السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

كورونا يرهق فرنسا... وهذا ما يخشاه الجسم الطبّي

المصدر: "النهار"
باريس - سمير تويني
كورونا يرهق فرنسا... وهذا ما يخشاه الجسم الطبّي
كورونا يرهق فرنسا... وهذا ما يخشاه الجسم الطبّي
A+ A-

هل ستكون نتيجة وباء "كورونا" في القرن ٢١ مثل نتيجة وباء "الإنفلونزا الأسبانية" التي قتلت مئات الآلاف من المصابين بالوباء خلال بداية القرن الماضي؟

إنها المخاوف التي يعمل عليها الإختصاصيون في علم الوباء الذين عيّنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أجل إرشاده وإنارته قبل اتخاذه القرارات الضرورية لمحاربة هذا الوباء.

ويعتبر هؤلاء أنه من دون التزام الحجر الصحي يمكن أن يصل عدد المتوفين من جراء الإصابات بهذا الوباء ما بين ٣٠٠ و ٥٠٠ ألف شخص في فرنسا؛ وهي الأرقام القياسية في حال انتشاره بشكل كامل، وإصابة نصف سكان فرنسا به، وتشكل أيضاً أعلى نسبة ممكنة من عدد الوفيات، إذ لا تأخذ بعين الاعتبار الحجر الصحي الذي تم تطبيقه بشدة في فرنسا ابتداء من بعد ظهر نهار الثلاثاء الماضي، لوضع حد لانتشاره.

وتأخذ السلطات الفرنسية بعين الاعتبار أنها ستكون بحاجة إلى عدد كبير من غرف العناية الفائقة، أي بين ٣٠ إلى١٠٠ ألف سرير عندما سيصل الوباء إلى أشده. ويوجد حالياً في المستشفيات الفرنسية ٥ آلاف غرفة إنعاش و ٧٣٦٤ غرفة عناية فائقة. وقد يطلب الرئيس ماكرون من الجيش بناء مستشفيات ميدانية في المناطق التي سينتشر فيها الوباء بكثرة، لمساعدة الجسم الطبي الفرنسي.

هذه هي نتائج دراسات عديدة تقدم بها عدد من الأخصائيين لمجابهة الوباء، وقد استشارهم الرئيس ماكرون قبل اتخاذ قراره في ١٢ آذار الماضي قبل الإعلان عن إقفال المدارس والجامعات الفرنسية، والإعلان عن حالة استثنائية.

وتشير مصادر طبية إلى الاختلاف في الرأي حول هذه الأرقام بين الأخصائيين الذين استشارهم الرئيس، نظراً إلى أن هذا الانتشار للوباء هو حالة استثنائية لم يعرفها العالم منذ عقود. غير أنهم اتفقوا على إقفال المدارس في المرحلة الاولى ابتداء من الاثنين الماضي؛ وبعد استشارة أخرى، أعلنت الحكومة بعد يومين، إقفال المطاعم والمتاحف ودور السينما، ليعلن بعدها الرئيس من جديد، في تطور لافت، الحجر الصحي ابتداء من ظهر الثلاثاء الماضي وإقفال الحدود . وهذه القرارات المتتالية تشير إلى التخبط الذي تعيشه السلطات الفرنسية أمام انتشار الوباء. قالقرارات تتخذ وفقاً للتطورات الميدانية.

وقد اتُخذ قرار الحجر الصحي حتى نهاية الشهر الحالي، وربما يجدَّد أسبوعين إضافيين على أقل تقدير حتى الموعد المحدد لإعادة فتح المدارس في ١٢ نيسان المقبل الذي قد يمدد هو أيضاً حتى موعد لاحق، وذلك وفق تطورات انتشار الوباء.

والسؤال الذي أثار جدلاً كبيراً في فرنسا منذ نهاية الاسبوع الماضي هو: لماذا لم يتم تأجيل الانتخابات البلدية خاصة بعد إعلان المرشحة على عمدة باريس، وزيرة الصحة السابقة أنياس بوزان، التي أعلنت الثلثاء الماضي أنها ترشحت إلى الانتخابات مع علمها المسبق أن هذه الانتخابات لن تحصل في تاريخها المقرر. وأوضحت أنه كان يعود للحكومة أن تعلن تأجيلها قبل اسبوع من موعد انعقادها. وكانت بوزان حذرت الرئيس الفرنسي خلال شهر كانون الثاني من عدم إمكانية حصول هذه الانتخابات في موعدها لانتشار الوباء، فردّ رئيس الوزراء ادوار فيليب بقوله إنه تم استشارة الاخصائيين ورؤساء الاحزاب السياسية الذين اعتبروا انه لا يوجد سبب لتأجيل هذه الانتخابات.

ويعتبر اخصائيون في علم الوباء أن القرارات المقبلة التي ستتخذها السلطات الفرنسية هي وفق تعامل الفرنسيين واحترامهم للارشادات التي أعلنتها وزارة الصحة. وهذا ما دعا إليه الرئيس في كلمته الاخيرة نهار الاثنين الماضي، لأنه لا يمكن تقدير النتائج فوراً وهي مرتبطة بتطور المرض الذي يحتاج إلى عدة أيام لتثبيته. ويبدو أن عدد المصابين سيزداد خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة. وما يمكن استنتاجه اليوم ليس مؤكداً غداً. وما يخشاه الجسم الطبي الفرنسي أمام زيادة عدد المصابين ليس عدد الأسرّة المتيسرة لاستقبال المرضى بل الجسم الطبي المرهق. وهناك دعوة للاطباء المتقاعدين والممرضات لتقديم المساعدة لهذا الجسم الطبي العامل، فالمهم هو الصمود في المجابهة، ليس يوماً أو يومين بل عدة أسابيع.

وتعمل مؤسسة باستور بالتعاون مع العديد من المختبرات الدولية لإيجاد لقاح ضد هذا الوباء، وهناك آمال معقودة إذ بدأت تجارب مخبرية، لكن أي استخدام للقاح يتطلب أشهرا لاختباره. والسؤال المطروح من دون أن يلقى جواباً حتى الان هو: كيف يمكن مجابهة الدفعة الثانية من هذا الوباء الذي انتشر بشكل عالمي من دون أدوية ولقاح؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم