الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خاص "النهار"- طبيبتان ترويان أقسى لحظات مواجهة كورونا في مستشفى بشمال إيطاليا

المصدر: "النهار"
خاص "النهار"- طبيبتان ترويان أقسى لحظات مواجهة كورونا في مستشفى بشمال إيطاليا
خاص "النهار"- طبيبتان ترويان أقسى لحظات مواجهة كورونا في مستشفى بشمال إيطاليا
A+ A-

"تجاوز العمل الذي يقوم به الطاقم الطبي أقصى الحدود الممكنة في أول بؤرة لجائحة كوفيد-19 في إيطاليا"، فقد انتشر المرض الناجم عن فيروس كورونا المستجد في أكثر من 190 بلدًا حول العالم.

تُقدّم الفرق الطبية التابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود" المساعدة في مناطق متضرّرة متعدّدة في إيطاليا، وتوفر الدعم لثلاثة مستشفيات في أول بؤرة تفشٍ للفيروس في الشمال حيث تعمل الفرق على مكافحة العدوى ورعاية المرضى وإرشادهم عن بُعد. ويمتد كذلك دعمها إلى المرافق المعنية برعاية المسنين في وسط إيطاليا. فقد بدأت فرق المنظمة بتقديم الدعم للسلطات الصحية الإيطالية استجابةً لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".

وتركزت فرق المنظمة في أربعة مستشفيات في منطقة لودي بشمال إيطاليا التابعة لإقليم لومباردي، التي تعدّ بؤرة تفشي الوباء في البلاد. يتكون فريق منظمة "أطباء بلا حدود" في منطقة لودي الذي أرسل لدعم المستشفيات الإيطالية من مختصين في الأمراض المعدية، وأطباء تخدير وممرضين ومختصين لوجستيين، وهم ذوو خبرة عالمية في التعامل مع تفشيات الأوبئة من الدول التي تعمل فيها "أطباء بلا حدود". يعمل موظفو المنظمة بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية وطواقم المستشفيات في مدن لودي وكودونيو وكازالبوسترلينغو وسانت أنجيلو لوديجانو، على عدد من الأنشطة، منها الوقاية من المرض ورعاية المرضى.

تخبر الدكتورة كيارا ليبورا منسّقة المشروع في لودي، شمال إيطاليا قائلةً: "لدينا فريق من حوالى 25 شخصًا يعملون في منطقة لومبارديا، لا سيما حول المستشفيات في لودي وكودوغنو وسانت أنجيلو. إن النظام الصحي هنا متقدّم للغاية ولكن الفيروس تفوّق على كل محاولات التعامل مع العدد المتزايد من الحالات. أضحت اليوم طاقات المستشفيات منهكة، وازدادت سعة غرفة الطوارئ في مستشفى لودي لتضم 80 سريرًا حاليًا، ولكن بالرغم من هذه السعة الإضافية، تبقى الفرصة الوحيدة أمام دخول أي مريض جديد إلى المستشفى هي إمّا تعافي مريض آخر أو وفاته.

تتمثل مهمتنا الرئيسية في توفير الدعم للطاقم الطبي داخل المستشفيات. نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على صحة الأطباء والممرضين وسلامتهم، لأنه في حال أصابهم المرض، لن يتبقى أحد لمعالجة المرضى. لدينا خبرة كبيرة في الوقاية من العدوى ومكافحتها، اكتسبناها من مواجهة الأوبئة التي نعالجها في جميع أنحاء العالم. من هنا، نساعد على إنشاء مسارات وعمليات داخل المستشفيات للحرص على حماية الموظفين من العدوى وضمان عدم تعرّض السالمين منهم للإصابة.

التعاون لإنقاذ الأرواح من الموت!

نواجه جميعنا مرضًا يصعب تعلّم التعامل معه. لدينا اختصاصيون في الأمراض المعدية، وأطباء تخدير، وخبراء في طبّ الطوارئ يعملون بتكاتف ويتعلمون من أطباء المستشفى المشاركين في الاستجابة منذ البداية. يقف الأطباء والممرضون هنا في طليعة الجهود للقضاء على الجائحة ونجحوا بتطوير خبرة سريرية قيّمة للغاية. يمكننا التعلّم منهم لنكون أفضل استعدادًا لمكافحة هذا المرض في أماكن أخرى. ومن بين الأمور التي توصّل لها هؤلاء هو اعتماد أساليب تشخيص جديدة أثبتت فعاليتها في هذا السياق، مثل استخدام الموجات فوق الصوتية عوضًا من الأشعة السينية لفحص الرئتَين، تثبت أنها أكثر بساطة.

تجاوز العمل الذي يقوم به الطاقم هنا أقصى الحدود الممكنة. أذهلنا رؤية أشخاص يعملون على مدار الساعة، ويحاولون التكيف والتعلم والتعاون لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، بينما يُحيط بهم الموت من الجهات كافة.

القهوة والكرواسان للطاقم الطبي

يوجد مخبز صغير بالقرب من مدخل مستشفى لودي وتسنى لي بالأمس التحدّث إلى المالكة. تفتح المحل من الساعة الخامسة صباحًا حتى تتمكن من تقديم القهوة والكرواسان إلى الطاقم الطبي الذي أنهى النوبة الليلية. أخبرتني أن الكثير من الأطباء والممرضين يأخذون قهوتهم ثم يذهبون ويجلسون في زاوية ويجهشون بالبكاء في محاولةٍ للتنفيس عما في داخلهم بالدموع، علّهم عند عودتهم إلى منازلهم لرعاية أسرهم ينجحون بإخفاء مدى صعوبة الوضع على من يحبون".

من جهتها، تخبر الدكتورة كلوديا لوديساني، رئيسة "أطباء بلا حدود" ومنسّقة حالة الطوارئ المرتبطة بفيروس كوفيد-19 في إيطاليا أنه "عندما وصلنا إلى لودي، في شمال إيطاليا، اتّضح لنا على الفور مقدار الصدمة النفسية عند الموظفين الطبيين. أرادوا أن يتحدّثوا عن الأزمة، وعما قاسوه على الخطوط الأمامية من الاستجابة لحالة الطوارئ هذه لمدة أسبوعَين أو ثلاثة أسابيع. لم يسبق لهم أبدًا المرور بحالة مشابهة، وسرعة تواتر الأحداث أصابتهم بصدمة حقيقية.

حماية العاملين في الخطوط الأمامية

استطعنا الاستماع إليهم والتعاطف معهم لأننا نعرف فعلًا ما يعنيه ذلك. إنّ التمكّن من التحدّث والبكاء أمام أشخاص يفهمون فعلًا ما يختبره المرء يعتبر أمرًا بالغ الأهمية. يسمح لهم ذلك بإدراك أنهم ليسوا بمفردهم ويمدّهم بالقوة لمواصلة عملهم.

الخطوة الأولى في التصدي لتفشٍ كهذا هي حماية العاملين في الخطوط الأمامية. فمن دونهم، يستحيل الاستجابة للجائحة. يُصاب الآلاف من هؤلاء العاملين الصحيين بالمرض في جميع أنحاء البلدان المتضرّرة، ولذلك، يُعدّ الحفاظ على سلامتهم وصحتهم وضمان عدم إصابتهم أمرًا أساسيًا.

بالنسبة إلي شخصيًا، أعتبر تعرّض كبار السن بالأخص للإصابة بمرضى كوفيد-19 أمراً مؤثّراً ومأسوياً للغاية. عندما تصل إلى جناح المستشفى وترى أمامك 80 أو 100 شخص مسنّ يظهر عليهم الضعف، تشعر بانزعاج مؤلم. هم معزولون عن أسرهم حتى أثناء معاناتهم جرّاء هذا المرض. خلّف ذلك أثرًا كبيرًا في نفسي. في الحقيقة ستخّلف هذه الجائحة في أنفسنا، في كل واحد منا في منظمة "أطباء بلا حدود" مشاعر مختلفة، وسيتغير العالم بأسره للغاية".

قدمت "أطباء بلا حدود" دعمها للاستجابة في إيطاليا لكونها إحدى الدول الأكثر تضرراً بجائحة كوفيد-19. وتعمل فرقنا تضامناً مع الشعب الإيطالي ومختصي الرعاية الصحية العاملين على الخطوط الأمامية في الاستجابة للجائحة لوقف التفشي. كما أن أطباء بلا حدود على تواصل مع السلطات الصحية في بلدان أخرى نعمل فيها بخصوص جائحة كوفيد-19. ونظراً لحجم الجائحة فإن قدرة "أطباء بلا حدود" على المساعدة في بلدان أخرى ستعتمد على طبيعة التفشي وكذلك على مدى إمكانية إرسال طواقمها.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم