الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إلى الأم العاملة في الحجر... كيف تستفيدين من هذه المرحلة بعيداً من التوتر؟ (فيديو)

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
إلى الأم العاملة في الحجر... كيف تستفيدين من هذه المرحلة بعيداً من التوتر؟ (فيديو)
إلى الأم العاملة في الحجر... كيف تستفيدين من هذه المرحلة بعيداً من التوتر؟ (فيديو)
A+ A-

ليست الأخبار السلبية للانتشار السريع لفيروس كورونا حول العالم وحدها مصدر التوتر الذي نعيشه. فنمط حياتنا تغيّر بالكامل بشكل غير متوقع لم نكن مستعدين له أبداً. وتواجه نسبة كبيرة من الأمهات اليوم هذا الواقع بكثير من التوتر، خصوصاً إذا كنّ من الأمهات العاملات اللواتي يتوجب عليهنّ العمل في العزل المنزلي. بين العمل والأطفال والواجبات المنزلية وغيرها من الضغوط، قد تشعر الأم بارتفاع معدلات التوتر لديها، خصوصاً إذا كانت تجد صعوبة في تنظيم الأمور خلال هذه الساعات الطويلة التي تمضيها العائلة كاملة في المنزل. قد يبدو هذا الواقع صعباً في الظاهر، إنما ثمة إيجابيات عديدة فيه للعائلة يمكن الاستفادة منها، على أن تتعامل معه الأم بحكمة وإيجابية، لتعيش أجمل اللحظات مع أفراد عائلتها التي تجتمع للمرة الأولى طوال هذا الوقت.

السيدة بولين مدرّسة وتعيش كأي فرد أجواء التوتر السائدة في المجتمع نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد وأخباره السلبية الكثيرة. يضاف إلى ذلك ضرورة قيامها بكافة الواجبات المطلوبة منها من تحضير دروس تلاميذها والصفوف أونلاين ضمن عملية التعليم عن بعد التي تعترف بأنها جديدة نوعاً ما، ما يزيد من التوتر عندها. "مع ظروف التعليم عن بعد التي تعتبر جديدة بالنسبة لنا، نحن ملزمون بتعليم الطلاب لنوصل الرسالة بشكل أفضل لهم من خلال التقنيات المعتمدة ونبقى على تواصل معهم طوال الوقت". تلتزم بحسب قولها بالعزل المنزلي مع أطفالها من البداية، ولا تخرج إلا إلى السوبرماركت، فيما يبقى أولادها في المنزل. لذلك، هذا يزيد الضغوط عليهم، خصوصاً أن ثمة واجبات مدرسية وفروضاً لا بد من العمل عليها بجدية لأنها مطلوبة من المدرسة. "هذه الضغوط كلّها تزيد من التوتر لدينا ولدى الأطفال، ومن الطبيعي أن يشعروا برغبة في الترفيه، خصوصاً بوجود الأخبار السلبية المنتشرة عن الفيروس. يضاف إلى ذلك وضعنا كأساتذة والغموض الذي يحيط بالعام الدراسي وإمكان متابعته حتى الصيف وكل القلق المرتبط بهذه الأمور. فكيف يمكن أن لا يزيد التوتر ونحن نجلس مكبلين في منازلنا ونسمع أن العطلة الصيفية قد لا تكون موجودة للطلاب والأساتذة والأمهات؟ هذا دون أن ننسى الوضع الاقتصادي والهموم المرتبطة به".وتحرص بولين على القيام بواجباتها كأم من جهة وتمضية الأوقات اللازمة مع أولادها، وتقوم بعملها كمدرسة في تحضير دروس الطلاب والتواصل معهم. وتحرص أيضاً على تخصيص بعض الوقت لنفسها ولتهدأ وترتاح قليلاً لتتمكن من متابعة قيامها بواجباتها وبالالتزام بالعزل المنزلي، وإلا لن يكون هذا ممكناً خصوصاً لأشخاص مثلهم اعتادوا الخروج يومياً والعمل ومعتادون نمط حياة مختلفة.

ولا يختلف كثيراً وضع السيدة فرنيني التي تواجه صعوبات كبرى لأن أطفالها في سن صغيرة، إضافة إلى كونها مضطرة للتوجه إلى مكان عملها 3 مرات في الأسبوع، فيما تعمل في باقي الأيام من المنزل. "ليس التوتر المشكلة الكبرى التي أواجهها، بل الإحساس بالذنب. فأطفالي لا يتقبلون فكرة ان أعمل من المنزل ولا يفهمون هذا الموضوع، فلا يتصرفون على هذا الأساس بل يريدون التواصل معي طوال الوقت. يزعجني ذلك كثيراً لأني أشعر بالذنب تجاههم. يضاف إلى ذلك أني عاجزة عن التعامل مع الوضع والقيام بالأعمال المنزلية وبعملي وبواجباتي تجاه أطفالي واللعب معهم. الوضع ليس سهلاً أبداً وأواجه صعوبات كبيرة. وفي الأيام التي أتوجه فيها إلى العمل لا أدرّس ابنتي لأني لا أملك الوقت الكافي عندما أعود إلى المنزل وأحاول الاستمتاع مع طفلاتي الثلاث معاً. وعندما أعمل من المنزل أنتظر حتى يناموا لأتمكن من العمل بهدوء وهذا ليس سهلاً علي".

أما بالنسبة إلى الانضباط والنظام الذي كان مفروضاً في روتين حياتهم، فهي لم تعد تلتزم به حالياً خصوصاً بعد أن عرفت أن توتر الأهل ينتقل إلى الأطفال الذين لا يدركون ما يحصل معهم في هذه المرحلة المختلفة وأسباب تواجدهم في المنزل. لكن بالنسبة إلى طفلتيها الصغيرتين هما تنامان حالياً في ساعة مبكرة لأنهما لم تعودا تنامان خلال النهار كما في الحضانة. أما بالنسبة إلى ابنتها الكبرى فتجد صعوبة في النوم في ساعة مبكرة، لكن تحاول التعامل بأفضل ما يكون مع الوضع.

"في هذه المرحلة أشعر أحياناً بضرورة إعطائهن الهاتف الخلوي أو الـIpad ليهدأن قليلاً ويتسلّين. بشكل عام لم يعد هناك أي مجال للانضباط والروتين في حياتنا، وما من نظام محدد للأكل والنوم ومشاهدة التلفزيون وغيرها من الأمور. الطلبات متواصلة ويغلب علي التوتر وأشعر في كثير من الأحيان بالذنب لعدم قدرتي على التعامل معهن بالشكل الصحيح لكثرة الضغوط. أحتاج أحياناً إلى بضع لحظات أمضيها وحدي، وأشعر في بعض الأوقات أني لا أشكل مثالاً جيداً لهنّ، لكني أحتاج بعض الوقت لأتمكن من تأمين الطاقة اللازمة. الهموم كثيرة سواء تلك المعيشية أو الاقتصادية، إضافة إلى الشعور بالذنب من أن النظام والتربية اللذين ركزنا عليهما زالا في هذه المرحلة، وهذا ما يزعجني بشكل خاص. كل الجهود التي قمنا بها سابقاً ذهبت سدىً سواء لجهة الحرمان من الأجهزة الإلكترونية والنظام. كما أصرخ أحياناً بهنّ وأعجز عن ضبط نفسي، ثم أندم لاحقاً وأعتذر. هن أيضاً لا يدركن لمَ نتصرف بهذا الشكل وكأننا نربكهن في ما يحصل".

هكذا نستمتع بهذه المرحلة

تشدد مدربة الحياة نجلا عموري على أسس لا بد من الانطلاق منها للاستفادة من هذه المرحلة ومن إيجابياتها التي لا يدركها كثر. فصحيح أن الأمور تغيّرت اليوم بالكامل بالنسبة إلى الأمهات وتبدلت طرق التعامل مع الأطفال لعدم وجود مدارس، لكن عناصر كثيرة يمكن أن تسهّل الأمور عليهن:

- استباق الأمور والتحضير لها. ففي حال عدم التحضّر يأتي الحدث بما يشبه اللكمة بالنسبة لنا. "من المهم التعلّم من هذه التجربة والاستفادة للتحضر للأمور وتعلّم كيفية استباقها للتعامل مع التوتر بشكل أفضل فهذا يخفف من معدلاته ومن معدل الضغوط التي نتعرض لها.

- الحفاظ على روتين معين وفق برنامج محدد للأطفال. فالطفل الذي يشعر بأن لا حدود ولا ضوابط في حياته يخضع للمزيد من الضغوط والتوتر، فيشعر وكأنه على حافة هاوية، وقد يسقط فيها في أي وقت. يبقى عندها في حالة دفاعية وفي توتر واضطراب. أما بوجود الروتين فينهض في ساعة محددة ويدرس ثم يمكن القيام بنشاط جسدي ليتسلى ولا يشعر بالكآبة.

- يجب الحد من معدلات السكر للأطفال والتركيز على البروتينات.

- يمكن للأم أن تقوم بدور المعلم في وقت التدريس لاعتبار أن الأطفال يتأثرون كثيراً بمعلماتهم.

- يمكن ممارسة تمارين اليوغا مع الأطفال والتلوين، ما ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية.

- ثمة تطبيقات مهمة جداً ومواد يمكن الاستفادة منها على الإنترنت فهي مفيدة ومسلية. وبالتالي في هذه المرحلة يمكن الاستفادة من فوائد وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من التركيز على سلبياتها التي طغت في مراحل سابقة. كما أن ثمة كتباً مجانية للأطفال وصفوف يوغا.

- لكي تغير الأم الأجواء السائدة التي قد تشعر فيها بالتوتر، يمكن أن تدعو الأصدقاء إلى House party أونلاين فتستمع لبعض الوقت.

- بالنسبة للأم التي تعمل لساعات خصوصاً في المنزل، عليها أن تغيّر أولوياتها كتسهيل أنواع الأكل التي تطهوها ومسألة الترتيب في المنزل. في المقابل يمكن إشراك الطفل في هذه الأمور، فيستمتع أفراد العائلة كلّهم، فيما يستفيد الأطفال ويعتمدون على أنفسهم. ويمكن تحضير المثلجات معهم والحلوى وسلطة الفاكهة. هذه الأمور تشكل متعة للكبار والصغار.

- لا بد من التشديد على أهمية تمضية 10 دقائق سحرية مع الأطفال. فهي مصدر جذب لهم. في هذه الفترة على الأم أن تخلق هذه الروابط الأساسية مع أطفالها، ما يساهم في إحداث التغيير المطلوب لديهم لاحقاً . "من المهم أن نعمل على كسب ثقتهم وصداقتهم إلى أن تأتي بعدها المرحلة التي نعمل فيها على إحداث التغيير . في المقابل يجب عدم التحدث مع الأطفال دوماً وكأن حياة الأهل مثلى بل يمكن التحدث عن طفولتهم والصعوبات التي يواجهونها لخلق الروابط بدلاً من بناء جدار في وجههم. فالمطلوب تبادل الأدوار، وعلى الأم تحديداً أن تكون أحياناً في موقع قوة وسلطة، كما أن تكون في موقع ضعف عند اللازم وأن تلعب كما لو أنها صديقة لأطفالها أحياناً أخرى.

- يجب ألا يشعر الطفل بأن أمه تفقد السيطرة على الأمور، فهذا له أثر سلبي عليه.

-على الأم ألا تبقى بملابس النوم طوال النهار، بل يجب أن ترتدي ملابسها وتهتم بمظهرها، فهذا ينعكس إيجاباً على صحتها النفسية.

- يجب الاستفادة من هذه المرحلة ومن الروابط التي يمكن نسجها بين أفراد العائلة ككل، ما يدفعنا إلى التفكير بإيجابية. فلهذه المرحلة إيجابيات لا يمكن التغاضي عنها، منها الحد من التلوّث وتأمين تلك الأوقات التي تستطيع أن تمضيها العائلة معاً، وتوطيد العلاقات بين أفرادها، إضافةً إلى العودة إلى الطبيعة كما يحصل الآن والتفكير بالآخر، وبأننا لسنا وحدنا في العالم بعد أن جمعتنا هذه المحنة والاستفادة من فوائد وسائل التواصل. وعلى الأم أن تعرف أن إيجابياتها تنتقل إلى من حولها وسلبيتها تؤثر ايضاً على من حولها.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم