السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

نيويورك... من النشاط الدائم إلى مدينة مهددة بالإفلاس

نيويورك... من النشاط الدائم إلى مدينة مهددة بالإفلاس
نيويورك... من النشاط الدائم إلى مدينة مهددة بالإفلاس
A+ A-

بعد شهرين على العزل، لا ترى نيويورك العاصمة الإقتصادية والثقافية للولايات المتحدة النور في نهاية النفق بعد، مما يثير شكوكاً متزايدة حول مستقبل هذه المدينة، التي تعد رمزاً للحشود في الشوارع والحركة المتواصلة.

إذا كانت مدن أوروبية عدة بدأت تدريجياً تحريك العجلة الاقتصادية، فان أكبر مدينة في الولايات المتحدة، تعد البؤرة الأولى للوباء مع أكثر من عشرين ألف وفاة، ستضطر للانتظار حتى حزيران على الأقل، لمعرفة موعد إعادة فتح المتاجر والمطاعم أو العروض التي تجتذب السياح بالملايين.

وقال رئيس بلدية المدينة بيل دي بلاسيو الخميس لشبكة "سي إن إن" الأميركية للتلفزيون: "يجب أن نكون منضبطين جداً". وأضاف :"سنقوم بذلك بهدوء وتدريجياً".

وإذا كان مرسوم العزل لولاية نيويورك انتهى أمس، فستتمكن فقط المناطق غير المأهولة بعدد سكان كبير من معاودة بعض الأنشطة التجارية والصناعية والترفيهية. وعلى رغم تباطؤ الوباء مع تراجع العدد اليومي للوفيات، حيث بات أقل من 200 وعدم سماع صفارات سيارات الإسعاف إلا بشكل نادر، ترفض السلطات التزام معاودة المدارس في ايلول، تاركة الملايين من الأهالي في حالة عدم اليقين.

وقال حاكم الولاية أندرو كومو الخميس :"علينا أن نكون أذكياء"، فيما يواصل التحذير من موجة ثانية من الوباء.

في الوقت الحاضر، لا تزال هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8,6 ملايين نسمة، بعيدة عن تحقيق المعايير الرئيسية اللازمة لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي تدريجياً. وهذه المعايير هي تراجع مستمر في عدد المرضى الذين يدخلون المستشفيات وفي عدد الاشخاص في العناية المركزية وفي الفحوص الإيجابية. وفي مواجهة العزل الذي يستمر لوقت طويل، بقي سكان نيويورك حتى الآن منضبطين نسبياً على رغم العواقب الوخيمة لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين باتوا محرومين من دخلهم وخصوصاً في صفوف الأقليات من السود والمتحدرين من دول أميركا اللاتينية.

وفي حين تتكثف التظاهرات الرافضة للعزل في أماكن أخرى في الولايات المتحدة، يتوخى كثيرون الحذر عملاً بتوصيات مسؤولي المدينة، لا سيما وأن أكثر من 80 طفلاً من نيويورك أصيبوا بالتهاب نادر، يرجح أنه مرتبط بكورونا.

وقال العامل دنيزل تشارلز : "يجب أن يستمر العزل لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر أخرى، لأننا نعيش في مدينة كبيرة تضم الكثير من الناس". وتقول عارضة الأزياء كيونا كارسويل وهي الآن عاطلة عن العمل :"إن الكثير من الناس في عجلة من أمرهم للعودة سريعاً الى الوضع الطبيعي، لكن الأماكن التي أعيد فتحها هي حالة من الفوضى" .


تهديد بالإفلاس؟

ومع ذلك، كلما ظل الاقتصاد في حالة من الجمود، كلما ازداد عدم اليقين في شأن مستقبل مدينة ترتبط أهميتها بكثافتها السكانية وفرط نشاطها الدائم.

لقد انتقل الكثير من الأثرياء في نيويورك إلى المناطق الريفية، والبعض لا يفكر في العودة أبداً".

يقول هانس روبرت (49 سنةا) وهو مسؤول معلوماتية في بنك نيويوركي كبير: "كل الأسباب التي كانت أساس وجودنا (في نيويورك)، المطاعم والحفلات الموسيقية ... اختفت".

وانتقل روبرت الذي يقيم مع عائلته منذ عشرة أعوام في مانهاتن، الى منزلهم الريفي في شمال نيويورك منذ نهاية نيسان ويعمل مع زوجته عن بعد من هناك.

وإذا لم تفتح مدرسة ابنتهما في أيلول، فان روبرت لا يستبعد البقاء هناك طالما أن المصرف الذي يعمل فيه، وعلى غرار مؤسسات أخرى، يفكر في السماح لموظفيه بمواصلة العمل عن بعد.

لكن هناك تساؤلات أخرى حول الوضع المالي للمدينة، التي تراجعت عائداتها الضريبية مع توقف النشاط الإقتصادي.

ولوح رئيس بلدية المدينة الديموقراطي بشبح إفلاس مثلما حصل في السبعينيات، مما أدى الى تراجع الخدمات العامة بشكل كبير وارتفاع كبير في معدلات الجريمة.

وطلب من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب المصادقة على حزمة تحفيز جديدة، أعدها الديموقراطيون في الكونغرس ومن شأنها تعويم المدينة بنحو 17 مليار دولار على مدى سنتين. لكن الرئيس استبعد اعتمادها بحالتها الراهنة. وتقول طبيبة التخدير في مسشفى نيويوركي ماريا كوبمان إن "نيويورك شهدت الكثير من الأزمات، لكنها كانت دوماًا تنهض منها". وأضافت حتى لو أن الأمور لن تعود كما كانت في السابق، فان "الناس الذين يأتون إلى هنا من أجل الحركة الناشطة والتواصل الاجتماعي، لا أعتقد أن هذا الأمر سيزول".

3 تريليونات دولار

وأحال الديموقراطيون أمس، نصاً يتعلق بحزمة مساعدات تاريخية بقيمة 3 تريليون دولارعلى التصويت في مجلس النواب، من أجل مواجهة تبعات فيروس كورونا، وهو نص اعتبر ترامب والجمهوريون في مجلس الشيوخ أنه "ولد ميتاً".  وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في مؤتمر صحافي الخميس :"خطوتنا التالية هي الموافقة على مشروع القانون هذا. سنفعل ذلك غداً".  وأضافت في رسالة الى النواب :"أدعوكم إلى دعم هذا النص القادر على انقاذ حياة كثيرين، والى أن تكونوا هنا الجمعة"، في وقت لم يعقد مجلس النواب جلسة عامة عادية منذ أسابيع بسبب الأزمة الصحية، وتالياً سيتعين على هؤلاء العودة إلى واشنطن خصيصا لهذا التصويت.

ويعتبر ترامب من جهته أن هذا النص "ولد ميتاً"، في حين أن توقيع الرئيس ضروري من أجل دخول النص حيز التنفيذ. 

بدوره رفض رئيس الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ أيضا هذا الاقتراح واصفاً إياه بأنه "لائحة أمنيات". 

وقالت بيلوسي: "اننا نضع اقتراحنا على الطاولة... نحن منفتحون على المفاوضات". ومشروع القانون هذا يتضمن حزمة مساعدات غير مسبوقة تصل الى 3 تريليون دولار، تشمل دفوعات جديدة مباشرة للأميركيين تصل حتى 6 آلاف دولار لكل أسرة. كما أنه يمول العاملين الصحيين ومسعفي الحالات الطارئة ويوسع حلقة الفحوص وتتبع المصابين ويعزز إقراض الشركات الصغيرة والأمن الغذائي للأسر الفقيرة.

والجدير ذكره أن ترامب وقّع أربعة قوانين في الأشهر الاخيرة للتخفيف من الآثار الناجمة عن كورونا، بينها "قانون كيرز" أو "قانون المساعدة والانعاش والامان الاقتصادي" الذي أقر في آذار ويشتمل على حزمة إنقاذ هائلة بقيمة 2,2 تريليون دولار.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم