السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"شاعر الشعب المتألّم" عمر الزعنّي: ما أشبه اليوم بالأمس!

سليمان بختي
Bookmark
"شاعر الشعب المتألّم" عمر الزعنّي: ما أشبه اليوم بالأمس!
"شاعر الشعب المتألّم" عمر الزعنّي: ما أشبه اليوم بالأمس!
A+ A-
تصادف هذه السنة الذكرى الـ125 لولادة الشاعر والفنان عمر الزعني (1895 - 1961) الذي ذاع صيته في مطلع القرن العشرين كشاعر شعبي انتقادي ساخر وعبّرت أشعاره عن صوت الناس وضميرهم. لقب بـ"شاعر الشعب"، واستطاع أن ينقل الموقف الشعبي من السلطة والأحداث وتحولات الزمان والمكان والمجتمع. قال عنه أمين الريحاني "عمر الزعني ليس بمغنٍّ بل فيلسوف". نستعيد تلك الظاهرة التي لم يعرف لبنان لها مثيلاً.ولد عمر الزعني في رمل الظريف، حي البطريركية في بيروت عام 1895. والده الشيخ محمد الزعني، تاجر الحنطة. درس في مدرسة الشيخ أحمد عباس الأزهري ثم في الكلية الإسلامية ونال شهادة البكالوريا عام 1913. أسس فرقة "المزيكا" في المدرسة ولفتت موهبته الشيخ الأزهري وكان من زملائه في الدراسة الشهيدين عمر حمد وعبد الغني العريسي. تخرج سنة 1941 في المدرسة الحربية في حمص وعيّن ضابطاً إدارياً في الجيش العثماني. ودخل بعد الحرب إلى جامعة القديس يوسف في بيروت وتخرّج فيها محامياً عام 1920. وكان من رفاقه في اليسوعية الرئيس كميل شمعون والرئيس عبدالله اليافي. افتتح مكتباً للمحاماة في شارع المعرض مع صديقه الأديب عمر فاخوري وأطلق عليه اسم "مكتب العمرين". بدأ نشر الشعر باسم مستعار هو "حنين" بعد أدائه دور حنين في مسرحية "جابر عثرات الكرام" للشيخ رائف الفاخوري 1923. وعرضت المسرحية في مسرح الكريستال في بيروت.لبث حبّه لبيروت مختلفاً وفي قلبه زاوية مضيئة للمدينة وشوارعها وبيوتها وياسمينها. كان يريد لبيروت أن تبقى نقية، فكتب: "يا ضيعانك يا بيروت/ الجهال حاكمين/ والارذال عايمين/ والأنذال عايشين/ والأوادم عمّا تموت/ يا ضيعانك يا بيروت". هذا الكلام عمره من بداية القرن الماضي، فما عسانا نقول اليوم؟ لما استبدّ به اليأس، كتب: "بيروت زهرة في غير أوانها/ بيروت ماحلاها وما حلا زمانها/ بيروت يا حينها ويا ضيعانها/ تدبل على امها وتموت بيروت". لصدقه أحبه الناس وصدّقوه وصاروا يهتفون: قال الزعني، وأنشد الزعني، وغنّى الزعني، وآه يا زعني.تمتع بموهبة شعرية حقيقية وحسّ شعبي عميق وقدرة على نقل الواقع بصورة كاريكاتورية. إضافة إلى شخصيته المميزة وصدقيّته وحضوره وإتقانه الأداء الغنائي لشعره ولفن الالقاء، إذ اعتاد أن يلقي قصيدته قبل تنغيمها ومرافقة الموسيقيين لها. وكان يستعين ببعض الإشارات والإيحاءات والايماءات. كأن يقول كلمة ويقصد عكسها كما في قصيدته في المفوض السامي الفرنسي الكونت ده مارتيل. خاض صراعاً بلا هوادة مع الانتداب الفرنسي وأعوانه ولم يترك للصلح مطرحاً وتحدّى بشعره سلطات الانتداب ووجد بين الناس صدى لصوته فضيّقوا عليه وهدّدوه واعتقلوه ولبث عند رسالته الوطنية: "ده مارتيل سبع الليل/ زاد الخير بإيامو/ زاد الوزن وطفح الكيل/ يحيا الكونت دي مارتيل". صفق الحضور وضحكوا لكلمة سبع الليل التي تطلق لدى العامة على الجرذ. أوصل الوشاة الأمر إلى المفوض السامي وأبلغوه أن الزعني يصفه بأنه جرذ فغضب وهدّد وطلب ترجمة القصيدة. وعندما قرأها لم يجد فيها ما يمسّ به بل مدحاً لشخصه. وعبرت القصة على خير بفضل التورية وأسلوب الزعني المتفرّد. ولما فرضت فرنسا التعامل بالفرنك الفرنسي بدلاً من الذهب وتدنّت قيمة العملة الوطنية، كتب: "حاسب يا فرنك الله يخليك/ ويرفع مقامك ويعليك/ ويهديك بقى على مين يهدّيك/ قبل ما نفلس يا شريك/ طفرانين...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم