الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

التعلُّم من بُعد: تقنية لا مفرّ منها... وإشكالات

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
التعلُّم من بُعد: تقنية لا مفرّ منها... وإشكالات
التعلُّم من بُعد: تقنية لا مفرّ منها... وإشكالات
A+ A-

فرضت أزمة "كوفيد 19" فكرة العمل من بُعد التي لم يكن ممكناً التفكير بها لولا توافر الانترنت، ووسائل الاتصال الناجمة عنه، ومن المنطلق عينه، طُرحت هذه الفكرة استدراكاً لخسارة المتعلمين من كلّ الفئات لسنتهم الدراسية.

لم توضع سابقا آليات للتعلم من بعد، واستغرقت المبادرات لوضع آليات أولية، بعض الوقت، مستندة إلى ما توافر من وسائط تواصل عبر الانترنت، والهواتف النقالة، وتقنية "الواتساب" فيها.

الطلاب من مختلف المستويات، كما المعلمون، يجمعون على صعوبة التقنية لأسباب متعددة، فثلاث شقيقات في منزلهن في أبي سمراء بطرابلس، يتابعن دروسهن من بعد. ليلى ق. جامعية، في السنة الثانية في فرع هندسة الكومبيوتر في الجامعة اللبنانية -الدولية (LIU)، قالت: "آلية التعلم تتم عبر فيديوات عبر تطبيق الـ Google Classroom، ترسلها لنا الجامعة التي أبدت كل اهتمام بمتابعتنا للدراسة، وفي الفيديوات شروح للدرس، ويتم ذلك عبر مجموعات (الواتساب)، ثم يتم تحديد موعد للقاء الالكتروني، وعبر تطبيق اسمه الـmeeting، ينعقد اللقاء، ونجري حواراً مع الاساتذة، ونستفسر عن كل ما نحتاجه". 

ووصفت الطريقة بـ"الصعبة، لأنها تستغرق وقتا أكثر بكثير، والطريقة تتطلب المكوث على الكومبيوتر لفترات طويلة، ونعيد الفيديو تكرارا لنفهمه بصورة جيدة، ويستغرق ذلك منا وقتا أطول لاستيعاب الدرس". 

ولفتت إلى "مشاكل الانترنت، حيث يستغرق تنزيل الفيديوات وقتا طويلا، ومحاولات متكررة لأن الانترنت كثير التقطع، والسبب ذاته يعوق فهمنا للردود من الأساتذة، وهم يبذلون الجهود المتكررة للرد والشرح على استفساراتنا".

شقيقتها رؤى في صف البكالوريا القسم الأول- أدبي، في ثانوية الحدادين الرسمية، أفادت أنها تتابع الدراسة عبر مجموعات الصف بالواتساب، لافتة إلى أنّ استيعاب الدروس صعب، ويعوق الدراسة بطء الانترنت، وتقطع التيار الكهربائي، مما يجعلنا نقضي أوقاتا أطول بكثير من الدراسة في الصف".

الشقيقة الثالثة آلاء في الصف السادس، تحدثت عن تلقيها الدروس عبر مجموعات الواتساب، حيث يرسل المدرّسون المواد بواسطة فيديوات وفق الأجندات الموضوعة، والمتابعة على الانترنت ليست سهلة بسبب الضغط عال "أونلاين"، في وقت نحن لم نتلق التدريب على هذه الطريقة، بينما في الصف، نتابع بسهولة أكثر مع المعلمات، ونستطيع الاستفسار منهن بطريقة مباشرة وسهلة". 

التلميذان أحمد (8 سنوات) ومحمود (6 سنوات) من آل الصديق، يتابعان دروسهما من بعد في مدرستهما "فرير دده" بالكورة، وكلاهما في المرحلة الابتدائية. تتابع والدتهما فاطمة عرابي تدريسهما، وهي استاذة في التعليم الثانوي، تحمل الماستر في علم النفس التربوي، وتعطي دروس التعلم من بعد لطلابها.

عن تدريس ولديها، شرحت عرابي أنه منذ اليوم الأول لإقفال المدارس، طلبت إدارة المدرسة متابعه الدروس عبر التطبيق الخاص بها، وهي تعتمده عادة في إرسال المفكرات اليومية، وكوسيلة تواصل مع الأهل، والجديد في الأمر أنها اعتمدته لإرسال الدروس المقررة في الصف.

بداية، وجدت فاطمة العمل شاقاً بحيث كان عليها أن تجمع بين تعليم الأولاد، وتأمين حاجات المنزل، وتقول: "ازددت طمأنينه لناحية ربح العام الدراسي، فبمتابعة المنهج المقرر عن بعد سبيل افضل من الترفع بمعلومات مجتزأة"، واستدركت متسائلة: "لكن السؤال هنا انني كأم مدرّسة لم أجد صعوبة، فمهنتي هي التعليم، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبه للكثير من الأمهات، وهنا المعضلة". 

التعليم العالي

يختلف التدريس من بعد مع الصفوف العليا، كالماستر، فالطالب يتلقى الدروس ويتابعها بنفسه على مدى أسبوع، ثم يتم اللقاء مع الأستاذ بنهايته، مما يعني أنّ الاعتماد على الانترنت قليل، والحاجة للتواصل الدائم غير ضرورية كما في بقية المراحل.

الطالبة جنى خليل، سنة أولى ماستر في علوم المساحة في جامعة LIU، قالت: الطريقة المتبعة هي شرح مفصل بالصوت والصورة على الـ(Power Point)، يرسله الأساتذة بشكل فيديو، وكل يوم جمعة، ينعقد لقاء الكتروني، على hangout meeting online، والطريقة مفيدة، وتفي بالغرض، وليس فيها صعوبة، لكنها لا تغني عن الصف لأن أغلبية التلاميذ لا يتمكنون من تحميل البيانات، والمعلومات، والبرامج التي تتطلبها الدراسة من بعد بسبب حجم المادة الكبير، في ظل انترنت ضعيف، ومتقطع، ولأن أغلبية التلامذة لا يسمح لهم وضعهم المالي بتحقيق ذلك، خصوصا بوجود حاجة لتقنيات متعددة". 

الاستاذ والتعليم من بعد

بالعودة إلى فاطمة عرابي، رأت أنه "يمكن اعتمادها دائما لتطوير مفاهيم التعلم، وفيها تجديد وتغيير عن الطرق التقليدية، لكن ثمة إشكالات تتعلق بالاتصالات، ونوعيتها، وتكاليفها". 

وشرحت كيفية إعطاء الدرس عن بعد، وبداية بـ"التحضير وتقديم الشرح، فيقرأ الطالب ويفهم المطلوب، ثم أربط مضمون ما حضرته من مادة، بما يجب على الطالب حفظه أو إتقانه. ويتم إرسال نقاط الشرح بواسطة الـ (Power Point) عن موضوع معين. وبعد الانتهاء من الشرح نعمل مسابقة، وأعطي الحل لها، وبذلك أكون قد ضمنت إيصال المعلومة من ألفها إلى يائها، والمشكلة في هذه الطريقة هي مع التخصصات العلمية وليس الأدبية".

وهناك تقنية الميكروسوفت تيمز (Microsoft Teams) المتممة للتعلم من بعد، حيث يقسم الأساتذة التلامذة إلى فرق، وعندما يدخل الاستاذ على فريقه، يجد الصف الذي يعطيه الدرس، ومن الصعوبات هنا القدرة الاستيعابية لعدد محدد من الطلاب في فريق واحد، وضبطه، وتشرح عرابي هذه الصعوبة: "تتركز الصعوبة على الإجابة على عدد مفتوح من الاستفسارات، وهذه الصعوبة ممكنة في الصف، بينما متعذرة في التعلم من بعد، مما يفرض بأن لا يتجاوز الفريق، أو الصف، أكثر من عشرة طلاب، بينما يستوعب الصف ثلاثين طالبا عادة". 

ولفتت عرابي إلى "صعوبة مستجدة في تجاوب الطلاب بالدخول إلى فريق ما، ومن الأسباب الأساسية عدم توافر الانترنت لدى كثيرين، أو ضعفه”.

ورأت عرابي أن "البرنامج جيد، ويؤمن تواصلاً بين الاستاذ والطلاب، ويفترض الاستمرار به حتى بعد عودة العمل بالمدارس إلى طبيعته، فبواسطتها يمكن التعويض عن أي خسارة محتملة". 

وقالت إنّ "التعلّم من بعد لا يمكن أن يصبح بديلا عن التعليم بالحضور المدرسي الذي يؤمن الحفاظ على روحية التفاعل المفيدة بين المدرسة والطلاب، وبواسطتها يمكن الحفاظ على عنصر التربية مع التعليم، فلا يصبح الاستاذ مجرد وسيلة لتقديم المعلومة كما على الانترنت". 

استاذ الموسيقى بالتعاقد لدى وزارة التربية عازار عازار، قال إنّ طريقة التعلّم من بعد صعبة، وساعة التدريس المدرسي تستغرقني نهاراً كاملا بين تحضير المادة بالفيديو، أو صوتيا، أو بشروح كتابية، لكن التلامذة يردّون على أسئلتي، وعلى ما يفترض بهم أن يتعلموه، على هواهم، وبين الثلاثين تلميذاً، تأتيني ردود من قلة، وأحيانا بعد أسبوع.

أضاف: "مع ذلك، يتشدّد المدير في احتساب الساعة التي تستغرق نهاراً كاملا. الطريقة سيئة، وتحتاج لظروف وتحضير أفضل، مع انترنت أكثر جودة". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم