الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هشام سليم... نضال الأب وشجاعته

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
هشام سليم... نضال الأب وشجاعته
هشام سليم... نضال الأب وشجاعته
A+ A-

يتقن الممثل المصري هشام سليم لعبة إطلاق التصريحات النارية. من ينتظر إطلالاته، يتوقّع منه المفاجآت. يدرك جيداً كيف يتعامل مع مسائله الشخصية، فلا يعرّض خصوصيته للابتذال، ولا يخدش الحياء العام. يتقن فن الشدّ والاسترخاء. إلّا أن هذه المرة اختلف الأمر قليلاً. "ابنتي نورا أصبحت ابني نور، وهذه إرادة الرب". بهذه الكلمات، كشف سليم في ظهوره الأخير عن خضوع ابنه حالياً لجراحة تحوّل جنسي بمباركته، تاركاً وراءه شارعاً مصريّاً مقسوماً، ورأياً عربياً يتجاذبه تياران.

بطل "العاصفة" و"إمبراطورية م." و"عودة الابن الضال" و"الأراجوز" الذي جمعه بوالده الروحي الراحل عمر الشريف، قسم الرأي العربي مجدّداً، وأعاد حقوق المثليين والعابرين والمتحولين جنسياً إلى واجهة السجالات الالكترونية والمشادّات الرقمية. وفي وقت فتح سليم النار على نفسه وعلى ابنته، حظيت القضية على دعم واسع من مجموعة مثقفين ومناصرين لقضايا "مجتمع الميم" وهواجسه، في مصر ولبنان والعالم العربي بأسره، بينهم الشاعرة الزميلة جمانة حداد، التي اعتبرت أن سليم "لم يساعد ابنه فحسب بموقفه هذا، بل ساعد أيضاً الكثير من الشابات والشبان الذين يتخبّطون في عائلة لا تفهمهم"، واصفةً إياه بـ"النبيل والشجاع". كما حيّا المخرج المصري عمرو سلامة، "الأستذ هشام سليم"، مشيراً إلى أنّ "المفاجأة الأجمل تمثّلت بدعم معظم الناس لموقفه". وأشادت الفنانة كارول سماحة بجرأة سليم، واصفةً إياه بـ"الأب الحقيقي الذي يعرف كيف يتفهّم ويرعى ويحمي عائلته"، في حين أنه "في بلاد الغرب حتى الآن، هذا الموضوع لا يتقبّله معظم الآباء".

كأن عنوان فيلمه "عودة الابن الضال"، الذي شارك فيه ماجدة الرومي البطولة، قد استحال حقيقة عاشتها ابنته نورا، التي تحولت في ما بعد إلى نور، إذ عانت أزمة الهوية الجنسية منذ ولادتها، كما قال الوالد. واليوم، بعد أن وجدت نفسها أخيراً، خرجت إلى العلن باسم جديد وهوية جديدة، ليقول نور هشام سليم إنه "بني آدم كويّس، مجرّد بني آدم يريد أن يتفهّم الناس ما مرّ به". ويمكن الاقتباس من "مثل الابن الضال" الوارد على لسان المسيح في الإنجيل لوصف نور الذي "كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاً فَوُجِدَ".

أثبت هشام سليم صعوبة الأبوّة، وتقبّل الابن، وإن اعتبره بعض المجتمع بمواقفه وخطواته "مخزياً وعاقّاً". لم يُسائل الدين، بل ترك الله الذي خلق نورا يحاسبها. الإيمان في القلب. شرّع الأبواب لحديث جدّي وعلمي على أوسع نطاق، للمرة الأولى. عسى أن تنجح قضية هشام سليم وابنه نور بإماطة اللثام أولاً عن التكلّم الحرّ على المشاكل والميول الجسدية-النفسية باعتبارها واقعاً لا عيباً، وعن الحرية الجنسية وحرية الفرد في تقرير مصيره وفي سلوك الطريق التي يريدها، طالما أنه لا يلحق أي أذى بمحيطه.

"أنا بحبك وهفضل أحبك غصب عن أي حد... إنت ابني وأنا اللي جبتك في الدنيا، وأنا اللي لازم أقف جنبك، ولو أي حاجة حصلت أنا موجود علشانك، وحياتك كانت صعبة وهتبقى صعبة ولكن اللي وصلتله بنفسك لحد النهاردة محتاجة راجل له شخصية وهدف، وأنا متأكد أنك هتحققه". بعد قراءة رسالة سليم لابنه المؤثرة، تصمت كل الأصوات، إذ أنّ أحداً لا يدرك أين تكمن مصلحة الابن أكثر من والده، وأحداً لم يشارك سليم الألم حين كان يرى داخل عينيّ ابنه روحاً محبوسة في جسد لا يلائمها. لا أحد يحق له التدخل والتذمّر بعد اليوم. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم