الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

مفقودو الحرب أشباح لم تسترح

لينه قماطي
Bookmark
مفقودو الحرب أشباح لم تسترح
مفقودو الحرب أشباح لم تسترح
A+ A-
تمتلك "ثورة 17 تشرين"، بما أعلنته من إمكانات تغيير، مفاتيح الحل لسلسلة من الإشكاليات التي أثيرت والتي تطلّبت قرارات حاسمة خلال الفترة التي أعقبت "اتّفاق الطائف" الذي شكّل استمراريّة للحرب بوسائل أخرى.ومن بين تلك القرارات تحديد المسؤولين عن الفظائع والاقتصاص من مرتكبي الجرائم وكذلك البحث عن حقيقة مصير المفقودين وإعادة بناء الذاكرة الوطنيّة وإعادة كتابة التاريخ، أو بشكل أعم تغيير سياسي وتجديد للنّخب. وقد تعطّلت تلك القرارات الأمر الذي كشف عجز نظام ما بعد الحرب عن التخلّي عن النخب السياسية السائدة والتخلّص من القيادات الميليشياويّة المُهيمنة. وفي هذا السياق، فرض سؤال إنساني بامتياز نفسه خلال السنوات التي أعقبت الحرب، وكشف قدرة ذلك النظام على تعطيل إمكانات المساءلة في وقت تعاني خلاله شريحة من الشعب أقسى أنواع المعاناة منذ أربعين سنة.وتتمحور، المسألة تلك، حول 17415 مفقودَ حربٍ وعائلاتهم التي لم تعرف حتى اليوم مصير مفقوديها وتعلّل النفس بأمل ضئيل بلقياهم في الآتي من الأيام.ولا تزال هذه المسألة حاضرة لأنها لم تلقَ جوابًا ولم تجد حلًا حتى ولو تبنتها الدولة وقد حصل ذلك في مرحلة ما بعد الحرب. وفي معرض كشفنا عن أسباب التعطيل وجب التساؤل: كيف بقيت هذه المسألة بلا حل طوال ثلاثين سنة بعد نهاية الحرب؟ وما هي الديناميّات التي ميّزت العلاقة بين مجموع العائلات المنتظمة في إطار المجتمع المدني والدولة اللبنانيّة منذ عام 1990 الشاهدة اليوم على تعطيل تلك المسألة وجعلها في مأزق بين عدم تجاهلها من جهة وعدم حلّها من جهة أخرى؟لمراقبة ما يحصل، بين عدم التجاهل وعدم الحل أتوسّل مفهومًا أنتروبولوجيًا هو مفهوم "العبور". إذ إنّ حالات الانتقال حاسمة في نتائجها. و"العبور" مفهوم قديم قدم العالم يُوصِّف حالة انتقالية تفترض "مراسم عبور" كي يتم تخطَيها. فالمراهقة عبور من الطفولة إلى البلوغ. و"العبور" في توسّل الانتقال من حالة إلى حالة أخرى هو بنيوي يفرض بُنىً اجتماعيّةً لازمة: مجتمع يتشارك خصائص لها علاقة بالانتقال و"مدير مراسم" يتوسّل نفوذه الإجتماعي والسياسي كي يضع الآليّة وفقًا للمواصفات المطلوبة. وفي ما خص موضوعنا، فالمجتمع الذي يحاول الانتقال من حالة إلى أخرى هو مجتمع عائلات المفقودين توجّههم الدولة اللبنانيّة التي تلعب دور راعي الاحتفال أو مدير المراسم. ويبدو أنّ هذا الأخير، أي مدير المراسم، لم يضع بعد موضع التنفيذ، آلية الإنتقال أو مراسم العبور.وفي لبنان ما بعد الحرب، دخلت مسألة الأشخاص المفقودين في مرحلة انتقال بين حالتين؛ فلم يتم تجاهلها ولم يتمّ حلها منذ 30 عاماً. وخلال هذه الفترة، حافظ النظام السياسي بإصرار على هذه المسألة في الحالة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم