السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

عقارب الساعة

المصدر: النهار
لوتشيانا سعود
عقارب الساعة
عقارب الساعة
A+ A-

توقفت عقارب الساعة. توقف الزمن حول العالم. فاصلٌ أخذته البشرية حتى إشعار آخر، والسبب جرثومة فتّاكة. 

الحجر المنزلي الحلّ الأنسب حول العالم، ولم يعد اختياريّاَ إنما إجباريّ فرضته السلطات حول العالم وعطلت بذلك العجلة الاقتصادية والحياتية والانشغالات اليومية تصدياً للفيروس الذي اجتاح حوالي ١٥٠ دولة، وبلغ عدد المصابين به في لبنان حتى تاريخ 28/ 3/2020 ٤٩١ إصابة و ٧ وفيات. حتى إن بعض الحكومات انتشلت عن الطرق من لا مأوى لهم وكأنها وجدت حلاً مؤقتاً لأولئك المحتاجين، وكشف العالم عن إنسانيته وخصوصاً المجتمع اللبناني، فتجدد الحسّ الوطني التضامني والإنساني البحت، بعيداً من أي انقسام أو اختلاف، من خلال التبرعات والمساعدات المهولة.

إن الحجر سيف ذو حدين، فهو واقٍ يحمي بحسب العلماء الأجساد والصحة، إلا أنه يؤثر وبشكل سلبي على الصحة النفسية والعقلية للمجتمع. فالحجز بحد ذاته جمال مؤلم، فهو مقلق مخيف يبدل حياة الافراد دون سابق إنذار، فالعالم يعيش بحسب ما وصف أحد السياسيين، تحدياً هو الاصعب على البشرية من حيث المكافحة والتصدي، إذ إنه وبرغم التقدم الذي أُحرز حتى يومنا، لا علاج للكورونا .

يتحدث أحد العلماء النفسيين الفرنسيين ويفيد أن الحجر المنزلي المفروض يمثل اعتداء نفسياً، وأن الحياة ما بعد الوباء العالمي هذا لن تعود كما سبق، فيلاحظ عبر التاريخ أن الأوبئة أو الأزمات التي تؤثر سلباً على حياة الانسان وتؤدي إلى وفيات بنسبة عالية تؤدي إلى تحول ثقافي لدى المجتمعات .

فلن يعود السلام ببساطة كما قبل كورونا، ولن تعود الانشغالات بنفس الأهمية كما السابق، كما أن الحياة الاقتصادية ستتأثر لا محال، والديون ستتراكم، فهناك تحول حكماً عند استعادة نشاط هذه العجلة.

والافراد سيعتمدون تفكيراً وأسلوباً مختلفاً مغايراً عمّا سبق في حياتهم الاجتماعية بسبب ما خلّفه الهلع من جروح نفسية وفرض البقاء في المنزل ومشاهدة الطبيعة وملذاتها عن بعد.

وليس فقط على صعيد المجتمع اللبناني، إنما هذه المحنة عالمية، فإن تطور المجتمعات بعدها سيأخذ منحى آخر.

إلا أننا وفي هذه الأثناء ما زلنا في مرحلة المواجهة، وعلى جميع الافراد أن يعمدوا إلى تحفيز أنفسهم والمقاومة وعدم الاستسلام لليأس والوسواس، فالقلق هو نبض التشتت والسلبية، بل على البشرية إيجاد فسحة أمل أو حتى خلقها والتحلي بالصبر والرجاء، وعلى اللبنانيين، خصوصاً وأنهم تربطهم علاقات قوية وأهمها عائلية متماسكة، أن يتحلوا بالمسؤولية تجاه عيالهم الكبرى وتجاه مجتمعهم وصحته وحمايته، فلتقم كل عائلة مجتمعة في الحجر، إلى إعطاء نفسها الوقت للتأمل وتمضية الوقت مع بعضهم البعض او الاهتمام بما كان مهملاً أو لا وقت متاحاً للقيام به من ترتيبات ومأكولات وعناية خاصة أو حتى قضاء وقت لمشاهدة أعمال فنية مسلية، وإعادة استخدام كتب المكتبة المنسية، والاسترخاء والتمتع بالراحة التي لطالما كانت أمنية كل عامل، لأن ما اعتدنا عليه في زحمة الحياة من أشخاص وأشغال سنستعيدها عمّا قريب كلما التزمنا وأدركنا الآن حساسية الموقف لتبقى هذه المرحلة الصعبة في تاريخ العالم ذكرى نفتخر يوماً بأننا اجتزناها بوعي وإدراك .


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم