اشترِك في نشرتنا الإخبارية
شوارع صامتة.
كمّامات تزيّن بعضًا من وجوه .
عيون شاردة تفتش عن بريق يأتي.
أيام يأكلها الملل.
مستشفيات حزينة، أجساد ترتعش وحيدة.
نعوش لا تجد من يحملها.
مؤسسات مقفلة، اقتصاد منهار، وغلاء ينهش ما تبقّى.
صلوات كانت منسيّة، عادت إلى الشفاه والقلوب.
لسنا وحدنا في هذا العالم، لسنا الأقوى في هذا العالم.
الطبيعة أقوى منا، الأمراض أقوى منا. اليوم، كلّ شيء أقوى منا.
هل كانت هذه التجربة ضرورية لنعرف كم نحن ضعفاء؟
هل كانت هذه التجربة ضرورية لنعرف كم نحن جبناء؟
لنعرف كم كنا بعيدين عن الإيمان.
نبني المساجد والكنائس الكبيرة المزخرفة، وندخل إليها بأفكار متحجّرة وقلوب سوداء.
هل كانت هذه التجربة ضرورية لنعرف الوجه الآخر للحياة؟
الأرض تعبت منا، من أعمالنا وشرورنا.
أعمتنا الأطماع وأنهكنا الجشع.
نفتّش عن اللذّة ولا نفتّش عن الحبّ.
نعمل على بناء اللحظة ولا نخطّط لبناء المستقبل.
نطارد الأيام كمن يطارد الأوهام، مسرعين إلى المجهول.
غدًا أو بعد غدٍ ستنتهي هذه التجربة.
تجربة مؤلمة، قاسية ومكلفة.
تجربة صفعتنا على وجوهنا، علّنا نستيقظ.
غدًا أو بعد غدٍ سنرجع إلى طرقاتنا وأعمالنا.
غدًا أو بعد غدٍ سنرجع إلى ضوضائنا وشجوننا.
سننسى كلّ ما مررنا به، لأنّ النسيان من صفات الإنسان.
لكنّ هذه التجربة ستُكتب في ذاكرة التاريخ.
بعضنا سيتعلّم منها، ستتغيّر أشياء كثيرة في داخله.
والبعض الآخر سيعود كما كان.
سيعود إلى لحظته الفانية.
إلى فراغه الكبير.
سيعود الصراع، ستعود الأطماع وتعود الحروب التافهة.
ستعود مصانع الأسلحة ومصانع الموت.
سيعود الجنون ويعود القتل الأعمى.
ستكون الأرض متعبةً من جديد، وتكون السماء صفراء حزينة.
دعونا نحمل شيئًا بسيطًا من هذه التجربة.
دعونا نغمض أعيننا وندخل إلى ذواتنا.
لنفكّر قليلاً بصراع الخير والشر.
لنفكّر قليلاً بحضارات سبقتنا وحكماء عاشوا سلامهم الداخلي.
الخير ليس خيرًا مطلقًا والشرّ ليس شرًّا مطلقًا.
لنعمل على إعادة التوازن إلى عالمنا.
فأعمال العنف والثورات تكون ردّ فعل.
والكثير من الجرائم تُرتكب لأسبابٍ كثيرة، أسباب يمكن معالجتها.
لنعمل بحسب الأخلاق والفضائل لأنّ القوانين وحدها لا تكفي.
لنعمل على إعادة الثقة إلى أنفسنا لنستطيع أن ننقلها إلى الآخرين.
لنعمل على إنارة جوانبنا المظلمة، فنستطيع إنارة المحيط الأبعد.
لنعمل للوصول إلى إنسانٍ أفضل.
لنعمل للوصول إلى عالمٍ أفضل...
