السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

بعد اقفال المطار... رلى حطيط تروي لـ"النهار" يوميات "كابتن" اعتادت التحليق

المصدر: "النهار"
بعد اقفال المطار... رلى حطيط تروي لـ"النهار" يوميات "كابتن" اعتادت التحليق
بعد اقفال المطار... رلى حطيط تروي لـ"النهار" يوميات "كابتن" اعتادت التحليق
A+ A-

السيدة التي حلقت في السماء على مدار السنة تجد نفسها محتجزة في "حبس"، كما يحلو لها أن تسميه، لكنه "حبس" مرتبط بقضية انسانية سامية تكمن في انقاذ البشرية من فيروس كورونا. آخر ذكرى للكابتن رلى حطيط قبل الحجر المنزلي هي المطار مطفأ الأضواء، برج المراقبة المظلم والطائرات المصطفة بصمت، احداها الى جانب الأخرى. "رؤية المطار وهو مقفل تفطر القلب بشدة"، يقول حزنها. المرفق الأكثر حيوية في لبنان استحال قفراً خالياً، وران صمت مطلق في أرجائه. إنها الحرب ضد خصم غير متوقع... كورونا.

قبل ثلاثة أيام من إقفال مطار بيروت تطبيقاً لقرار التعبئة العامة، كانت الرحلة الأخيرة للكابتن رلى حطيط. يومذاك كانت الرحلات لم تتوقف بعد، وإن تراجعت حركتها. غادرت حطيط المطار، لتعود فتراه مقفلاً عبر وسائل الاعلام. تصف تلك اللحظة بـ"المدمية للقلب". مشهد لم تعتده، وتدبير لم تألفه العاصمة منذ زمن. "كأن الزمن قد توقف". نسألها عن استئناف الطيران. لا إجابة محددة. "التعليمات تشير إلى أن معاودة الملاحة مستحيلة قبل 12 نيسان، بناءً على تعليمات الحكومة". في نفسها، ترجو حطيط العودة إلى العمل، فالانقطاع عنه محبط ومتعب. "قد تطول الفترة إذا لم يلتزم اللبنانيون بالحجر الصحي أولاً، وفي حال طالت فترة الحجر في البلدان التي طالها الوباء".

 "يوم أعلنت وزارة الصحة عن أولى الإصابات بفيروس كورونا، انقسم اللبنانيون إلى فئتين، الأولى لا تتمتع بوعي كافٍ، والأخرى مستهترة"، تقول حطيط لـ"النهار"، "في تلك الفترة، ومع الغياب الطبيعي للتعليمات الدقيقة من قبل الدولة وشركة الطيران بسبب عدم التعامل مع هذا الفيروس من قبل، كنت أحرص على ارتداء قفازين وكمامة لئلا ألتقط العدوى وأنقلها لعائلتي". هكذا، استمرت حطيط بأخذ التدابير الوقائية بعفوية، معقمةً قمرة القيادة باستمرار، إلى أن تم تشخيص اصابة أول طيار بكورونا في الشركة. يومئذٍ استدرك الطاقم وشركة "الميدل إيست" الموضوع، ووضعت الأخيرة مخططاً للسيطرة عليه، "خصوصاً أنه من المرجح أن يكون الطيار قد التقط العدوى من الطائرة". الوضع بدأ يصعب. وأمام الوباء، لا سلطان للوقت. عمدت حطيط وزوجها الطيار إلى تجنب ملامسة أبنائهما. "المشكلة أننا نتشارك المهنة نفسها، وعلى أحدنا على الأقل الاهتمام بالأولاد". ظلّ هاجس انتقال العدوى يرافقهما حتى توقفا عن الطيران.

في وقت أكد رئيس مجلس الوزراء حسان دياب أنه والحكومة مع عودة كل من يرغب إلى الوطن، خصوصاً بعدما ثبُت أن الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة اكتسبت ثقة داخلية وخارجية، تؤكد حطيط أنها "مستعدة لقيادة الطائرة التي ستقل اللبنانيين الراغبين بالعودة حين يطلب مني". تشدد على حقهم بالعودة، خصوصاً أن "عدداً كبيراً من الطلاب لم يعد قبل الإقفال لأن حكومات البلدان والولايات التي يعيشون فيها تأخرت بإعلان التعبئة وإغلاق الجامعات، في وقت كان قرار التعبئة العامة وإقفال المرافق لبنانياً قد اتخذ". لا تبدي حطيط أي تحفظ على قيادة الطائرة، بل أكدت أنها ستعود وتلتزم بالحجر المنزلي كسائر العائدين من الخارج، حفاظاً على سلامة عائلتها ومحيطها.

لعل أكثر ما يؤلم الكابتن حطيط اليوم هو الركود. "لا مجال للروتين في حياة الطيار"، تجزم. مذ عادت إلى بيروت لم تخرج من البيت. في اليومين الأولين للحجر المنزلي، كان الملل قاتلاً، لكنها سرعان ما وضعت "مخططاً للاستفادة من هذه الفترة يقوم على احتساء القهوة الصباحية والاطلاع على الأخبار، ممارسة التمارين الرياضية المنزلية، تحضير الطعام وتناول وجبة الغداء مع العائلة، ثم الكتابة وتعلم اللغة اليونانية والعزف على البيانو، يليها اللعب مع الأولاد ومشاهدة المسلسلات قبل العشاء والاطلاع على الأخبار المسائية والنوم". مع أن في المخطط شيئاً من الروتين الذي تفتقده يوميات الطيار، إلا أنه يسمح لحطيط بالاستفادة من وقتها والتخلص من الملل قدر الإمكان.

في رسالة للبنانيين، تطالبهم الكابتن حطيط بـ"االتزام الحجر المنزلي والاستفادة من هذه الفترة في قضائها مع من نحب". تعترف بالملل، وبأن الكل يعيش من دون هدف واضح اليوم. "أمامنا هدف سامٍ يجب العمل على تحقيقه، وهو المحافظة على صحة عائلاتنا ومن حولنا. هم لا يطلبون منّا أي شيء سوى هذا. أقدّم لأمي كبدي لو أرادت، لكنها لا تريد سوى التزامي بالحجر الصحي للمحافظة على صحتي وصحتها". تضحك لدى نعتها الوباء بـ"الهجوم". أصابت. "نسأل الله فرجاً ودرءاً لأي مكروه قد يصيبكم".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم