الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل يشهد العالم حرباً وبائية كونية؟

سعد نسيب عطاالله
هل يشهد العالم حرباً وبائية كونية؟
هل يشهد العالم حرباً وبائية كونية؟
A+ A-

لست أدري ما هو أشد ترهيباً وهلعاً في يومنا هذا!

هل هي عدسة آلة التصوير، أو وباء الكورونا؟

لست أدري كذلك إذا كان دور العدسة الحالي هو حصان طروادة هذا الوباء، أو أن هذا الوباء أصبح محطة لتوخي الشهرة الفارغة، والتحليلات الهمايونية المرعبة، والكسب الإعلاني الرخيص؟

بداية، إنني أحسب أن كليهما من أنواع الأوبئة الفتاكة، فالعدسة هي وباء العقل، كما أن فيروس الكورونا هو وباء الجهاز التنفسي البشري!

انتشرت أوبئة عديدة خلال التاريخ، أودى بعضها بحياة الملايين من البشر، خاصة في الدول المتخلفة، لكن لم يتوسع انتشارها إلى القارات الخمس، كما هو وضع وباء الكورونا حالياً، الذي ساعدت المواصلات العالمية الحديثة على انتشاره السريع حول العالم، كما يقول بعض علماء الأوبئة التقليديون الذين تتصدّر الافتراضات غير العلمية أسلوب تفكيرهم!

لست عالم أوبئة، أو متعمقاً في علم الحياة، البيولوجيا، أو باحثاً في المختبرات العلمية الحديثة في الدول المتقدمة، كما درجت هذه الدول أن تسمّي نفسها. إنما أودّ مقاربة انتشار الوباء الحالي من مبدأ أحادية سيطرة الرأسمالية العالمية العاصرة. حيث إن النظام الرأسمالي يتوخى الكسب المالي الجشع، والتفوق الأحادي الاقتصادي اللامحدود.

طغى على الإنسانية خلال العقود التسعة الأخيرة من القرن العشرين، نظامان اقتصاديان متناقضان: الأول رأسمالي، تصدّرته الولايات المتحدة الأميركية، والآخر نظام شيوعي، التبست تسميته مع الاشتراكية البروليتارية، بدأ مع الثورة البلشفية اللينينية وتبناه الإتحاد السوفياتي.

استمر الصراع الدولي بين هاتين الدولتين العظميين، عقوداً عديدة، ابتغت الرأسمالية من خلاله، استغلال خيرات الشعوب، وادّعت الاشتراكية أنها كانت تروم القضاء على استغلال الإنسان للإنسان، وتوفير السعادة، والبحبوحة العادلة لكل أفراد المجتمع!

شهدنا موجات متتالية من سباقات التسلّح بينهما، أدت مع نهاية القرن العشرين إلى انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكّكه بالكامل، وهزيمة النظام الاشتراكي شر هزيمة. انتقل العالم بعد ذلك الحدث التاريخي من الثنائية القطبية، إلى أحادية قطبية الدولة الأميركية الرأسمالية العظمى!

مع بداية القرن الحادي والعشرين، صحا العالم على جبروت أميركا الرأسمالي العسكري التوسّعي، بعد حادثة الحادي عشر من شهر أيلول المرعبة، ما دفع النظام الصيني الاشتراكي الماوي، نسبة إلى الزعيم الصيني، ماو تسي تونغ، إلى التأقلم مع النظام الرأسمالي الآحادي الجديد، حتى إنه أصبح النظام الرأسمالي المنافس والأقوى في وجه الولايات المتحدة الأميركية، حيث إن الصين استقطبت معظم مصانع الغرب، حتى الأميركية، وأصبح اقتصادها الأول بين دول العالم، دون استثناء!

شكل هذا التوسع الاقتصادي الصيني الجديد عجزاً هائلاً في ميزان المدفوعات الأميركي، التي اقتصر اقتصادها على تصنيع الأسلحة العسكرية، التي واجهت كذلك منافسة صناعية عسكرية أخرى، في أوروبا، وروسيا الاتحادية.

تحول سباق التسلح العسكري بين العملاقين الجديدين، الصين وأميركا، إلى الاهتمام بمختبرات الأبحاث الجرثومية التي مكنتهما من تصنيع أسلحة بيولوجية، جرثومية، وبائية، يستطيعان استعمالها ضد بعضهما البعض بطريقة عنفية سرية، غير مباشرة، وليس من الضروري الإعلان، أو الإفصاح عنها، عند استعمالها في حروبهما الجبانة، ولا تتسم بالحرب التقليدية، التي تستدعي تحشيد الأساطيل، ونصب الصواريخ البالستية العابرة للقارات.

أستطيع الإستنتاج أن ما يحصل اليوم هو حرب عالمية وبائية بين هذين القطبين الرأسماليين الضخمين، حيث لا يمكن لأحد خارج هاتين الدولتين سبر من شنّها، لأنها مبادرة خبيثة أدت إلى مصيبة إنسانية، لا مثيل لها في التاريخ. لكن تصوَّب أصابع الاتهام إلى كليهما فقط: الصين الشعبية أو الولايات المتحدة الاميركية، وقد حدث أن تفلتت السيطرة على هذا الفيروس الخطير، كما يبدو جلياً، من أيدي من بادر بإطلاقه، على ما يتبين لنا من فوضى وضياع كلا البلدين وعدم القدرة على احتوائه، ومن استمرارية توجيه اتهامات لبعضهما البعض.

نشاهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يسمي فيروس هذا الوباء بالفيروس الصيني، في حين تشير الصين إلى أن انطلاق هذا الوباء في مدينة ووهان الصينية قد حصل بعد وصول بعثة أميركية عسكرية إليها مصابة بهذا الوباء.

من غير المحتمل، وغير المعقول، أن تكون غير إحدى هاتين الدولتين، أميركا أوالصين، أو كلاهما، قد أطلقت العنان لهذا الفيروس القاتل، المسبب للوباء، قبل أن تكتشف وتصنع له لقاحاً مضاداً، حتى تحمي شعبها منه، لديمومة بقائها!

كلي أمل أنه سيجري الإفصاح عن توفر لقاح مضاد لهذا الفيروس، في مختبر في إحدى هاتين الدولتين الرأسماليتين العظميين، بعد انتشاره في كل دول العالم.

يدرك الآن كل مدافع عن النظام الرأسمالي الجشع، أن هذا النظام سوف يتآكل ويضمحل، عندما يتصارع مع نفسه، وقد يؤدي إلى إفناء كل الكائنات الحية.

استطراداً، لا يمكننا استبعاد استعمال طائرات دون طيار لنشر هذا الفيروس السفاح حول العالم، خاصة فوق مناطق نفوذ القطبين، كما حصل في البداية، مع كوريا الجنوبية، وإيران، وإيطاليا، على سبيل الإفتراض.

نأمل أن تتسارع صحوة ضمير من أطلق العنان لهذا الفيروس الوبائي الخطير حول العالم، وأن يعلن قريباً عن توفّر لقاحات مضادّة له، حتى تعود للإنسانية حركتها، وزهوها، وحلاوتها.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم