الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل يهدّد كورونا الحضارة؟ مقابلة حصرية مشوّقة لـ"النهار" مع الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري

المصدر: ترجمة نسرين ناضر- "النهار"
زينة طراد
Bookmark
هل يهدّد كورونا الحضارة؟ مقابلة حصرية مشوّقة لـ"النهار" مع الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري
هل يهدّد كورونا الحضارة؟ مقابلة حصرية مشوّقة لـ"النهار" مع الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري
A+ A-
ميشال أونفري، الفيلسوف الفرنسي الذي وضع أكثر من مئة كتاب وتَلقى كتاباته حالياً الإقبال الأكبر على قراءتها وترجمتها بين الكتب الفلسفية في العالم، يُدلي برأيه حول هذه الأزمة الصحية العالمية. ويجيب في هذه المقابلة عن أسئلة "النهار" من مكان إقامته في النورماندي حيث يمضي فترة الحجر المنزلي بعدما زار لبنان في شباط الماضي لإلقاء سلسلة من المحاضرات وإعداد فيلم وثائقي عن لبنان. في ما يأتي يعرض أونفري رؤيته الفلسفية بشأن الحجر المنزلي، والأزمة الصحية وتداعياتها الاقتصادية والسياسية.كيف تمضون فترة الحجر المنزلي؟عملُ الفيلسوف هو قبل أي شيء نشاط لا يتطلب تنقلاً، ويفترض الانفراد والعزلة. أكتب وأقرأ وأعمل. أواكب يوميات هذه الجائحة لأنها تكشف، بالمعنى الدقيق للكلمة، عن الحالة التي آلت إليها حضارتنا، بوجود رئيس دولة تنقصه الكفاءة؛ وناطق باسم الحكومة يُقرّ بأنه لجأ إلى الكذب لحماية رئيس الدولة ويذهب بعيداً في حمايته لهذا الأخير؛ وحكومة في وضع يرثى له؛ ووزيرة صحة مستقيلة كذبت أيضاً بشأن خطورة الوباء قبل أن تؤكّد أنها قالت الحقيقة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء؛ وتضارب مصالح بين السيدة بوزين [وزيرة الصحة المستقيلة] وزوجها الخاضعَين للمختبرات، إذاً لسلطة المال؛ وبوجود البروفسور الفرنسي ديدييه راوولت الرائد عالمياً في طب الأمراض المعدية؛ وكذلك على ضوء التصريحات المتناقضة التي تُظهر أن إيمانويل ماكرون ليس قائداً، وأنه لا يُجيد الحسم واتخاذ القرارات واستباق الأمور، وأنه ليس في الواقع سوى مجرد رجل من القش في الدولة القائمة على معاهدة ماستريخت. لقد رأى الجميع انهيار أوروبا كما تصوّرتها معاهدة ماستريخت، ومعها بلغت الليبرالية القعر: ها نحن نعيد اكتشاف فضائل الحدود، وتدخّل الدولة، والحاجة إلى الخدمات العامة، وفضائل التأميم. وكأن كولبير [جان باتيست كولبير الذي كان وزيراً للمال في عهد لويس الرابع عشر] ينتقم لنفسه!الحجر يُلزم الأشخاص، بطريقة من الطرق، بالعودة إلى ذواتهم. هل يمكن أن تكون له فضائل؟نعم لدى أصحاب الفضائل، إنما ليس لدى ذوي المساوئ. الحجر هو تماماً بمثابة القفص حيث توجد حيوانات تدور في حلقات في حين أنها بحاجة إلى فسحة... هذا الوضع يُجبر الإنسان على الوقوف وجهاً لوجه أمام ذاته، وكذلك أمام شريكه وأولاده، وربما أيضاً أولاد أحد الشريكَين. في الأزمنة العادية، يمكن تحمّل المعاناة بصبر: يجب التماسك خلال وجبة طعام أو عطلة نهاية أسبوع أو نزهة بعد العمل. ثمة متنفّسات متاحة إذاً، ومع ذلك، يتبيّن أنه نادراً ما يكون ذلك كافياً لتجنّب الخلاف. ولكن في الحجر، لا مجال لأخذ استراحة، ليس ثمة متنفّس: يتواجد الأشخاص معاً على مدار الساعة، أسبوعاً تلو الآخر، لمدة شهر على الأقل. يملك الأثرياء شققاً كبيرة ونيّرة في الأحياء الجميلة، ويمكنهم أيضاً مغادرتها والتوجّه إلى منازل ريفية في النورماندي وإقليم الباسك وجزيرة ري... يخضع الحجر لقانون الصراع الطبقي: هذه المحنة أشد قسوة على وضيعي الحال منها على الأثرياء.كيف تحللون جائحة فيروس كورونا؟ هل ستؤدّي إلى التسريع في انهيار الحضارة الغربية؟أهتم بمصائر الحضارات، وبما أن حضارتنا تنهار، من المهم إجراء مقارنة مع سقوط الحضارات الكبرى، أي الحضارات الآشورية والسومرية والبابلية، وحضارات ستونهنج والأقصر وأثينا وروما... إذا قمنا بدراسة المعارف التاريخية أي ما يُسمّى إبيستمولوجيا التاريخ، نلمس جيداً أن الأسباب التي تُقدَّم لتحليل انهيار الحضارات هي عبارة في معظم الأحيان عن توقعات شخصية. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تفسيرات بيئية، من خلال ربط انهيار الحضارات بفترات شهدت احتراراً أو برودة مناخية، أو تدميراً للغابات والأحراج على نطاق واسع، أو أخطاء زراعية، إنما يُربَط انهيار الحضارات أيضاً بالمجاعات والأوبئة. يُقال إن الطاعون الأنطوني أدّى، في نهاية القرن الثاني، دوراً في سقوط روما.لا يمكن أن يُعزى انهيار الحضارة إلى سبب أوحد، ولكن صحيح أن الوباء الذي يتسبب به فيروس كورونا سيؤدّي إلى انهيار الاقتصاد، ولستُ أدري كيف سيتعامل الغرب مع الأمر!في أواخر كانون الثاني 2020، تحدثتم عن خطورة الوضع الذي قلّلت فرنسا من أهميته؟ كيف تفسّرون تأخّر السلطات الفرنسية في التحرك لمواجهة هذه الأزمة الصحية؟ لماذا لم تقدّر السلطات الفرنسية جيداً حجم الخطر؟ علماً بأن العديد من العلماء، ومنهم البروفسور راوولت، أطلقوا تحذيرات بهذا الخصوص...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم