من وقت إلى آخر، في حين تتطلب إزالتها ووضع عين اصطناعية أخرى حوالى السنتين تقريباً، وتختلف المدة وفق الأنسجة الموجودة داخل العين". 

وشدد على أن "المبادرة كانت بهدف انساني بحت وليس لدي أي خلفية أخرى. أنا أعيش في هذا البلد وأعرف جيداً الظروف المعيشية الصعبة على الجميع، وعرضت المساعدة على 4 أشخاص فقدوا عيونهم نتيجة التظاهرات، لكن تلقيت تجاوباً مع الشابين، لذلك أنا اليوم سعيد لأنني وفيتُ بوعدي لهما". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم